كأس إفريقيا للأمم 2012 : أرقى تظاهرة قارية على الإطلاق وواجهة تعكس تقدم الكرة الإفريقية بإلقاء نظرة تاريخية موجزة عن منافسات كأس إفريقيا للأمم، التي ستطلق دورتها ال28 يوم 21 يناير الجاري بالغابون وغينيا الإستوائية، يظهر مدى التطور الذي عرفته دورة بعد أخرى ومدى تأثيرها على مستوى الممارسة الكروية وتزايد أهميتها وامتداد إشعاعها لاسيما وأنها باتت تشكل أرقى تظاهرة قارية على الإطلاق وواجهة تعكس تقدم الكرة الإفريقية. وتعد كأس إفريقيا للأمم، التي أحدثت قبل كأس أوربا للأمم بثلاث سنوات، ثاني أقدم تظاهرة قارية بعد كأس أمريكا الجنوبية ( كوبا أمريكا) التي أحدثت عام 1916. -- إزدواجية الفراعنة 1957 - 1959 -- بعد العديد من المشاركات على الصعيد الدولي خلال النصف الأول من القرن أل20 وبالأخص الألعاب الأولمبية وكأس العالم كان المنتخب المصري يعتبر وقتها بدون منازع القوة الكروية رقم واحد في إفريقيا. وما كان على منتخب الفراعنة إلا أن يؤكد هذه الصفة باحتكاره لأول لقبين لكأس إفريقيا للأمم. فقد أحرز منتخب "الفراعنة" الكأس الأولى سنة 1957 بالخرطوم بقيادة الليوتنان كولونيل محمد لطيف على حساب المنتخبين السوداني 2-1 والأثيوبي 4-0، بعد إبعاد منتخب جنوب إفريقيا بعد رفضها حكومة بريتوريا إرسال فريق مختلط (من البيض والسود، بغض النظر عن اللون أو العرق) إلى السودان. سنتان بعد ذلك، حافظ أبناء النيل بملعب النادي الأهلي بالقاهرة على لقبهم القاري في دورة أقيمت على شكل بطولة بمشاركة المنتخبات الثلاثة ذاتها، التي خاضت منافسات الدورة الأولى. وتفوق منتخب مصر على نظيره الأثيوبي بحصة عريضة 4-0 وعلى منتخب السودان 1-0 في الدقيقة الأخيرة وكان من توقيع اللاعب عصام بعد تلقيه تمريرة محكمة من محمود الجوهري، الذي قاد المنتخب المصري إلى الفوز بالكأس الإفريقية في دورة بوركينا فاسو عام 1998 كمدرب، وهو إنجاز فريد من نوعه على المستوى القاري. -- كوبا الإثيوبي يثأر على أرضه وأمام جمهوره 1962 -- بعد ما خسر مرتين بحصتين عريضتين 4-0 أمام منتخب الفراعنة يثأر المنتخب الأثيوبي من المنتخب المصري على أرضه وأمام جمهوره في الدورة الثالثة التي أقيمت في أديس أبابا عام 1962. وأثبت الإثيوبيون قوتهم وعزيمتهم بعد تغلبهم على التوالي على منتخبين دخلا دائرة المنافسة لأول مرة وهما المنتخبان التونسي 4-2 والأوغندي 2-1، وبلغوا المباراة النهائية ضد منتخب مصر. وبعد تعادل الفريقين 2-2 في الدقائق التسعين احتكم الفريقان لأول مرة فى تاريخ المسابقة للشوطين الإضافيين ليفوز فريق البلد المضيف 4-2. -- 1963-1965: النجوم السود تضيئ سماء إفريقيا -- شدت كأس إفريقيا الرحال لأول مرة إلى غرب إفريقيا وتحديدا إلى العاصمة الغانية أكرا، التي استضافت الدورة الرابعة التي شكلت فاتحة "غزوات" المنتخب الغاني الكروية بفضل فريق يتوفر على كل مقومات المنافسة ويتمتع بفرديات هائلة وكانت بداية الأعراس من أكرا حيث تحقق