يُشارك أطر الدعم الاجتماعي في البرنامج النضالي الذي سطرته التنسيقية الوطنية إلى جانب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، خلال هذا الأسبوع الجاري الذي تتمثل أشكاله في خوض إضراب وطني (من 28 فبرابر إلى غاية 6 مارس 2022) بالإضافة للإنزال الوطني (أيام 2 و3 و4 مارس 2022) ومختلف الأشكال النضالية القادمة. وقد جاء سياق هذا الاختيار، بعدما شهد أطر الدعم الاجتماعي تطاولا وتفاوتا في صرف أجورهم خلال شهر فبراير المنصرم من دون أي سند قانوني أو تبرير كتابي، وهو ما يدل على هشاشة هذا الإطار وما يفسر عدم استقرار وضعيته المادية، المالية، المهنية، والمعنوية سواء داخل المؤسسات أو ضمن نظام أطر الأكاديميات، وهو الشيء الذي خلف استياء وإحباط كبير لدى هذه الفئة، خصوصا وأنها كانت تأمل خيرا بهذا الإطار الجديد بما سيسهم به من مهام وبرامج ترتبط بالمساعدة النفسية والاجتماعية، مثل نظيراتها، في بقية القطاعات المهنية الأخرى، لكن عكس ما هو متوقع، وجدت هذه الأطر نفسها، في صدمة مهنية، تشتغل منذ بداية شهر دجنبر، في ظروف مخالفة تماما للغاية والفلسفة التي جاءت بها المذكرة الوزارية (20-0714)، ولا للأسس التي ترتكز عليها الممارسة المهنية للأخصائي أو المرشد الاجتماعي-النفسي المدرسي، في العديد من الدول، وفي معظم المواثيق الأخلاقية ضمن المنظمات الدولية، كالرابطة الوطنية للعاملين الاجتماعية (NASW)، وجمعية علم النفس (APA)، إذ وجدت نفسها في تخبطات علائقية وإدارية لا علاقة لها بتاتا بمهامها وبأدوارها التي تختص فيها، علما أن جل هذه الأطر خريجة لجامعات ومعاهد مغربية مرموقة، وتتوفر على شواهد عليا من قبيل الماجستير والدكتوراه، وفي تخصصات من قبيل العمل الاجتماعي، علم النفس الإكلينيكي، علم النفس العصبي والمعرفي، وعلم النفس المدرسي. وفي عوض أن يتم استثمار مجالات اشتغالها، للمساهمة في تجويد أداء العمل التربوي والصحي بالمؤسسات، وتقليص نسبة الانقطاع وتدني المستوى الدراسي، ورصد وإيجاد حلول للمشكلات النفسية والاجتماعية، تم استدراجهم لسد النقص الحاصل، الذي طال ولا زال يطال المنظومة التربوية، منذ أزل بعيد، الأمر الذي سيفضي لا محال، لإفراغ هذا الإطار من محتواه ومن الإضافة النوعية التي جاء ليقدمها، التي تعد حسب مجموعة من الدراسات التربوية والعلمية التي تناولت أثرها، ركيزة جوهرية وأساسية، حيث سبق لمجموعة من الباحثين أن ناد بضرورة التعجيل بها في السياق المغربي، منذ أمد طويل، نذكر على سبيلهم، لا للحصر (الشهب محمد، 2000، صفحة 150) الذي خلص في دراسته حول موضوع (المدرسة والسلوك الانحرافي) إلى: » ضرورة وجود هيأة الأخصائيين الاجتماعيين أو النفسيين…؛ لأن السبب الرئيسي لاستفحال مجموعة من الظواهر في المؤسسات الدراسية يرجع بشكل أساسي إلى إغفال وعدم اعتماد المنظور النفسي/الاجتماعي داخل المدارس « [بتصرف] وفي حالة ما استمر الوضع على هذه الشاكلة، فلا محيدة من إعلان فشل مبكر لهذه التجربة الوزارية، على الرغم من أنه لا ينبغي الحكم على تجربة معينة منذ بدايتها، لكن ما تشهده الساحة المهنية لأطر الدعم الاجتماعي-النفسي من شروط عمل غير ملائمة بتاتا لطبيعة مهامها واختصاصاتها، لا من حيث عدد ساعات عملها التي تصل لأزيد من (38 ساعة) التي -تعيق حتما- ولا تدع أي فسحة أو مجال لتحضير برامجها وخططها، ومشاريعها وأنشطتها، وكذا في غياب أي تعويض مالي في مقابلها، علاوة على ظروف هزيلة تنعدم فيها أبسط شروط العمل اللازمة والضرورية، لا سواء، من الناحية اللوجيستيكية من قبيل معدات بسيطة: (كمكتب وكرسي، حاسوب، ناسخة، أوراق، أقلام، فضاء الاستقبال، أدوات التقييم…)، ولا سواء، من الناحية المهنية التي بدورها يكتنفها غموض وتحايل واضح في النصوص التشريعية والقانونية، ويسودها مناخ مضطرب يحتاج بدوره لدعم ومواكبة نفسية عاجلة، ولا أيضا من الناحية المعنوية التي تتخللها ضغوط مهنية نفسية تسعى بشكل متواصل للتقليل من شأن وفائدة مهام هذا الإطار واستدراجه لممارسة مهام وأدوارا ضبطية وزجرية ورقابية، وأحيانا تقنية وتعليمية نمطية، فتارة هو فرصة لشغل منصب حارس عام، أو تارة تقني أو منشط للحياة المدرسية، أو تارة مساعد أو كاتب إداري، الأمر الذي هزل منه البعض، ودفع بهم للتفكير مبكرا لتقديم الاستقالة. وقد انضم أطر الاجتماعي إلى التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، بعدما تأكد لهم بالملموس، أن كل ما يقع لهم من استغلال وتعسف مهني، مالي، مادي ومعنوي هو نتيجة لوضعيتهم الهشة والغير مستقرة -الغير مرسمة- في نظام أطر الأكاديميات، كحال باقي زملائهم الأساتذة، ومن جهة ثانية، تبين لهم أن لا خيار من غير رفع شعار -لا- لحفظ ما تبقى من ماء وجه كرامة ومكانة هوية هذا الإطار المهنية، بصفتهم الفوج الأول الذي سيرسم ملامح ومعالم هذه التجربة الأولى من نوعها، وأخيرا احتجاجا ورفضا لكل الممارسات التعسفية والجاهلية في حق أطر الدعم الاجتماعي النفسي داخل المؤسسات المحلية وبالأكاديميات الجهوية.