ربما ما يلاحظ هو تكرار نفس الإجراءات كل مرة في برامج دول العالم الثالث الرامية للقضاء على البطالة. فنجدها لا تبتعد كثيرا عن تقديم تساهلات ونازلات ضريبية مغرية للمستثمرين الأجانب والمحليين، رغم أنها للأسف تكون على حساب الوضع الاجتماعي للشغيلة. أو بأن يتم دعم حاملي المشاريع، أو بدعم المقاولة المتوسطة والصغرى الموجودة أصلا، أو كل ما سبق دفعة واحدة. فنلاحظ أن كل هذه الإجراءات التب تتعنون غالبا تحت مسمى الإصلاحات، يكون لها تأثير غير واضح المعالم وهزيل في الغالب. ففي دول العالم الثالث نجد مثل هذه الأرقام، فتكون الأرقام غير بعيدة عن هكذا نموذج. 11.40بالمئة هو معدل البطالة و39 بالمئة هو معدل العمالة الحالي في 2022، بينما قبل الجائحة فترة دخول سنة 2020 نجد 11.40 بالمئة معدل البطالة و41.2 بالمئة معدل العمالة. مقابل 14 بالمئة معدل البطالة و48 بالمئة معدل العمالة قبل سنة 2000، أي نلاحظ ارتفاع ملحوظ لنسب البطالة مع انخفاض لمعدلات العمالة مع الوقت، رغم أن منطق وطريقة حساب نسبة البطالة هذه تحتاج نقاش طويل، حيث تعرف العاطل أنه كل من يطالب بعمل بالطرق الرسمية. فأنا هنا أستعرض خطة متواضعة نسجتها من قناعاتي وأفكاري وتحليلي المتواضع للواقع، تبين الفلسفة الحقيقية التي يمكن للدول العالم الثالث القضاء على البطالة، مع بعض الأرقام المعتمدة بهذا المجال، وهي كمحاولة مني موجهة لمن يقاسمني هم الأوطان ومواطنيها، وهي بمثابة رسالة أممية لي ونموذج للتاريخ يسطر الخطوط العريضة، أي السياسات العامة والعمومية للاقتصادات والمجتمعات. وهنا أكد على ضرورة احترام ترتيب هذه الإجراءات حسب ما سياتي في هذا المقال، لتنزيل الخطة بشكل سلس، بجهد أقل وانسيابية أكثر. 1-هيكلة القطاعات من الضرورات الملحة هي الهيكلة والمأسسة، فمن الضروري وجود إطار قانوني يؤطر وجود الفرد في منظومة الشغل والتشغيل. فبدول العالم الثالث ربما تكون أنشأت العديد من البرامج والمشاريع لإنشاء المقاولات، ويمكن اعتبارها رافعة أولية ممتازة من ناحية الأهداف والشروط والبيئة، غير أن الاقبال عليه يكاد يكون حكرا على فئة الشباب المستفيد من التكوين المهني أو الدارس حتى الثانوي، أي ذوي مستوى دراسي وتعليم مقبول، حيث يلاحظ أنها الفئة التي يزداد احتمال اقتناعها بالمشروع، نظرا لطبيعة التواصل لديها وكيفية تفكيرها ذو الحس الشبه مؤسساتي. حيث نجد الفئة الكبيرة من شغيلة هذه الدول التي تتنكه طبيعة اشتغالها نوعا ما بالمياومة، لا يكون لها الحظ للاستفادة من هذا المشروع أو حتى الفرصة لمعرفة وجوده، نظرا لكونها تعاني نوعا ما من الأمية الرقمية والقانونية وحتى المؤسساتية، وللأسف يصادف هذا مسؤوليتهم في إعالة أسر بأكملها. ورغم أن هناك العديد من برامج الدولة التي يضطر فيها رب الأسرة هذا للتصريح بعمله، إلا أنه يبقى استفهام عدم تكوين رؤية واضحة ودقيقة تساعد في بناء تصور لإدماجهم بطريقة صحيحة وحداثية بسوق الشغل. وهذا أيضا ما يضع استفهاما حول نجاعة وقيمة الإضافات والتعديلات التي تتم في مدونات شغل هذه الدول، والإصلاحات الضريبية وانعكاساتها على مواطنيها، في ظل طبقة شغيلة عريضة تعمل خارج نطاق المنظومة المهيكلة والرسمية بالنسبة للحكومة. فعلى سبيل المثال، مياوم