عاد إلى الواجهة نقاش أدبيات وأخلاقيات مهنة الصحافة. هذا النقاش العلمي الذي نفتقده للأسف في وسطنا الإعلامي، وننتظر دوما حتى تحصل كوارث وانزلاقات وتجاوزات مهنية خطيرة لكي نغوص فيه. فواقعة الطفل ريان أظهرت ممارسات لا أخلاقية من لدن من نشترك معهم في الصفة، وفتحت الباب من جهة ثانية أمام الجميع ليصبح صحفيا بمجرد توفره على هاتف نقال وشبكة ربط بالأنترنيت. فيما يحاول بعض الزملاء بإجتهادهم فصل المقال فيما يقع من تجاوزات والعودة الى ما تقتضيه تقنيات وأدبيات العمل الصحفي المهني المحترف. فهل نحن في هذه الواقعة أمام بروز وصعود صحافة المواطن؟ وما الذي تتطلبه هذه الصحافة لكي ترتقي الى مستوى المهنية؟ أم أننا أمام تجاوزات وضرب المهنة من لدن مؤسسات إعلامية معتمدة ومعترف بها؟وهل أظهرت الواقعة الحاجة الملحة للتلقين والتكوين في إعلام الأزمات؟ إستطعت الثورة المعلوماتية والرقمية التي شهدها العالم أن تفرز لنا كما هائلا من الوسائل وأدوات إنتاج المعلومة و نشرها،الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يسمى بصحافة المواطن، او إعلام المواطن، أو الإعلام التفاعلي. فيما يذهب الإجتماعيين إلى تسميته بالإعلام الإجتماعي. هذا ويصعب تحديد المفهوم وحصره في تعريف واحد. ويعد "دان جيلمور"الكاتب والصحفي الأمريكي المختص في وسائل الإعلام الرقمية من الأوائل الذي إستعمل مفهوم الصحفي المواطن وقدم كتابات ونصائح يجب الإقتداء بها من لدن من يمكن تسميتهم بهذا المفهوم حيث يقول "على الصحفي المواطن أن يتحرى عن صحة المصدر ويتأكد على الأقل أن المعلومة التي حصل عليها كانت صادقة". إذا إنطلقنا من هذه القاعدة فالذي حصل في الواقعة هو أن هؤلاء لا يتحرون بل لا يميزون ولا يستطيعون ذلك ويصعب عليهم التميز بين المصادر وتصنيفها وهذا بديهي كونهم تنقصهم الخبرة والإلمام بقواعد المهنة. من جهة أخرى يرى الإعلامي الأمريكي "بول سبيرو" أن القاعدة الأولى بالنسبة للصحافي المواطن لاتنشر إلا ماتعرفه بالفعل.ولا تتكهن إنتهى قول "بول". وبتنزيل هذه القاعدة الثانية على ماوقع عندنا في جماعة تامروت فهؤلاء ينشرون حتى ما لايعرفون ويتكهنون حثى بما لم لايعلمون. إذن فهؤلاء لاتنطبق عليهم لا قاعدة "بول" ولا قاعدة" دان" لذا يحق لنا أن نستورد مقولة الأديب السوداني الطيب صالح ونقول عنهم" من أين جاء هؤلاء". بالعودة إلى أولائك المحسوبين على قبيلتنا، في تقديري الشخصي لايمكن لومهم كونهم يشتغلون مع مؤسسات رخص لها وتتخد من تلك الأفعال خصوصية وإختيار وتصور تنفرد به في ضل غياب مؤسسات عليا خولت لها أليات الضبط و الرقابة. في مقابل هذا الكم من العبث إن صح التعبير هناك مؤسسات إعلامية تألقت في مد الجمهور بالمعلومة الأنية وتميزت بالدقة والجدة.كما أظهرت الواقعة الحاجة الملحة للإعلام الرسمي بكل أصنافه لاسيما الرقمي خصوصا عندما تصبح القضية عالمية بإعتباره مصدرا موثوقا به تأخد عنه القنوات الدولية. أما بخصوص إعلام الأزمات وما يترتب عنه من ضعف المواكبة وتوفير الأرضية الخصبة لإنتعاش الخبر الزائف.ان الأوان لتكوين جيل جديد على التعامل مع هذه الأزمات وفق ما تنص عليه إجتهادات ودراسات أنجزت في هذا الباب. إلى أن يتحقق كل هذا يبقى النقاش الذي أطلقه مختلف الزملاء بالمؤسسات المهنية نقاشا طبيعيا صحيا سليما يحتاج الى دعم ومواكبة من مؤسسة وصية أقر قانونها التأسيس بأن التكوين جزء من مهامها. ∗إبراهيم إشوي/طالب باحث