من المسؤول عن تحول البرلمان المغربي إلى منصة للتنكيت؟ ما الفائدة من تدخلات مفرغة من المحتوى؟ وما قصة الكلمات المتداولة، سياقاتها، اهدافها؟ ربما يبحث اولئك عن الشهرة والنجومية لدى رواد التواصل الاجتماعي، وبالتالي البحث عن مصدر اخرى لكسب الأموال وفي ذلك تأثر واضح بما يسمى " روتيني اليومي " أو " وصفات أحدى الأمهات" اللواتي يستعطفن مشاعر الجمهور من أجل المتابعة والاعجاب، وبالتالي لا فرق بين رجل السياسة وبين مهرج يطلب دراهم بساحة جامع الفنا، مهرج يضحك الناس باستعمال ألفاظ نابية أو جنسية. ربما هي طريقة جديدة للاحتجاج، لكن طرق الاحتجاج تؤتي أكلها وتنتزع مكاسب، رغم اننا لا نجد في الخزينة السياسية واقعة لاحتجاج برلماني، بقدر ما نجد وقائع لموافقته على مقترحات الأخرين. ربما هي تعبير عن فشل الخطاب السياسي في المؤسسات التشريعية، وبالتالي كشف الصور الحقيقية لمستوى وعي ممثلي الأمة، الوعي الذي لم يتشكل بعد، فتلك المصطلحات يقولها الطفل الصغير في مرحلة تعلم تركيب وتجميع الكلمات. من المسؤول إذن عن هذا الواقع؟ أعتقد أن هذا المستوى يؤثر بشكل سلبي مباشر على سمعة المؤسسات التشريعية أكثر مما يؤثر على المواطنين، بل يساهم في تشكيل وعي المواطنين بأن الفاعلين في قبة البرلمان هم فقط مهرجون مقابل امتيازات تضمنها الدولة. فهم لا يمثلون المغاربة الذين يتطلعون الى وطن يضمن سمو القانون والكرامة والعدالة و الشغل والصحة والتعليم والأمن، بل يمثلون أنفسهم، ففي تاريخ المغرب يعرف الجميع أن الساسة تنقطع علاقاتهم بالمواطنين بعد الظفر بالمنصب السياسي. إن المتتبع لعمل السياسيين بالمغرب يستخلص أن الفاعلين في البرلمان كمؤسسة دستورية غير قادرين على استيعاب حجمها و دورها في تقدم البلاد، بل هم خبراء في تخطيط وتوزيع المشاريع المالية المربحة، فإلى متى هذا العبث؟ *عبد الرحيم العكزي، استشاري في التربية والتنمية