البناء يجب تمكنيه من حقه في الحصول على موقع وسط منظومة الشغل بصيغة الإجبار مع تسهيلات ضريبية ورسومية. فمثلا، يجب على هذا البناء حيثما حل اصطحاب عقد أو كتاب تشغيل يبين نوع الخدمة ومكانها كي يوقع المستفيد منها، كنوع من التوثيق الشبه محكم. هذا يمكن أن يخلق بيئة مثالية للحماية الاجتماعية والتامين عن كل مكروه في اختصاص التأمين الاجباري. على أساس أن تفرض تنسيقيات ترابية شبه خصوصية هي مقصد أي يشخص يريد القيام بإصلاحات أو اعمال بناء، مع ضرورة توفير لها كل أسباب النجاح المعقولة. 2-الضغط على رؤوس الأموال الخاملة إنه لمن الضروري الضغط على الأموال والعقارات الجامدة، تحديدا التي لا يؤثر تقلبها على جودة حياة واستقرار مالكها، كون خمولها لا يخدم لا الفرد المالك لها ولا المجتمع، حتى هذه الدول لا تستفيد سوى من بعض الضرائب الهزيلة مقارنة مما ستربحه إذا ما تم دفع هذه الرؤوس الأموال من بؤرة الحياد والخمول نحو منطقة الاستثمار. وطبيعة الضغط يمكن أن تكون بالإجبار بأليات الاشتراكية، أو بالضرائب بأليات الرأسمالية، وهذا يأتي في إطار ضرورة خلق دينامية صحية للأموال. صحيح أن المقاومة ستكون قوية ومركزة، لكن يمكن استهداف الطبقة المتوسطة المائلة للبرجوازية كنوع من التدرج في التطبيع مع هذه العقيدة الجديدة للاقتصادات دول العالم الثالث، على أمل أن تكون شاملة للجميع، مع تعزيز بعدة قرارات موازية تمتص توجس الطبقات الغنية من هذه العقيدة. فاستهداف الطبقة المتوسطة سيقلل الفوارق والبعد الطبقي من النصف السفلي من هرم الطبقات الاجتماعية، لذلك ستكون جبهة مثالية لفرض السيولة الصحية على مختلف اللوبيهات بالطبقات البرجوازية والغنية، وتوجيه الأنظار تجاهها، بالتالي تفعيل الرقابة الذاتية والمتبادلة وتقزيم الجرأة تجاه التجاوزات. فبخصوص الضرائب خصوصا على المستثمر الوطني أو المقيم، فأنا أظن أنه عوض التركيز الضرائب في أرباح الشركات التي تشهد الظواهر المشبوهة بهذه الدول، يجب أيضا توجيه الأنظار لثروات الأفراد بهذه الدول، عبر فرض ضريبة على تطور الحسابات البنكية، والتي تكون على شكل رساميل مصيرها الخمول. فكل هذا سيساهم في خلق دينامية وطنية قائمة على نفسها أكثر من المستثمر الأجنبي أو المستثمر المحلي الجشع، مع جو أكثر نجاعة من الشفافية والقابلية للمساءلة. دون تنازل على العدالة الضريبية المطلوبة، والعدالة هنا ليس المساواة، بل على الضريبة أن تتصاعد بالضرورة مع الثروة. لكن يجب تكريس المساواة الضريبية وانفاذها بشكل محكم كدرجة انتقالية نحو العدالة. 3-الوكالة الوطنية للاستثمار بالمقاولة الصغيرة والمتوسطة فما قلناه سابقا يحتاج ثقة كبيرة في المؤسسات وبين الفئات المستهدفة، فأنا أظن أنه يمكن تعزيز الثقة تجاه هذه القرارات بخلق وكالة حكومية للوساطة بين: -المستثمر -المقاول الصغير أو المتوسط -الموظف أو اليد العاملة. ويجب مواكبة هذه المؤسسة بتقويتها وتمتينها لتكون لاعبا حيويا في دينامية الجهوية المتقدمة، وجعلها في نظري في وضع توأمة وتنسيق يخلق بشكل أساسي تلاث أقطاب: القطب الأول: -جهات ومؤسسات الدراسة وتتبع الاستثمارات – جهات ومؤسسات الضرائب – جهات ومؤسسات تتبع ومسح العقارات القطب الثاني: -جهات ومؤسسات إنعاش التشغيل (قسم المقاولين) -جهات ومؤسسات الاقتصاد المتتبعة للتجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي -جهات ومؤسسات جهات التكوين المهني القطب الثالث: -مديريات التشغيل والشغل واختياري لهذه المؤسسات يأتي كنوع لتقاسم الأدوار، حيث سيتكلف القطب الأول الضام لجهات ومؤسسات الدراسة وتتبع الاستثمارات، جهات ومؤسسات الضرائب، جهات ومؤسسات تتبع ومسح العقارات بتأطير المستثمر أو صاحب الرأسمال الخامل. بينما سيتكلف القطب الثاني الذي يضم الضام لجهات ومؤسسات إنعاش التشغيل (قسم المقاولين)، جهات ومؤسسات الاقتصاد المتتبعة للتجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي، جهات ومؤسسات جهات التكوين المهني. بتكوين حاملي المشاريع التكوين المقاولاتي اللازم. بينما القطب الثالث لمديريات التشغيل والشغل ستتكلف بإعداد الموظفين الواضعين لملفاتهم قصد التشغيل، وتكوينهم التكوين القانوني والأخلاقي الأولي لولوج فرصة الشغل . وكتوضيح أعمق لرأيي لدور هذه المنظومة المكونة من تلاث اقطاب في هذا المشروع، فلنفترض أن هناك ملف لرأسمال عبارة محل قابل أن يكون محل تجاري، ولحد الان لم يستغل بعد أو غير مستغل ومالكه غير مستعد لتدبير استغلاله وفق القوانين المنظمة لذلك. فمسطرة إدماج ستكون عبر: – القطب الأول القطب، الذي يجب أن يقوم بتلات مهمات أساسية، وهما: المهمة الأول: أن يحدد عدد الافراد الذي يمكن للمحل أن يستوعبهم بناء على طبيعة المشاريع التي يمكن أن يستوعبها. المهمة الثاني: أن يتوأم الملف الأول الذي هو عبارة على وعاء عقاري مع ملف اخر عبارة عن رأسمال مالي قصد إقلاع المشروع واستمراره. المهمة الثالثة: وضع تنسيق مع الجهات المختصة لوضع شروط لا تسمح لفئة من الأنشطة والمشاريع أن تطغى عن نسبة معينة في رقعة جغرافية محددة سواء كانت ضمن الوكالة أم لا، كإجراء احترازي من الانكباب حول المشاريع التي تعتمد على يد عاملة أقل. -القطب الثاني، الذي يجب أن يقوم ب: مهمة النظر في المشاريع المتاحة ذات الآمال المعقولة، وخلق نوع من التباري حول هذين الرأسمالين المؤتمنان عليهما، بناء على طبيعة المشاريع التي يمكن أن يستوعبها. -القطب الثالث، الذي يجب أن يقوم ب: مهمة خلق جو من التباري بين الموظفين واليد العاملة حول هذه مناصب الشغل التي خلقت. فمبدئيا هذه الخطة ستخلق فرص جد ثمينة لإحاطة عدة ظواهر سلبية إذا ما بدأت الوكالة تبث في المقاولات المشتغلة أصلا لإعادة تقييم سيرورتها، وعلى سبيل المثال: ظاهرة تشغيل الأطفال، ظاهرة التشغيل بأقل من الحد الأدنى للأجرة، ظاهرة التشغيل دون تغطية صحية ولا ضمان اجتماعي. 4-نظام تجارة وخدمات وطني إجباري يجب احداث نظام دفع واستخلاص وطني، يرتكز على أن لكل فرد واجب المساهمة في إنعاش دورة مالية تشمل جميع المستهلكين وجميع التجار ومقدمي الخدمات، المنضوين تحت تصنيف المقاولة الصغرى والمتوسطة. فمثلا كل فرد بين 12 سنة إلى 18 سنة مجبر على شحن بطاقة ائتمانية خاصة بالمشروع، بقدر مادي لا يقل على 150 درهم كل شهر، بينما كل فرد يفوق سنه 18 سنة مجبر على شحن نفس البطاقة الائتمانية الخاصة بالمشروع بقدر مادي لا يقل على 250 درهم كل شهر. حيث يجب جعل هذه البطاقة لا تصرف حمولتها إلا لدى المحلات أو