أول تتويج ل (النجوم السود). وكان الزعيم الإفريقي الراحل كوامي نكروما من أقوى المناصرين للمنتخب الغاني حيث كان يعتبر كرة القدم رافدا أساسيا للترويج للمبادئ والقيم الإفريقية السامية. واستعد المنتخب الغاني لكأس إفريقيا بأوروبا حيث واجه مجموعة من أشهر الأندية كريال مدريد وفرتونا دوسلدورف وبراتسلافا وأوستريا فيينا، وهو ما أهله للتغلب على جميع خصومه وإن كان قد أرغم على التعادل في مباراته الأولى أمام منتخب تونس 1-1 قبل أن يكتسح في النهاية منتخب السودان 3-0 بفضل نهجه الهجومي. (يتبع) وخلال دورة تونس 1965، التي سجلت غياب منتخبين كبيرين وهما المنتخبان المصري والسوداني، امتع الغانيون هواة كرة القدم بأرقى العروض الكروية الفرجوية وجرفوا في الدور الأول منتخبي الكونغو كينشاسا (زايير) 5-2 والكوت ديفوار 4-1 بيد أن لاعبي المنتخب الغاني المطلقي العنان الذين كانوا يسعون إلى الدفاع عن لقبهم واجهوا في النهاية منتخبا تونسيا طموحا لم يستسلم للأمر الواقع إلا بعد اللجوء إلى الشوطين الإضافيين 3-2. وكان الفريق الفائز يضم لاعبين اثنين فقط ممن فازوا بكأس 1963. وتحقق حلم الغانيين في الظفر بالتاج الإفريقي لثاني مرة بقيادة المدرب كيامفي الذي نجح في إعادة بناء الفريق بقيادة العميد أود إميتي، قطب الدفاع ومجموعة من اللاعبين الشباب من الطلبة. واستطاع الفريق الغاني تسجيل 12 هدفا في ثلاث مباريات وحمل عن جدارة واستحقاق لقب منتخب "برازيل إفريقيا". -- منتخب الفهود يكسر التراتبية 1968 -- في دورة 1968، التي أقيمت مبارياتها في أديس أبابا وأسمرة عاصمة إرتيريا حاليا، برزت منتخبات جديدة على غرار منتخب الكونغو ليوبلدفيل (جمهورية الكونغو الديمقراطية حاليا) الذي وضع حدا لهيمنة منتخبات غانا ومصر وإثيوبيا على الكأس الإفريقية. وأزاح منتخب "الفهود" في طريقه للمباراة النهائية المنتخب الأثيوبي 3-2 بعد الشوطين الإضافيين والتقى مرة ثانية مع منتخب غانا، الذي كان قد فاز عليه في الدور الأول 1-0، غير أن إرادة الفهود كانت أقوى وتفوقوا على النجوم السود بهدف يتيم حمل توقيع كالالا في الدقيقة 66. -- وأخيرا يبتسم الحظ للسودان وغاغارين نجم دورة 1970 -- كان على السودان أحد مؤسسي الإتحاد الإفريقي لكرة القدم انتظار 13 سنة للظفر بكأس المهندس عبد العزيز عبد الله سالم، أول رئيس لهذه الهيئة الكروية الإفريقية. فبعدما مني المنتخب السوداني بهزيمة قاسية 3-0 أمام المنتخب المغربي يوم 28 أكتوبر 1969 بالملعب الشرفي بالدارالبيضاء في نطاق إقصائيات كأس العالم 1970 ظهر بمظهر قوي خلال الأدوار النهائية لكأس الأمم الإفريقية بالخرطوم وانتزع الكأس بعد فوزه على منتخبي مصر في نصف النهاية 2-1 وغانا في مباراة نهاية ساخنة 1-0 احتج فيها الغانيون بشدة على التحكيم وقاطعوا حفل توزيع الجوائز. ومن الأسماء اللامعة في الدورة، التي سجلت مشاركة منتخبي الكاميرون وغينيا لأول مرة، قلب هجوم المنتخب السوداني علي غاغارين