نفت سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية بإسبانيا، "جوليسا رينوسو"، أن يكون البيت الأبيض قد ضغط على الحكومة الإسبانية من أجل تغيير موقفها من قضية الصحراء المغربية، والاعتراف بالمقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي في الصحراء باعتباره "الأكثر جدية". وقالت الدبلوماسية الأمريكية في مقابلة مع صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية، "لم ندفع إسبانيا لتغيير موقفها من المغرب، بل اتخذت قرارها من تلقاء نفسها". وفي ردها على سؤال بخصوص ما إذا كان المغرب قد استعمل ورقة الهجرة لتغيير موقف إسبانيا، كما فعلت إدارة ترامب مع المكسيك، قالت: "لا أعرف ما يكفي عن الموضوع لإبداء رأيي فيه". وفي هذا الإطار، أضافت "رينوسو"، وهي تلميذة وزيرة الخارجية السابقة، "هيلاري كلينتون"، أن "في حالة الولاياتالمتحدة، كان حوار الهجرة مع المكسيك بناء للغاية، لقد وجدت إدارة بايدن نظام هجرة معطل، وشيئا فشئيا نقوم بإصلاحه لأن المشكلة معقدة للغاية"، مضيفة أنه "لتحقيق ذلك، من المهم للغاية إجراء حوار سلس مع الجار على الجانب الآخر من الحدود. أقول هذا لأنني جربته مع المكسيك، لكن لا يمكنني التعليق على المغرب". في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني خلال زيارته للمغرب الأسبوع الماضي، أن الولاياتالمتحدة تواصل النظر إلى خطة الحكم الذاتي المغربية على أنها جادة وذات مصداقية وكذلك واقعية. وكان الموقف الجديد لإسبانيا باعترافها، رسميا، بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وجدي وذو مصداقية لنزاع الصحراء المغربية، شكل تحولا تاريخيا للجارة الشمالية للمملكة، بإعلانها موقفا واضحا وصريحا عكس ما كانت تنهجه سابقا، وهو ما يؤشر على انتصار الديبلوماسية المغربية التي غيّرت من سياستها تجاه مدريد مؤخرا. وأفاد بلاغ للديوان الملكي، أن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بعث رسالة إلى الملك محمد السادس، أكد فيها على أنه "يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب"، وأن "إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف" المتعلق بالصحراء المغربية. واعتبر سانشيز في رسالته أن "ازدهار المغرب مرتبط بازدهار إسبانيا والعكس صحيح"، مشددا على أن "إسبانيا ستعمل بكل الشفافية المطلقة الواجبة مع صديق كبير وحليف"، مضيفا: "أود أن أؤكد لكم أن إسبانيا ستحترم على الدوام التزاماتها وكلمتها"، وأنه "سيتم اتخاذ هذه الخطوات من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين". ويرى محللون أن العبارات التي تضمنتها رسالة سانشيز، حملت إشارات قوية على تبني مدريد لسياسة جديدة تجاه المغرب تروم محو تداعيات مجموعة من الأخطاء التي وقعت فيها الدبلوماسية الإسبانية في عدد من المحطات، خاصة بملف الصحراء، وعزمها طي صفحة الماضي وفتح علاقات جديدة مع المغرب قائمة على الوضوح والشفافية وبناء علاقات صداقة استراتيجية. الموقف الإسباني الجديد بالاعتراف بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وواقعي وذو مصداقية في تسوية نزاع الصحراء المغربية، أثار صدمة في الجزائر، حيث قرر نظام الرئيس عبد المجيد تبون استدعاء سفيره بمدريد من أجل التشاور، وذلك بأثر فوري. يشار إلى أن الملك محمد السادس، أجرى، الخميس الماضي، محادثات هاتفية مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. وأوضح بلاغ للديوان الملكي أن الملك محمد السادس جدد التعبير، خلال هذه المحادثات، عن تقديره الكبير لمضمون الرسالة التي وجهها إليه، في 14 مارس، رئيس الحكومة الإسبانية. وأكد البلاغ أن "هذه الرسالة تنسجم وروح خطاب الملك محمد السادس، في 20 غشت 2021، وتستجيب لنداء جلالته بتدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين". وهكذا، يضيف البلاغ، فإن الشراكة بين البلدين أضحت تندرج في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق. وفي هذا السياق، فإن مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين مدعوون إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة وتغطي جميع قطاعات الشراكة، تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأشار البلاغ إلى أن الملك محمد السادس، وجه بهذه المناسبة دعوة لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز للقيام بزيارة للمغرب في الأيام القليلة القادمة".