بشكل أدق المقاولات التي لديها وسائل الاستخلاص التابعة لهذا النظام، وأن يكون لكل محل حد أقصى للصرف إذا ما بلغه فعليه تعليق نشاطه بالنظام والرجوع للوضع الاعتيادي. كنوع من تشجيع الفرد للبحث على جميع التجار ومقدمي الخدمات المتبنيون للنظام الكائنة في محيطه، وأيضا كنوع من ضمان حد أدنى من الزبائن ومن المدخول لهؤلاء المقاولين. بالتالي ضمان أكبر لاحترام السميك بالنسبة للمستخدمين. كما لا ننسى أنه سنرسخ ثقافة جد هامة، وهي ثقافة الاستهلاك الداخلي والوطني، مع خلق فرص أكثر لتعزيز تجربة مشروع "صنع في ذلك البلد". 5-الاستثمار في قيم المجتمع والأسرة (المجتمع الإسلامي) أظن ان أي اقتصاد لا يعكس المجتمع فهو اقتصاد فاشل، فإما سيمسح هوية المجتمع ليستمر بارتياح، أو سينهار في أول صدمة ستواجهه لضعف التأييد المجتمعي له. لذلك من الواجب القيام على اقتصاد متصالح مع هوية وقيم ومجتمع الدولة التي ينتمي إليها. وبما أنني ازددت في مجتمع إسلامي الديانة والهوية، فأنا أظن أن الذكورية في توزيع فرص الشغل في ظل مجتمع ذكوري لابد منها. فأنا أنتصر لمبدأ الكفاءة أثناء التعيين في المسؤولية التي تحتاج قدرات فكرية وقيادية معينة، وأيضا حتى في بعض المهن التي تتطلب مستوى ابداعي معين، دون تحيز لا للمرأة ولا للرجل فالبقاء للأكفأ. لكن إطغاء الرجل في الوظائف أساس لا مهرب منه، إذا أردنا الحفاظ على الهوية الوطنية وعلى التماسك الاجتماعي الإسلامي. وهنا أقصد وظائف التي تتسم بالروتين والميكانيكية وعدم الإنتاجية خارج سقف المؤسسة المشغلة والقانون المؤطر، وأيضا التي تتسم بهدفها لتوفير مدخول كرامة للموظف واليد العاملة. وهذا ليس على الإطلاق طعنا في أهلية المرأة، لأن المرأة للأسف يتم النظر إليها غالبا عبر الرأسمالية على أنها جنة ضريبية واستهلاكية، نظرا لطبيعتها الاستهلاكية التي في الغالب تكون تحت وطأة الضغط الرأسمالي ميكروية، إلا أنها مساهم جد فعال لترويج قطاعات لا تستفيد منها دول العالم الثالث ما تستحق. وكذلك يتم النظر إليها من طرف المشغل على أنها صمام الأزمات المالية والإنتاجية. لأن الرجل في الغالب يقاوم الكثير من التصرفات والسلوكيات، التي تضرب في كيانه الرجولي والتزاماته الدينية والمعنوية والفطرية-السيكولوجية، الظرفية منها والمستقبلية. لهذا أظن أنه جاء وقت تفعيل قيمة قوامة الرجل من جديد، التي يستشعر عبئها الرجل ونجد المرأة تتنصل بها من الواجبات التي تفرضها سيرورة المساواة. فإنه من الإسراف وغياب الرشد أن تقوم هذه الدول بمجهود جبار لتسويق المسواة، ثم مجهود جبار لتبنيها في السياسات العمومية، ثم مجهود جبار اخر لإقحامها في التشريعات. بينما الية القوامة أفضل الية يمكنها إنفاذ السلم الاجتماعي والمعيشي، على الأقل في الدول الاسلامية، إذا ما استثمر فيها ثمن ما تم وضع في انفاذ المساواة، فسنجد انتهاء اغلب المشاكل والماسي التي نعانيها، خصوصا المتعلقة بدخل الفرد أو رب الأسرة. فالأسرة لا يمكن لها أن تستقر وأن تسير بشكل متزن في ظل تباين تحصيل الموارد إن كانت لصالح الأنثى، لأن علم النفس والاجتماع يؤكدان بشكل قوي على أن سيكولوجية المرأة لا تسمح لها أن تستقر سوى مع رجل أعلى قيمة اجتماعية منها وأكثر توفيرا للموارد منها، والواقف