أحسن لاعب في الدورة والغينيون شريف سليمان وماكسيم كمارا وبتي سوري والإيفواري لوران بوكو هداف الدورة بثمانية أهداف -- منتخب الكونغو برازافيل يبدد كل التكهنات بفضل مبونو الساحر 1972 -- فجر منتخب الكونغو برازافيل مفاجأة من العيار الثقيل في دورة 1972 بالكاميرون التي شيدت بالمناسبة ملعبين جديدين بياوندي ودوالا ، وهو المنتخب الذي لم يكن أشد الإختصاصيين تفاؤلا يتوقع أن يجتاز حتى الدور الأول، خاصة وأنه كان يوجد ضمن مجموعة تضم ثلاثة منتخبات قوية وهي منتخبات المغرب وزايير والسودان. لكن منتخب الكونغو كان بالفعل الحصان الأسود في هذه المجموعة. فرغم هزيمته أمام المنتخب الزاييري 2-0 فقد أرغم المنتخب المغربي الذي كان يتشكل بنسبة كبيرة جدا من لاعبي مونديال مكسيكو 1970 على التعادل 1-1 واكتسح حامل اللقب منتخب السودان 4-2 وتأهل لنصف النهاية بفضل القرعة بعد تساويه في النقط مع المنتخب المغربي ( ثلاث نقط لكل منتخب). وفي نصف النهاية فاز المنتخب الكونغولي على منتخب البلد المضيف الكاميرون 1-0 الذي كان يشرف وقتئد على تدريبه الألماني بيتر شنيتغر ويضم في صفوفه بعض المحترفين من بينهم جان بيير طوكوطو وواجه في المباراة النهائية منتخبا كان هو الآخر مفاجأة الدورة وهو منتخب نسور مالي بقيادة نجمه الكبير ساليف كيتا وفاز عليه 3-2 بقيادة نجمه مبونو الملقب ب "الساحر" موقع هدفين حاسمين. -- ثاني تاج قاري لمنتخب الفهود 1974 -- جسد منتخب زايير، ممثل القارة الإفريقية في كأس العالم لعام 1974 بألمانيا، تفوقه القاري بإحرازه ثاني لقب له بالقاهرة سنة 1974 بعد لقب 1968 في إثيوبيا. فبعد فوزه على منتخبي غينيا 2-1 وجزيرة موريس 4-1 وهزيمة أمام منتخب الكونغو 1-2 حقق الفهود إنجازا كبيرا بتجاوزهم لمنتخب الفراعنة في نصف النهاية وواجهوا في المباراة النهائية منتخب زامبيا التي انتهت بالتعادل 2-2 بعد الشوطين الإضافيين لتعاد بعد يومين ، وكان الفوز هذه المرة حليف منتخب الزايير 2-0. -- في أديس أبابا جاء الفرج من رجل بابا 1976 -- في ثاني مشاركة له في الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم وبأرض الحبشة انتزع أصدقاء العميد أحمد فرس أحد نجوم دورة 1976 الكأس عن جدارة واستحقاق بفضل منتخب متكامل يجيد اللعب على جميع الخطوط ويبهر بآدائه الكروي المتميز ولعبه الرجولي. صمد أسود الأطلس وتماسكوا وتآزروا في ديرداوة وأديس أبابا إلى أن وصلوا إلى العين وشربوا منها. فبعد فوزين على منتخبي زايير1-0 ونيجيريا 3-1 وتعادل مع منتخب السودان 2-2 واصل زملاء فرس المشوار بتألق في الدور الثاني الذي أقيم على شكل بطولة مصغرة جمعت الفرق الأربعة المتأهلة عن الدور الأول على غرار الصيغة المعتمدة في كأس العالم بألمانيا وفاز على منتخبي مصر 2-1 ونيجيريا 2-1. وكانت مجموعة المدرب الروماني مارداريسكو في حاجة إلى نقطة واحدة لتتوج بطلة لإفريقيا فيما لم يكن أمام المنتخب الغيني من خيار سوى الفوز