شهدت الحركة الطلابية المغربية منذ عهد الاستعمار الأجنبي عدة صيغ وتعبيرات تنظيمية، شكلت إجابتها على تحديات المراحل التي مرت بها، وتفاعلها مع الأوضاع المحيطة بها وكذا تعاطيها مع تطوراتها الذاتية، ومع ذلك لا زال الوضع متأزم، بل أصبح من المستحيل جمع شتاته وتوحيد صفوفه. بدأ المشهد الطلابي في بدايته يتحكم في الوضع السياسي للبلاد، وكانت الحركة الطلابية يُضرب لها ألف حساب، بل كانت الحكومات آنذاك تحضر مؤتمرات وتجمعات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في مرحلته الأولى قبل أن يقع الطلاق بينهم، بل تجاوزت الحركة الطلابية دورها ولم تبقى نقابية محظة وتلتزم بقانونها، فأصبحت سياسية ترفع شعارات كبيرة عليها لا تتوافق مع السلطة، هذا النضال والصمود كان في وقت جُمع فيه شمل الطلبة وكلماتهم موحدة، لكن حين صار المشهد الطلابي متفرق وكل يدلي بدلوه، تراجع الفعل الطلابي في التأثير على السياسي ولم يعُد يؤخذ بعين الاعتبار بكلام الطالب، فكان لهذا المشهد المبلقن بكثرة الانشقاقات وتعدد الفصائل علاقة رئيسية في بداية الأزمة الطلابية والفصائلية. هذه الأزمة الطلابية والفصائلية تعددت المبادرات لتجاوزها، كل مكون وفصيل طلابي أعطى موقفه، منهم من قال لابد من حل استثنائي، ومنهم من يُرجع الحل إلى الهياكل والتعاضديات، بل هذه الخطوات تحولت إلى عامل سلبي جديد، تدهورت معه شروط التقارب والعمل المشترك، حتى الفصائل المتقاربة في المرجعية أو لهم نفس الإيديولوجية، زادت الابتعاد فيما بينها، رغم أن هناك أوقات اقترب فيه الأطراف إلى الحل، لكن بلقنة المشهد الطلابي وخاصة عند المكون اليساري يَحول دون الوصول إلى التوافق المطلوب. في الآونة الأخيرة زاد الوضع تعقيدا واستشكالا بسبب تحولات التي شهدتها الحركة الطلابية بدخول فصائل ومكونات جديدة إلى الساحة الجامعية، وصارت الجامعة مثل لبنان تحكمها طوائف، إما تحت حكم ˊˊتامازغاˋˋ أو حكم ˊˊالدولة الإسلاميةˋˋ أو حكم ˊˊالعصابة الإرهابيةˋˋ، كل يفعل ما يحلو له في جامعة يسيطر عليها، ولا مكان لقوانين الدولة المغربية أمام قوانين هذه الدول المذكورة أعلاه، أمام هذا كلُه يستحيل الوصول إلى توافق ووحدة طلابية في العمل النقابي والمطالبة بإعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، رغم هذا، فأزمة أوطم ليست أزمة شاملة، والهيكلة ما هي إلا تجل صارخ لهذه الأزمة، وأعتبر أن محور التقاطب داخل الحركة الطلابية لا يتمفصل بين من مع الهيكلة ومن ضدها، بل من مع الجامعة وإنقاذها ومن ضدها، وكل انزلاق نحو التقاطب الأول ليس إلا تعميق للأزمة؛ ومن أجل فهم الوضع، ينبغي على كل الأطراف أن تتنازل وتجلس إلى طاولة الحوار، لأن الواقع يفرض معالجة عميقة وجذرية تضمن استعادة الحركة الطلابية المغربية لقوتها وفعاليتها كما كانت في البداية، وهذا لا يستطيع أحد أو إثنان فعله إذ لم يكن توافق وطني ديمقراطي تقوده لجنة فصائلية وكل الغيورين على الجامعة المغربية، فالأمر ليس صعبا بقدر ما هو بسيط إذا أردنا أن نبسطه، ومستحيل إذا أردنا ذلك، فالمصلحة الطلابية تقتضي أن نتماشى مع الطرح البسيط. فهل من المعقول أن يكون الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لا زال حيا بعد أن ذبحناه بأنفسنا، هل لهذه الدرجة قوي بعد دفنه 35 سنة؟ أليس من العيب أن نقدس الأموات؟ ألا يليق بنا ونحن في 2016 أن نتحدث عن إطار حي يجمع كافة الطلبة؟ أو على الأقل أن تُحدث كل طائفة إطارا قانونيا لها يجمع مناضليها ومتعاطفيها؛ لعل وعسى يكون الوضع مدخلا للحل الشمولي، رغم أن الظرفية التي تعيشها الحركة الطلابية تستدعي إعادة البناء التصوري لقضايا تشكل دور محوري في الجسم الطلابي و الجامعي، مما يفتح المجال أمام الفصائل من اجل إعادة الدور الريادي للحركة الطلابية المغربية للإسهام في الحركة التغيرية للمجتمع، من هذا المنطلق أطرح ثلاثة قضايا أساسية ينبغي العمل عليها من طرف الجميع، أحسبها محور الصراع السياسي بين المكونات التي تنشط داخل الجامعة، وتتجسد هذه القضايا في الرهانات الثلاثة أولها رهان التصدي للعنف الفصائلي والرسمي؟، ثانيها الحوار الطلابي الفصائلي؟ وثالثها التأهيل لمواكبة الفعل السياسي و الاجتماعي للمجتمع. هذه القضايا أتمنى أن تجد أذانا صاغية من حكماء كل فصيل ومكون ويُفتح فيها نقاش عمومي طلابي هدفه إنقاذ الوضع الحالي للجامعة وللحركة الطلابية عموما وللاتحاد الوطني لطلبة المغرب خصوصا.