أمام هذا التسلق في الأصل هو المجتمع وقيمه. أما الان في ظل تسيب وتميع القيم نجد فئة قليلة من النساء تؤول للمعزولة تستطيع أن تواجه هذا الطبع، إما بالقناعات الراسخة بفضل الوازع الديني أو التربية أو بإقناع نفسها بالمنطق أحيانا على ضوء تجاربها العاطفية السابقة. فإذا وضعنا أمامنا شخصين، الشخص الأول إذا أعطيته وظيفة براتب محترم، فستكون أولوياته حصرا في تحقيق ذاته مع مساعدات مؤقتة ومتذبذبة للغير. والشخص الثاني إذا ما أعطيته وظيفة بمرتب محترم، فستكون أولوياته في تحقيق ذاته مؤقتة، ومع الوقت سيستشعر التزاماته الدينية والمعنوية والفطرية، وسيسعى لتحقيق ذاته وذات أبيه وأمه وإخوانه وأخواته العازبات وزوجته وأبنائه وأصدقائه أحيانا. وهنا أقصد بالشخص الأول المرأة والشخص الثاني الرجل. وما أقوله يصدقه الواقع وبشدة. فلحكومات بلدان العالم ككل خصوصا الإسلامية منها، أن تختار بين جنس سيسعى لتحقيق ذاته، وجنس سيسعى لتحقيق ذوات 7 أشخاص على الأقل بدرجات مختلفة، ستكملها مساهمات فرد اخر من نفس الجنس. بالتالي على الحكومات أن تفطن لإعلانات العمل على صعيد الوطن وخارج الوطن، المطبوع أعلاها بشكل عريض ومستفز "للإناث فقط"، فعليها عدم التملص من فشلها في احصان معيشتهن بوطنهن، بإرسالهن لأوطان يعانين من التحرش والاستغلال بشكل مفقئ لمرارة الغيور على وطنه ونساءه. فهنا لا يجب أن ننساق وراء النموذج الغربي للأسرة وأدوارها والتزاماتها، لأن تبنينا له سيكرس فقط التبعية. بينما النماذج الغربية العلمية، الاقتصادية، العسكرية، الأمنية، المعلوماتية والطاقية التي فعلا ستحقق لنا السعادة والرخاء والنماء، فإننا نشتريها كدول عالم ثالث بالمليارات الممليرة ومئات العقود والالتزامات المقيدة لسياساتنا، بالتالي لا شيء مجاني وكل مشروع يعارض هذا المبدأ فمصيره التشويه، وكل ما هو مجاني فهو مسموم لا محالة. بالتالي أظن أن المساواة بين الجنسين يجب أن يكون إجباريا في التعليم، لك يجب أن تقف عند التكوين والتعليم المؤدي للمهن الممتصة للبطالة، والتي لا يشكل إنجازها من طرف رجل أو امرأة فرقا موضوعيا، لأنه من الأفضل إيكالها للذكور، ما عدى في بعض الوظائف التي تحتاج نوع من الخصوصية. وكإجابة على الأسئلة التقليدية التي ستوجه لما كتب في هذه الفقرة، فسأستبق النقد وسأبرر وسأدعم ما قلته بتحليل أولي لبعض المعطيات. فمبدئيا فل نفترض أن جميع النساء اشتغلن، فمن سيربي الأطفال، الشارع ؟؟ طبعا لا. المدرسة؟؟ كيف ستفعل وهي منهارة. المجتمع؟؟ ما الذي ستربيه مجتمعات بها نسب تقارب وتفوق أحيانا 52 بالمئة مرضى نفسيين أو على الأقل مصابون بعقدة نفسية. لماذا نجد أستاذ ليدرس فقط ما معدله 30 ساعة بالأسبوع، وبمعدل يتراوح من ساعة إلى 6 ساعات أسبوعيا يلقن فيها مادته للتلميذ، يضطر لقطع مسار طويل لتكوين المعارف الأساسية وشخصيته، وسنوات عجاف للتعمق في التخصص ثم تتوج بتأهله للتدريس، مع تكوين مستمر يرافقه طول حياته المهنية بالتعليم. بينما الآباء الذي يكونون في قلب دينامية التربية 24 ساعة على 24، لا يفقهون لا ابجديات التواصل مع بعضهم البعض عند تشنج عامل الودية، ولا يعرفون من أين يبدؤون حتى تربية أبنائهم بخطة محكمة، وينتهجون العشوائية في الغالب. وخصوصا