كما هو معلوم من خلال النظريات المؤطرة لمجال التوجيه والتخطيط عالميا ومن خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين والقانون الإطار المنبثق من الرؤية الاستراتيجية فإن التوجيه والتخطيط هو حجر الزاوية لكل عمليات اصلاح التعليم وملاءمته لسوق الشغل والحياة العملية والمنتجة وتنمية الفرد والمجتمع… واطر التوجيه والتخطيط هم الخبراء الذين من المفترض السهر على الإشراف محليا ووطنيا على حسن اشتغال ماكينة التربية والتكوين ومراقبة مدخلاتها ومخرجاتها لإنتاج راسمال بشري ناجع ذو جودة يسهم في تقدم المشروع المجتمعي المنشود في ظل عولمة متغيرة وسريعة تتسم بالتنافسية الشرسة… لكن وفي ظل الواقع التعليمي ببلادنا فإن آليات اشتغال هاته الاطر تعترضه العديد من الاكراهات منها تخلف البنيات التربوية و المادية ووسائل العمل الضرورية وارتهانه بالبنيات الإدارية التي يطبعا الجمود وتنبني على التعليمات واستقبال الأوامر.. لذلك كان مطلب خلق وكالة مستقلة للتقييم والتوجيه سنة 2005 خلال مناظرة خاصة بالإعلام والمساعدة على التوجيه حضرته الاطر المختصة؛ كخلاص من تشبث غريق ( التوجيه) بغريق اكبر(التعليم)… ولو تم ذاك الإصلاح لانتهينا من مسرحيات وفروسيات (سياسية ديماغوجية) لوزراء تعليم لحكومات متعاقبة حول محاربة وزجر عدو مفترض وهو غش التلاميذ وانتهينا من تلك الاسطوانات الانتخابوية المشروخة.. ولتم اعتماد تقييم كفايات حقيقية منهجية ومستعرضة تنفع العباد والبلاد وإنتاج بروفايلات ذات مهارات حياتية.. تلكم اذن مجرد نقط من بحر من الاكراهات والمعوقات التي تحول دون اشتغال هاته الاطر بالشكل المناسب..ناهيك عن انه ومن خلال السياق التربوي في مجال التوجيه فان غالب محاولات تنزيل رؤية القانون الإطار يشوبها كثير من العوائق بسبب عدم توحيد الرؤى والأهداف مابين الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال نظرا لاختلاف تكويناتهم الأساسية وتخصصاتهم مما يجعل منهم فئات تميل إلى التركيز في اشتغالها على الإعلام واخرى على التوجيه…اضافة إلى تعدد الخطاب وقصور في فهم مجال التوجيه متعلق بالمتدخلين في التوجيه باعتباره منظومة تستدعي تفاعل الأسرة واطر المؤسسات التربوية والمحلية والوطنية والفاعلين السوسيومهنيين… ولعل من دواعي توحيد أطر التوجيه في المهام ومجالات الاشتغال وفي تصحيح الوضعية الإدارية لهم هو زخم المذكرات الصادرة في السنوات الاخيرة المرتبطة بالمشروع الشخصي المدرسي والمهني وتخصيص اساتذة رؤساء من اجل المواكبة التربوية للتلاميذ وتتبع مشاريعهم مما يستلزم الاعتراف الاداري لاطر التوجيه بفئتيهم بادوارهم التاطيرية ومواكبتهم ومصاحبتهم لهذا النوع من الاساتذة وتيسير مهامهم لتطوير ممارستهم التربوية في مجال التوجيه… هذا مع توفير جل الآليات التحفيزية للقيام بمهامهم على أحسن وجه…اذ لايمكن الحديث عن مدرسة موجهة حمالة لمشاريع دون هامش من الاستقلالية الإدارية وتحفيزات مالية وابتكارات بداغوجية محلية.. فزمن الإصلاح ونموذج التنمية لامعنى له دون اصلاح وضع اهل التوجيه المدرسي والمهني والجامعي…وليعلم الجميع أن في واقع الممارسة المهنية لاطر التوجيه فإنهم وبحكم اشتغالهم بالقطاعات المدرسية واحتكاكهم بمديري المؤسسات التعليمية والاطر الإدارية والتربوية بالإضافة إلى مهامهم التوجيهي والاعلامية فإنهم كثيرا ما يطالبون بعمليات تاطير ميداني للاساتذة الرؤساء ومساعدتهم ومواكبتهم ليقوموا بعملية المواكب التربوية للتلاميذ من اجل بناء مشاريعهم الشخصية وذلك للأسف بصفر درهم؛ بل بالتتقل بين مؤسسات القطاع من مالهم الخاص وحليب أطفالهم… والكثير من هؤلاء الاطر يقومون بعمليات تأطير منسقي الاندية ومواكبة منسقي أندية التوجيه وتنسيق برامج انشطتهم في جل مؤسسات قطاعاتهم المدرسية..وكثيرا مايقومون بتاطير مشاريع المؤسسات لفائدة المديرين والأساتذة إقليميا او بالاحواض المدرسية بتكليف من المديريات الاقليمية… إضافة إلى القيام بدراسات مردودية المؤسسات التعليمية واستثمار نتائجها محليا واقليميا واستخراج مؤشراتها كمراجع لمشاريع المؤسسات او مشاريع إقليمي… كل هذا وذاك بصفر درهم لكن من جانب اخر تبقى هذه المهام التي يكلفون وكذا مذكرات المشروع الشخصي ومذكرات الاستاذ الرئيس وسيلة للترافع على الأدوار التاطيرية حتى يتم الاعتراف بها رسميا عبر توحيد الاطار وتوحيد المسار مع أطر التفتيش.. اذ ان هذه النقط يمكن اعتبارها مجال التقائية بين المطالب النقابية والمطالب المهنية وهي من بين مكامن قوة قضية فئة المستشارين… *المستشار في التوجيه : المصطفى موساوي