لا أعرف سبب اصرار بعض "قيادات" الحزب السابقة على استباق الاحداث والاستعجال نحو الدفع بالحزب لتبني نهج الصدام أو المعارضة الآلية التي يجب أن لا تترك الخصم ليرتاح ، وذلك من خلال الدعوة إلى استغلال اللحظة السياسية الحالية للفوز عليه بالضربة القاضية في الدقائق الأولى من المباراة، حتى شرف هذا الانتصار سيكون ساعتها في ظل سهام الجوقة ناقصا. كما ان قرار الاصفاف في المعارضة كموقع طبيعي بعد نتائج 8شتنبر ليس بالضرورة ملزما للقيادة الجديدة. في هذا المقال سنجد انفسنا مضطرين إلى الانضمام إلى جماعة الشراح والمفسرين على قلتهم، بالرغم من محاولة البعض استكثار عدد المدافعين عن قرار التريث في معارضة الحكومة، وليس هناك مشكلة في ان نصنف مع " البنكيرانية" فليس الامر شخصنة قرارات الحزب بقدر ما اصبحت الضرورة مرتبطة باستعادة الحزب لهويته السياسية في المشاركة والمعارضة مع التذكير بابجدياتها ، في الوقت الذي عجز بعض"القادة" عن فهمها. اولا :وجهة نظر في المنهج : جاءت كلمة بنكيران لترسم الاطار العام الذي يحدد حركية الفعل السياسي للعدالة والتنمية من خلال ربطها بالمرجعية، وهذه الكلمة تختزل الكثير من القيم والمبادئ لا يمكن اغفالها في رسم حدود وطبيعة العلاقات مع الغير، وليس اعتباطا التذكير بالبدايات الأولى للمشروع الاسلامي ، ومنه تأسست المواقف الجديدة من النظام السياسي والمبنية على الاحترام والتوقير والنصح والانتقاد دون تطبيل أو انبطاح. ثانيا :المبدئية في المواقف والقرارات هذه المبدئية مبنية على الانصاف والاستقلالية والتمايز في اتخاذ القرار، فليس ضروريا إستغلال الظروف المتاحة حاليا للتخلص من الخصم باقل تكلفة، وهذا ما سمي بالانضمام الي الجوقة حتى ولو كان الكسب السياسي متحقق، فالمآلات والنتائج غير متوقعة. وهذا ما دفع الحزب خلال السنوات الأخيرة إلى التماهي مع باقي احزب الاغلبية الحكومية إلى درجة انتفاء الفروق بينه وبين غيره، وهو ما جلب عليه الانتقاد من أعضائه اولا ثم من المواطنين ثانيا. والسبب كون الحزب ليس هو نفس الحزب الذي عرفوه وساندوه، وكان الانحراف واضحا والخروج عن المنهج لا يحتاج إلى دليل. وليس غريبا إن التقت هذه المواقف مع اصوات الجوقة التي كانت تنتقد الحزب ووزراءه كوظيفة مؤدى عنها، أما أعضاء الحزب فانتقادهم موجه ضد الارتماء في احضان الحاكمين الجدد والارتهان إلى اجندتهم ومحاولة تبرير ذلك بعدم الرغبة في الاصطدام مع الدولة ومصلحة الوطن الخ… كما انه ضد اختزال الحزب ومشروعه في الحكومة و وزرائها. وكان هذا مكمن الخلل المنهجي في عدم القدرة على الفصل بين معارضة الحكومة وتدبير أعضائها واعتبارذلك معارضة للحزب وقيادته . ثالثا :في قراءة اللحظة السياسية من مواصفات القيادة السياسية الحقيقية هي امتلاك القدرة على القراءة السليمة للحظة السياسبة مما يساهم في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. وهذا ما اثر سابقا في اضعاف الحزب من خلال تفويت لحظات سياسية كانت بحاجة إلى قرارات ومواقف حاسمة في قضايا مصيرية كا (الفرنسة َوالقنب الهندي والتطبيع الخ.. .). وبالتالي فمنح الوقت للحكومة ليس شيكا على بياض او معارضة متأنية وهادئة كما يحلو للبعض وصفها. كما ان الامر ليس بحاجة لمراجعات فكرية أو تصورية بل هو الاصل والمرجعية. فالموقف السياسي بحاجة إلى تجميع معطيات وتحديد الملفات المطلبية التي سيتم النضال عليها، كما انه ليس مقبولا عقلا ومنطقا ان تبادر قيادة حزب سياسي لم يمض على انتخابها سوى ايام معدودة لتبني موقف المعارضة الآلية لحكومة نالت الثقة بدورها بعد ايام. فالمعارضة التي تليق بحزب العدالة والتنمية يجب ان تستند إلى قوة الفكرة وليس فكرة القوة والعدد، والفكرة القوية يجب ان تستند على المرجعية اولا، ثم علي اختلالات تدبيرية ناتجة عن فترة مقدرة من الاشتغال اقلها سنة مالية. كما ان المعارضة المبدئية ليست لتصفية الحسابات السياسية والثأر للهزيمة الإنتخابية. رابعا :في الحاجة إلى الفهم وإنهاء الاصطفاف بنكيران معروف بمواقفه و هو قادر عن الدفاع عنها كما يقول المثل المغربي "فران وقاد بحومة" فهو ليس من النوع الذي يترك الاسئلة معلقة بدون جواب سواء كانت داخلية او خارجية. وهذا ما يخلق حيوية في دواليب الحزب والمساهمة في تحريك عجلة التنظبم الصدأة ،والتي يشكل التنوع والاختلاف محركها. ولذلك فاعضاء الحزب هم من سيفرض نوع المعارضة التي تناسب مكانتهم وقوتهم، اما الجوقة المعروفة التي تحركها الهواتف فلا يمكن للحزب التشرف بالاصطفاف إلى جانبها حتى ولو كانت على حق. كما انه يجب نسيان نتائج الانتخابات والحكومة والتركيز على اعادة بناء الذات الحزبية ومؤسساته ومواصلة عملية تأطير المواطنين والتواصل معهم كما في السابق.