الأم المسؤولة الأولى على التربية، وهذا باعتراف مسطرة الحضانة بجميع بقاع العالم. حيث تتولى الأم زمام التربية بشكل عام الست سنوات الأولى من حياة الطفل، والتي يرجع لها علم النفس شخصية الشخص عند بلوغه، بكامل سماتها ومميزاتها وعقدها النفسية. أي يجب أن نستوعب جيدا مبدأ أن المجتمع لا يقوم على المساواة بين الجنسين، بل على التكامل وتوزيع ملفات الأسرة (على وزن الحقائب الوزارية) بشكل يتناسب مع الطبيعة السيكولوجية والبيولوجية للزوجين. فالرجوع للأصل فضيلة، وإتباع النسوية الحالية ضرب من الجنون، لأنها انساقت من موقع الدفاع عن حقوق المرأة والنهوض بوضعيتها، لحركة تسعى للانتقام من الرجل وتشويه جميع بطولاته التاريخية بطريقة طفولية، والتقزيم منه والتحريض ضده، واشعاره بالعار المستمر والمسؤولية لما يفعله حالات معزولة من الرجال. 6-تكريس هوية الأسرة الطبيعية، ضريبة بطالة الذكور وتعويض على بيتوتة الإناث (المجتمع الإسلامي) الضريبة على الفشل في ظل كل هذه الظروف واجبة، كنوع من التحفيز النفسي والمعنوي للبحث عن موقع وسط هذه المنظومة المنتظر احداثها والانخراط فيها، وأنا أقترحها أن تكون على العاطل والغير مصرح بعمله، بحيث تكون ضريبة سنوية بقيمة راتب شهرين من سميك تلك الدولة، وأن تكون سائرة الإجبار منذ سن 25 سنة. حيث ستكون فرصة لتقليل فرص العمل في الأنشطة الغير قانونية والاجرامية الممنوعة ، بتطويق النشطاء بها وتقليل الدوافع للانخراط بها. وبطبيعة الحال يجب الضغط بالتوازي مع الضغط المجتمعي. فمثلا المجتمع الاسلامي مجتمع ذكوري، وهذا ليس عيب، حيث يحمل الرجل مسؤولية تأمين الموارد. بالتالي على الدولة أن تستغل وتعزز وتحفز ألية وقيمة القوامة لإنفاذ المعيشة الكريمة، والاستثمار فيها بترقيتها لتصبح منظومة خدومة للأسرة لا مبتزة لها، لكن دون ضرب في جوهر هذه المنظومة القيادي. فمثلا يجب وضع تعويضات شرفية لخدومات بيت الزوجية تصل حتى 40 بالمئة من راتب زوجها المصرح به، وأقصد هنا بخدومات بيت الزوجية باللواتي لا يزاولن أي مهنة، والمنتظرة لنفقة الزوج المحكوم بالقوامة. وحتى العازبات الخدومات لبيت التنشئة، يجب تعويضهن بما يصل حتى 30 بالمئة راتب رب الأسرة. والصفة هذه في نظري لا تطلق إلا عند تجاوز الاسرة لعدد معين الأطفال، اللذين يجعلون ربة البيت محتاجة نوعا ما إلى مساعدة من طرف بنتها أو بناتها البالغات. وتقدير لهذه النسب منبثق أولا كقناعة مني بضرورة صد الحملة التي تشوه دور الأم في البيت، وأيضا من الحرص على عدم التمرد على مؤسسة القوامة، فعدة حالات للطلاق وتشنج العلاقات تبدأ من خلال العجرفة التي قد يفعهما مصدر مادي ما في المرأة المستفيدة، كون هذا المصدر قد يقلل من شأن القوامة وقيمة النفقة عليها. وللتأصيل الطبيعي-الفطري فعلينا النظر في الطبيعة، فالطبيعة تفرض سيكولوجية الذكر على جميع ذكور أصناف الكائنات الحية، وسيكولوجية الأنثى على جميع إناث أصناف الكائنات الحية، وليس ببعيد على الإنسان. ففي عائلات السنوريات مثلا، نجد اللبؤات أكثر من يقوم بالصيد ومن يحضرون الطعام للجماعة، ورغم ذلك لا ينازعون الذكر في أدواره القيادية، وهذا النظام ساهم بتوسع السنوريات لمساحات جد شاسعة، ولولا تأثير الانسان لكان بأغلب