في الثالث من مارس 2023، تحتفل قناة العربية بعيد ميلادها العشرين. ففي العام 2007، في حي الفرح في مدينة الدارالبيضاء كبرى مدن المغرب، كانت أول تغطية ميدانية صحافية من النوع الثقيل جدا، في تاريخي المهني مع العربية من المغرب، ضربات إرهابية لانتحاريين، وانتحاري يفجر نفسه على بعد 100 متر من تجمع للصحافيين المغاربة. نجوت من الموت في يومها، لأن جسدي شعر بقوة الانفجار الإرهابي الانتحاري، كانت ضريبة مهنية ثقيلة، ولكن العمل الميداني يفرض تضحيات من أجل الاستمرارية. من أصعب التغطيات الصحافية المهنية الميدانية، تتبع تفاصيل الإرهاب، خصوصا في بلد يتميز بالاستقرار مثل المغرب، ويبقى غالبا بعيدا عن العناوين البارزة في نشرات الأخبار العالمية. ففي نونبر/ نوفمبر 2006، بدأت سفرا مهنيا، من المغرب، ولا يزال مستمرا، مع مدرسة إعلامية عربية اسمها العربية، فاليوم لا يمكن تصور المشهد الإعلامي العربي والعالمي من دون قناة العربية، لأن القناة قدمت أسلوبا مختلفا في معالجة الأخبار. لازلت أتذكر أول تقرير لي على شاشة العربية، عن نضالات الحركة النسائية المغربية، في الترافع عن حقوق المرأة، في العقد الأول من القرن 21، لتتوالى القصص عبر سنوات من العمر. فتحت لي العربية باب تحويل الأحلام إلى تمرين تطبيقي يومي، بعد عامين اثنين من التخرج من معهد للتكوين الصحافي، في العاصمة المغربية الرباط، وسط غياب وقتها لفرص مهنية إعلامية مغربية محلية، قادرة على الاستجابة لطموحات الخريجين الجدد، المتعطشين للتطور المهني. وتوالت السنوات، ومعها تغطيات صحافية مغربية لشاشة العربية، بقصص سياسية واقتصادية ورياضية واجتماعية وإنسانية، ودائما يتجدد الشغف لتقديم التفاصيل، والحفاظ على القواعد المهنية، واحترام غرفة أخبار كبرى، تتطلع دائما صوب الأفضل، وتدفع الصحافي المراسل الميداني لتقديم الأفضل. فمن أقصى العالم العربي، على ضفاف المحيط الأطلسي، كان الحرص اليومي على تقديم تقارير وقصص مغربية، وتقريب المسافات اللغوية والجغرافية، وإزالة الصور النمطية، وتقديم تراكمات مغربية وتجارب مغربية وثقافات مغربية. وبالرغم من التحولات الراديكالية التي يعرفها الإعلام في العالم، مع هيمنة مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن العربية بقيت عائلة كبيرة تمكنت من تقديم منصات بمحتوى إعلامي مهني واحترافي يواكب التطورات، ولا يتنازل عن قواعد العمل الصحافي. أعتقد أن العمل الصحافي المهني، شغف يومي لا يتوقف، في مهنة تتطلب الكثير من نكران الذات، من أجل التمكن من رواية قصص، وتقديم تقارير عن قضايا خلافية، ورواية حكايا لها آلاف من السنين. لا يمكن تصور المشهد الإعلامي عربيا وعالميا من دون قناة العربية، لأنني أعتبر العربية عائلة مهنية تكبر كل يوم أكثر ، لتقدم للمشاهدين الأفضل.