تقديم : تمثل القصور و القصبات نمط السكن المميز لواحات تافيلالت ، هذا النمط من السكن يختص بقيمة تراثية كبيرة و بجمالية معمارية متفردة. جعلته موضوعا غنيا لجملة من الأبحاث والدراسات و ميدانا خصبا للعديد من البرامج الوثائقية و الروبورتاجات . هذه الأبحاث و الوثائقيات تكاد تشترك في خلاصة مفادها : تدهور القصور و ضرورة التعجيل بالإنقاذ. من موقع المتتبع يمكن بسط بعض الملاحظات الأولية و بترتيب اعتباطي حول تشخيص وضعية قصور تافيلالت. 1-نقاط مضيئة بمثابة مكاسب تحتاج للدعم: – تراكم معرفي مهم و متميز سواء على مستوى البحث الاكاديمي من رسائل و أطاريح جامعية تناولت هذا التراث من مختلف الجوانب التاريخية و المعمارية و البيئية و الاجتماعية. فضلا عن تقارير البحث التدخلي من برامج تهيئة و إعداد و خطط ترميم و تثمين. – نسيج جمعوي فعال مبادر، حيث تبرز العديد من المبادرات فيما يخص الترميم و التزود بالماء الشروب فضلا عن انجاز شبكة التطهير ، و تدبير بعض مشاريع النفع العام حدائق و رياض أطفال متاحف و أنشطة مذرة للدخل خاصة بالنساء – بروز بعض المبادرات الخاصة و التي تهم الترميم حيث تكاد تشترك في خاصية ترميم منزل العائلة و تجهيزه لاستقبال زيارات قصيرة جدا. – بروز و تنامي الاهتمام بما يعرف ب"اقتصاد التراث" و ما يمثله من فرصة لإحياء الوظائف الاقتصادية للقصور و القصبات. – الانتصار العلمي لأولوية الخبرات المحلية و دعم جهود التصنيف الوطني و الدولي و التوثيق و التثمين. – الارتباط القوي للمهاجرين بقصورهم وهذا يبرز خلال الأعياد الدينية خاصة عيد الاضحى. معطى يمكن تثمينه. – نجاح مشاريع ترميم او تجديد مساجد معظم قصور تافيلالت و بجهود ذاتية مما يدعم فكرة إعادة إحياء القصور و يحفز استلهام أنماط التمويل و التتبع. 2- نقاط مظلمة كمعيقات تستوجب المواجهة – خراب كبير أصاب مختلف القصور و القصبات بتافيلالت سواء بسبب الاهمال و طبيعة البناء و الجدران المشتركة فضلا عن انتشار البيوت المهجورة مما أنتج عددا من القصور الفارغة بالكامل. و بالتالي تعطل وظائفها. – غموض مستقبل هذه القصور و القصبات فلا تصور و لا مخطط و لا برنامج يستهدف هذه القصور بميزانية محددة و تدخلات دقيقة و تعاقدات ملزمة و واضحة. فاغلب المجهودات تبقى متمنيات. – نزيف هجروي حاد و مستمر يفرغ القصور من ساكنتها و بجردها من وظائفها و ما يرافق ذلك من تراجع قيمي. الهشاشة الاقتصادية و المالية لساكنة القصور مما يعيق جهود الاشراك و الترميم . 3-مناطق ظل تستدعي الشفافية و الوضوح – ارتباط مستقبل القصور بمستقبل الواحات و تحولات البنيات الاجتماعية و الإنتاجية الامر الذي يعقد التدخلات و يفرض ضرورة تكامل التدخلات و دقة الاستهداف. – تعدد المتدخلين من مجالس منتخبة و سلطات فضلا عن البرامج الحكومية. و تشتت الصلاحيات بين العديد من القطاعات. – الانتشار السريع للبناء خارج الاسوار خاصة على طول المحاور الطرقية دون أدنى تأطير قانوني. – تعثر جل عمليات الترميم سواء الفردية او الجماعية الخاصة أو العامة بفعل تعقد المساطر الإدارية من تراخيص و تصاميم و قلة اليد العاملة المختصة فضلا عن تصفية الحسابات الانتخابية الضيقة . – تشويه العديد من معالم القصور و القصبات خاصة الابواب و الاسوار و الابراج. – ضعف التغطية بوثائق التعمير بالجماعات القروية الى جانب قلة الموارد البشرية و محدودية التكوين لدى المصالح التقنية لهذه الجماعات. -تركيب القصور في مجملها اليوم أطلال تحكي سرديات الزمن الجميل بعفويته و بساطته. وحتى لا نكرس الطابع البكائي نقترح ثلاث نقاط كمداخل : اولا: مسألة ترميم القصور و إعادة إحياء وظائفها ليست ترفا معماريا بل ضرورة و أولوية خاصة القصور التي لازالت تحتضن ساكنة مهمة لكيلا تتحول القصور الى منعزلات طبقية و جزر قيمية. ثانيا : تكلفة ترميم و إحياء القصور لابد ان تحظى بالأولوية في الميزانية العمومية و على كل المستويات الترابية من المركزي الى المحلي. ثالثا: تحسين جاذبية السكن بالقصور مع ضمان شروط الاستمرارية اي استحضار البعد الاستثماري النفعي بإدراج أنشطة منتجة داخل النسيج القصري من مآوي سياحية و متاحف و محترفات الصناعة التقليدية و تعاونيات و مدارات سياحية و احتضان بعض المقرات الادارية ... * عبد الكريم اكريمي، باحث جغرافي ارفود * الصورة من قصر أولاد معطلة جماعة عرب الصباح زيز بتاريخ 12/06/2022