تواجه أكثر من 20 خطارة بجماعة فركلة السفلى بإقليم الرشيدية، خطر اليبس التام، الشيء الذي جعل نظام الري هذا، بإعتباره تراثا لا ماديا حقيقيا وتقنية عريقة في مجال جلب المياه الجوفية، مهددا بالاندثار والزوال، بعد أن لعب دورا هاما وأساسيا في تنمية الواحات بجنوب المملكة، وخاصة بمنطقة تافيلالت. وفي هذا السياق، قال عمر حمداوي، الفاعل المدني بالمنطقة، إن " الخطارات بجماعة فركلى السفلى تعاني العديد من المشاكل، التي يستدعي تفاقمها تضافر جهود كافة الفاعلين والمعنيين بواقع هذه المنشآت، باعتبارها مورد عيش أساسي للساكنة من جهة، وجزء لا يتجزأ من حضارة وهوية الإنسان الواحي من جهة ثانية، خصوصا بسبب تواجدها في مجال شبه صحراوي، يتميز بقلة التساقطات، وارتفاع درجة الحرارة، وتردد رياح قوية جافة وحارة، وارتفاع نسبة التبخر خلال الفترة الصيفية، مما يؤثر سلبا على صبيب الخطارات التي تفقد كمية مهمة من مياهها". وأشار حمداوي في تصريح ل"العمق "، أن "هذه الخطارات توجد في مجال يتعرض للتعرية بفعل مجموعة من العوامل، فإن بعضها لم يسلم من تأثير هذه الظاهرة، التي تؤدي في بعض الأحيان إلى توقف هذه الخطارة أو تلك عن النضوب لمدة طويلة، بفعل اكتساح الرمال التي لا يجد الفلاحون لمقاومتها سوى وضع الأوحال التي يتم استخراجها أثناء عملية الصيانة على جنبات الآبار". وشدد المصدر ذاته، على أن "افتقار جمعيات المجتمع المدني للقدرات والمؤهلات ذات الصلة بالمجال الفلاحي بصفة عامة، والنظام الخطارتي بصفة خاصة، حال دون الاستفادة من مشاريع وبرامج تأطير وتكوين الفلاحين وتحسيسهم بأهمية الاستغلال الأمثل للمياه الجوفية والحفاظ عليها، نظرا لأهميتها في الاستقرار وتعمير الواحة وترسيخ العلاقة بين الإنسان ومجاله الواحي، ودورها في تنشيط الحركة الاقتصادية على المستوى المحلي ". وطالب المتحدث ذاته، المسؤولين ب"ضرورة النهوض بالخطارات وتشخيص حالة النشيطة منها، وبرمجة إصلاحها وصيانتها ضمن مشاريع التنمية المحلية، عبر تكثيف المجهودات لمحاربة التصحر وانجراف التربة وغيرها من العوامل الطبيعية التي تهددها، لضمان ديمومتها، وتفعيل المشاريع والاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالنهوض بالواحات ورد الاعتبار لها، عبر استثمار هذه المنشأت التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ، في السياحة الإيكولوجية التي من شأنها خلق حركية اقتصادية مهمة بهذه الربوع من المغرب العميق ". وفي سياق متصل، وجه النائب البرلماني عمرو أووجيل، عن حزب الأحرار، في وقت سابق، سؤالا كتابيا إلى الحكومة، يستفسرها من خلاله، عن الإجراءات التي تعتزم إتخاذها لإنقاذ أكثر من 20 خطارة بجماعة فركلة السفلى بإقليم الرشيدية جهة درعة تافيلالت من اليبس التام الذي يهددها، وإعادة البسمة إلى ساكنة هذه الجماعة الترابية. وجاء في نص السؤال الذي اطلعت عليه جريدة "العمق"، أن "خطارات الجماعة الترابية فركلة السفلى بإقليم الرشيدية بجهة درعة تافيلالت في حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم، تزامنا مع النقص الحاد في التساقطات المطرية التي تعيش على إيقاعه بلادنا خلال هذه السنة والسنوات المنصرمة، والجفاف الذي تعيشه جهة درعة تافيلالت بصفة خاصة وخطارات حوض فركلة السفلى بصفة خاصة، وبعد المجهودات المهمة التي قامت بها مصالح وزارتكم بالمنطقة في ما يتعلق بسن مجموعة من البرامج من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وما تقوم به أيضا بعض المصالح الأخرى بتنسيق مع الوزارة الوصية". وأشار النائب التجمعي، أن "هذا الدعم يتمثل في إنشاء ثقوب مائية مجهزة وبناء الشبكة الهدرومائية بهذه الخطارات لترشيد استعمال المياه على نذرتها، والهدف، إنقاذ أكثر من 20 خطارة من الموت المحقق بعد ما أصابها من يبس تام أو انخفاض حاد في صبيب المياه، وبالتالي إعادة الأمل إلى أكثر من 10 ألف نسمة من ساكنة هذه الجماعة التي تعتمد على هذه الخطارات كمصدر للعيش". يشار إلى أن الخطارات شكلت، منذ عصور مضت، تقنية ذات أهمية قصوى في جلب المياه عبر قناة تحت أرضية تمكن من الحفاظ على المياه من التبخر، كما تقلل من نسبة المياه المتسربة داخل التربة بفعل تشبعها بالمياه. وعموما، فقد شكلت هذه الخطارات عنصر أساسي في توازن المنظومة الإحيائية بالمجالات الواحية، غير أنه بحلول نهاية الثمانينات من القرن الماضي (القرن العشرين) أصبحت هذه الخطارات تشهد فترات جفاف، ارتفعت وثيرة ترددها خلال سنوات التسعينات ومع مطلع القرن الحالي (القرن الواحد والعشرون).