كشف تقرير رسمي حديث، عن أرقام مفزعة بخصوص وضعية ظاهرة الإدمان بالمغرب. وتشير معطيات سنة 2005 إلى أن حجم تعاطي المواد ذات التأثير النفسي والعقلي يقدر ب 1.4 في المائة، وأن الاستهلاك المفرط للمخدرات والإدمان عليها يقدر ب3 في المائة، وأن الإفراط في استهلاك الكحول يناهز 4.1 في المائة. التقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة ذاتية ظاهرة الإدمان في المغرب، ذكر أن عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن في المغرب قدر ب18.500، حسب دراسة إقليمية أنجزت في سنة 2016، مع تسجيل معدل انتشار مرتفع في صفوف الأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسب (11.4 في المائة)، والالتهاب الكبدي ج (57 في المائة). ووفقا للتقرير الذي اطلعت عليه جريدة "العمق"، فيوجد في المغرب 6 ملايين مدخن، منهم 4.5 ملايين من البالغين ونصف مليون من القاصرين دون سنة 18 سنة، ويتم استهلاك 15 مليار سيجارة كل سنة، علماً أن محتوى السجائر في المغرب من النيكوتين والمواد السامة أعلى من الكمية الموجودة في السجائر المرخصة بأوروبا. كما أن 35.6 في المائة من الساكنة معرضة للتدخين. وأكد تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تعاطي المؤثرات العقلية في صفوف المراهقين المتمدرسين لا يقل خطورة، بحسب آخر البحوث التي أنجزتها وزارة الصحة حول هذا الموضوع، مضيفا أنه يبلغ معدل انتشار تعاطي التبغ 9 في المائة، كما أن 9.7 في المائة من التلاميذ المتراوحة أعمارهم بين 13 و17 سنة هم مدخنون، 63.3 في المائة منهم بدأوا التدخين قبل بلوغ سن 14. وصرح 9 في المائة من المستجوبين أنهم استهلكوا القنب الهندي مرة واحدة على الأقل في حياتهم (64 في المائة بدأوا في استهلاكه قبل بلوغ سن 14) وأفاد 13.3 في المائة من المستجوبين أنه سبق لهم أن جربوا استخدام الكحول، بينما صرح 5 في المائة منهم أنه سبق لهم استهلاك المؤثرات العقلية. كما أن 4.1 في المائة منهم سبق لهم استهلاك الكوكايين. فيما يخص الإدمان على القمار، فقد أشار التقرير، نقلا عن تقديرات الفاعلين في مجال ألعاب الرهان، إلى ما بين 2.8 إلى 3.3 مليون شخص يمارسون ألعاب الرهان والقمار في بلادنا، علما أن 40 في المائة منهم يعتبرون معرضين لخطر الإفراط في اللعب المضر بمصالحهم. ويرى أن الاستخدام المرضي للشاشات وألعاب الفيديو والانترنيت يتنامى في المغرب، مبرزا أنه بالرغم من أن هذه الإشكاليات لا تحظى بالاهتمام حاليا على مستوى منظومة الصحة العمومية، فقد أظهرت دراسة وبائية أجراها مكتب دراسات خاص سنة 2020 على عينة تضم 800 مراهق تتراوح أعمارهم بين 13 و19 سنة بمدينة الدارالبيضاء، أن 40 في المائة يستخدمون الانترنت بشكل يخلق لهم العديد من المشاكل وأن حوالي 8 في المائة يوجدون في وضعية إدمان. واعتبر مجلس الشامي، أن مفهوم مكافحة الإدمان لايزال متداخلا بشكل كبير مع مكافحة المخدرات، علماً أن التصدي للمخدرات هو أمر ضروري لكنه غير كاف لوحده، مضيفا أن السلوكات الإدمانية بدون استخدام مواد مخدرة (ألعاب الرهان والقمار، ألعاب الفيديو، الإدمان على الانترنت، هوس التسوق…) غير مشمولة بسياسات الوقاية والتكفل. ويتوفر المغرب، بحسب التقرير المذكور، على 18 بنية فقط لعلاج الإدمان، مع وجود 15 مركًزا للعلاجات المتنقلة بما في ذلك 5 مراكز قادرة على توفير العلاج البديل للمواد الأفيونية (TSO) و3 مصالح للإيواء في المراكز الاستشفائية الجامعية بالرباط والدارالبيضاء وفاس. وسجل التقرير، نقصا في الموارد البشرية، حيث تم تكوين 64 طبيبا عاما أو طبيبًا نفسيًا في طب الإدمان، ويعتبر التقرير، أن عدم الاعتراف بدبلوم طب الإدمان وبوضعية الأخصائي النفساني وتقنينها غير محفز من شأنه مفاقمة هذا النقص. كما يلاحظ غياب بنيات الرعاية البعدية و / أو مجموعات العلاج الجماعي والتي تعد أساسية لهذا النوع من الأمراض. من المفارقات، بحسب التقرير، أنه رغم وجود مسار للعلاجات داخل مصالح طب الإدمان الموزعة على العديد من مستويات بنيات التكفل (شبكة مؤسسات العلاجات الصحية الأساسية(ESSB ،)مراكز طب الإدمان، مستشفيات جهوية، مراكز استشفائية جامعية(، فثمة مجموعة من الصعوبات تصل إلى حد رفض التكفل وإرجاع المصاريف من طرف هيئات التأمين والضمان الاجتماعي) باستثناء الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط االجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي). وبحسب المصدر ذاته، فإن هذه المفارقة تعزى إلى غياب الاعتراف الواضع بالإدمان بوصفه مرضاً على مستوى الإطار القانوني للتغطية الصحية الأساسية، وعدم الإشارة إلى أعمال التشخيص والعلاج المتعلقة بالإدمان في المصنف العام للأعمال المهنية الجاري بها العمل في المغرب في المجال الطبي بشكل يتيح إمكانية إرجاع مصاريف الاستشفاء من طرف هيئات التأمين والضمان الاجتماعي. كما أشار التقرير، إلى أن قرار وزير الصحة الصادر في 5 شتنبر 2005 بتحديد قائمة الأمراض الخطيرة والأمراض التي يترتب عنها عجز يتطلب علاجا طويل الأمد، أو باهظ الثمن بصياغة تقييدية وغير واضحة، بحيث يحضر التكفل فقط في حالات "الاضطرابات الخطيرة للشخصية". وشدد التقرير، على أن سيادة المنطق الزجري تجعل تدابير حماية الضحايا والتكفل بهم غير فعالة، مبرزا أنه على الرغم من كون هذا القانون يتيح للقاضي إمكانية إصدار أمر إخضاع الشخص المدمن على المخدرات، حال موافقته، للعلاج، فإن العدد الكبير جدًا من المتابعات القضائية التي تعرض يوميًا على المحاكم بالإضافة إلى ضعف وسائل هذه الأخيرة لتفعيل ومتابعة إصدار أمر الإخضاع للعلاج، في سياق يتسم بالنقص الحاد في عدد مراكز العلاج من الإدمان، يؤدي إلى غياب شبه كلي لإمكانية الاستفادة من أمر الإخضاع للعلاج.