القارات. بالتالي الترفع على الحيوان يجب أن يكون في إطار الطبيعة وليس ضدها، لأننا حشرات جد صغيرة أمام قوة الطبيعة وسننها الكونية. وخير دليل هو ما نشهده اليوم من ارتباك للبيئة على شتى الأصعدة، من احتباس مناخي وشذوذ جنسي وضياع للأنساب وانتشار مرعب لمختلف مآسي العهر والدياثة، واختزال للمتعة في الماديات واشباع الغرائز بالطرق الحيوانية. فإن كانت المرأة الان قادرة على اشباع غريزة الامومة باللجوء لأبناك الحيوانات المنوية حسب التجربة الغربية، والطلاق المعجل مع ضمان مادي تحت مسمى النفقة حسب التجربة العالمية، دون نسيان ذكر ظاهر التهافت نحو تشبيك الذمة المالية اثناء الزواج، لضمان الاقتسام عند الطلاق، مع ضمان حيازة ملكية بعض العقارات والممتلكات أثناء الزواج، الذي يؤدون عموما لعدم الزواج الإنسي الرامي للدوام، فهذا اعتراف صريح لنزعتها للغرائزية والمادية، التي إذا لم تأطر التأطير الديني والقيمي والقانوني المتين، فمع الوقت ستتبلور لسيكوباتية نرجسية لن ينفع معها علاج. 7-توقع فشل الحل النهائي للبطالة بدول العالم الثالث كيف لا نضع هذا الكابوس أمام أنظارنا وجميع النماذج والمشاريع، الحكومية منها والقطاعية والترابية بهذه الدول، لا تمر إلا ويكون لها الحظ الغير مقبول من التأخر أو التأجيل في أحسن الأحوال، إن لم يكن مصيرها الفشل والإفلاس، رغم أن هذه البرامج يتم الإشراف عليها من نخبة النخبة لدى الهيئة المشرفة عليها، ومن أقوى الأدمغة وأغنى التجارب الوطنية لدى ذلك البلد. فهذه الخطة تفترض الظروف المثالية، مع بعض العوائق المتعلقة بسوء التفاهم الطبقي أو المكوناتي للمجتمع. لكن في الواقع هناك سرطانات تعرقل وتسرطن أي برنامج ينبثق من طرف أي جهة، وتجعله يصب في صالحها، حيث أصبح من العادي جدا أن تستيقظ دول العالم الثالث كل بداية أسبوع على فضيحة عقارية أو مالية كبرى. وهذا يرجع في تقديري الشخصي بنسبة %60 للفساد بشتى أنواعه الماكروية والميكروية، وبنسبة %25 للريع بكل أنواعه المباشرة والغير مباشرة ، وبنسبة %15 لمختلف الظواهر والسلوكيات التي تتسم بها تلك مجتمع، الأصيلة منها والدخيلة. وهذا لا يعني أن كل سبب مستقل، بل قد يستفيد من وجود باقي العناصر الأخرى. وما سيزيد الطين بلة هو الضغط المستمر لصندوق النقد الدولي، الذي لا يفوت أي فرصة إلا وأعطى التوجيهات الكلاسيكية لضمان سداد الأقساط من طرف هذه الدول الضعيفة. ألا وهي رفع الضرائب، خفض الأجور، اعتماد الخوصصة وتعويم العملة كإجراءات أولية فقط، ولنا في مصر عبرة. ويجدر بالذكر أيضا أن هيمنة البنك الدولي هذه تتغذى بشكل رهيب من نفس العوامل المؤدية لفشل المشاريع السالف ذكرها بهذه البلدان. وأظن أن هذه الخطة وأن كانت نوعا ما ذات عبئ، فهي ستكون أخف بكثير من السكتة القلبية التي تنتظر اقتصاداتها، التي أصابت من قبله من الدول التي كانت تقريبا في نفس الظروف ومرت بنفس المراحل، إضافة لأزمة صناديق التقاعد المصعدة من الاحتقان الاجتماعي بشكل رهيب. حيث أكد قبلها عشرات الزعماء والقادة، أن العقيدة الراسخة لصناديق الاقتراض الدولية هي إبقاء مقترضيها تحت السيطرة، وتحت الضغط والتوتر المتواصل، وتشويه وتمييع أي مبادرة تضرب في استمرارية الأوضاع التي تكون في صالحها.