حقق المنتخب المغربي لكرة القدم العلامة الكاملة وهو ينهي إقصائيات الطريق إلى مونديال قطر بدون هزيمة وبفارق كبير عن المنتخب المحتل للرتبة الثانية، وبلغة الأرقام نجح أسود الأطلس في حصد ستة انتصارات متتالية بالتمام والكمال بما مجموعه 18 نقطة، مبتعدين بفارق كبير عن منتخب غينيا بيساو الذي حل ثانيا بما مجموعه 12 نقطة، وبما مجموعه 15 نقطة عن المنتخب السوداني الذي تذيل سلم الترتيب بما مجموعه 3 نقط، مسجلين أقوى هجوم وأقوى خط دفاع في التصفيات الإفريقية، وبهذه النتائج المسجلة وغير المسبوقة، بات المنتخب المغربي يحتل مراتب متقدمة على مستوى التصنيف الدولي والإفريقي والعربي. وشئنا أم أبينا، فالناخب الوطني كسب الرهان وحقق الأهداف المسطرة، وهو يتسيد الإقصائيات المونديالية عن جدارة واستحقاق، في انتظار مباراة السد الفاصلة والحاسمة، وقبلها ظفر بورقة التأهل إلى المونديال الإفريقي المرتقب أن تجري أطواره بالملاعب الكاميرونية، لكن بالمقابل، نسجل غياب الأداء والإقناع، وعدم تلمس شخصية المنتخب البطل القادر على التنافس القوي والتباري الشرس، بعدما غابت مشاهد الجاهزية والاستعداد والدافعية والقتالية والشراسة، بشكل يقوي من المخاوف بخصوص مستقبل هذا المنتخب ومدى قدرته على مسايرة المنتخبات الكبرى إفريقيا من طينة مصر وتونس والجزائر والكاميرن وغانا وساحل العاج وغيرهم. ما يقوي الإحساس بالخوف والقلق، أن المنتخب واجه في الإقصائيات المونديالية، منتخبات متواضعة ليس فقط من حيث سجلاتها الكروية، ولكن أيضا من خلال العروض الكروية التي قدمتها، ومع ذلك، لم ينجح الأسود في الزئير المطلوب، ولم يفرضوا ما كان ينتظر منهم من أداء تقني وانضباط تكتيكي ، ومن قوة وشراسة في اللعب، تعطي الانطباع أننا أمام منتخب تنافسي قادر على كسب الرهانات الكروية المرتقبة، وحتى "بعض اللاعبين الجدد" الذين تم الاستنجاد بهم بعد مرحلة "هيرفي رونار"، لم يقنعوا ولم يقدموا الإضافة المرجوة، ماعدا اللاعب "سامي مايي" الذي أبلى البلاء الحسن، شأنه في ذلك شأن لاعبين آخرين باتوا يشكلون ثوابت المنتخب الوطني من قبيل "غانم سايس" وأشرف حكيمي" و"نايف أكرد" و"سفيان المرابط" و"أيوب الكعبي" و"سفيان بوفال" و"يوسف نصيري"، ويمكن أن نضيف إليهم "عمران لوزا" و"أيمن برقوق" و"إلياس شاعر" وغيرهم. إذا كانت العلامة الكاملة تحققت في مرحلة دور المجموعات، فإن الرهان الحقيقي يكمن في تجاوز مطبة مباراة السد الفاصلة والحاسمة، وفي هذا الإطار يرتقب أن يواجه الأسود أحد منتخبات "القبعة الثانية" ويتعلق الأمر بمنتخبات "مصر" و"غانا" و"الكاميرون" و"مالي" و"الكونغو الديمقراطية"، وكلها مدارس كروية وازنة على المستوى الإفريقي، تجعل الظفر بورقة المرور إلى مونديال قطر صعبة وشاقة للغاية، لذلك، لابد من تصحيح ما يمكن تصحيحه وترميم ما يمكن ترميمه، لأن التأهل بالعلامة الكاملة إلى مباراة السد، يمر عبر تجاوز ما سجله الكثير من المتتبعين للشأن الكروي الوطني، من مواطن الضعف والمحدودية والتواضع في صفوف النخبة الوطنية، وهذه المواطن تقتضي إعادة النظر في بعض الاختيارات غير المجدية وفي بعض القرارات "الانفعالية" التي أبعدت بعض اللاعبين من عرين الأسود، وفي جميع الحالات، فما يشفع للناخب الوطني أنه تأهل لنهائيات كأس إفريقيا للأمم بالكاميرون، وانتزع العلامة الكاملة في سباق البحث عن جواز المرور إلى مونديال قطر في انتظار مباراة السد، لكن وعلى الرغم من هذه المكاسب، فالقادم أصعب، لأن الزئير في ملاعب الكاميرون أو ملاعب قطر إذا ما تأتى التأهل، يتطلب منتخبا وطنيا أكثر جاهزية وأكثر شراسة، وبين هذا وذاك، أكثر إقناع وأكثر إبداع، ولا يسعنا إلا أن نأمل كجمهور، أن يتم الزئير المطلوب في كأس إفريقيا للأمم، حينها، سنعرف هل نحن "أسود" شرسة، أم "أشبال" تائهة، ضائعة في أدغال كرة إفريقية تلعب بين أقدام كبار إفريقيا ولا مكان فيها للصغار.. نتمنى في كل الحالات، حظا سعيدا للفريق الوطني، ففي إشعاعه إفريقيا ودوليا، إشعاع للوطن.