للظفر بالكأس ومن هنا تكمن أهمية المباراة وشراسة المواجهة . وكان الإمتياز للفريق الغيني منذ الدقيقة 33 بواسطة لاعبه الكبير شريف سليمان. وحينما كان حلم الغينيين بالتتويج يكبر مع مرور الوقت وعلى بعد دقيقتين جاء هدف الخلاص من رجل مدافع من طينة اللاعبين الكبار إسمه أحمد مكروح الملقب ب" بابا"، الذي وقع هدفا أنطولوجيا تردد صداه بقوة في سماء أديس أبابا. وعانق المغاربة الكأس بعد حصولهم على خمس نقط فيما لم يتعد رصيد الغينيين الأربعة ومن وقتها ظلت لهذا الجيل الذهبي مكانة كبيرة في قلوب الجماهير المغربية، لكن مع الأسف عجزت الأجيال التي أتت من بعدهم عن تكرار نفس الإنجاز حتى في دورة عام 1988 التي أقيمت بأرضهم وأمام جمهورهم وبعدها في دورة تونس 2004 التي أبدع وامتع فيها أصدقاء العميد نور الدين النيبت لكنهم خسروا في النهاية أمام منتخب البلد المضيف 2-1 . -- أكرا 1978 .. ثالث كأس للغانيين بقيادة عبد الرزاق -- لم يفوت المنتخب الغاني فرصة إقامة الدورة الحادية عشرة على أرضه للفوز باللقب للمرة الثالثة وكان له ذلك بحيث لم يجد الغانيون أدنى صعوبة في تخطي خصومهم وكان آخرهم ظاهرة الدورة المنتخب الأوغندي الذي كان وراء إقصاء حامل اللقب المنتخب المغربي بإلحاقه به هزيمه قاسية 3-0 في الدور الأول. -- لاغوس 1980 .. النسور الخضر تحلق عاليا في سماء القارة -- كما في الدورة الماضية كانت الكأس الإفريقية من نصيب منتخب البلد المضيف . كان النيجيريون يراهنون على الفوز بأول كأس خاصة وأنهم يخوضون مبارياتهم أمام ما يزيد عن 100 ألف متفرج بملعب لاغوس. وبعدما تصدروا مجموعتهم بتحقيقهم لفوزين على منتخبي تنزانيا 3-1 ومصر1-0 وتعادل مع منتخب فيلة كوت ديفوار وجدت النسور الخضر (النسور الممتازة حاليا) أمامها منتخبين من المغرب العربي. ففي نصف النهاية أقصى منتخب نيجيريا المنتخب المغربي بفوزه عليه بصعوبة 1-0 قبل أن يقابل في المباراة النهائية منتخب الجزائر ويتفوق عليه بحصة لاتقبل الجدل 3-0، ومن يومها أصبح منتخب نيجيريا من المنتخبات التي يقام لها ولا يقعد. وفي دورة لاغوس حقق منتخب مغربي شاب لم تمض على تشكيله سوى ثلاثة أشهر، وكان يضم في صفوفه لاعبين واعدين من ضمنهم الحارس الكبير بادو زاكي، المدرب السابق لأسود الأطلس، ثاني أفضل إنجاز في تاريخ مشاركاته في كأس الأمم الإفريقية بانتزاعه الميدالية النحاسية بعد فوزه في مباراة الترتيب على منتخب مصر 2-0 وقعهما خالد الأبيض. شكلت دورة طرابلس سنة 1982 نقطة تحول في تاريخ كأس الأمم الإفريقية بالترخيص للجامعات الوطنية بإشراك لاعبيها المحترفين في فرقها الوطنية عوض الاقتصار على اللاعبين الهواة، كما كان الأمر في السابق وبانتصار الرياضة على السياسة ذلك أن رئيس (الكاف) الراحل الإثيوبي يادنيكاتشو تسيما أصر على إقامة الدورة على أرض ليبيا رغم الضغوط التي مورست عليه من قبل بعض البلدان الإفريقية. -- دورة 1982 .. رابع لقب قاري لغانا بقيادة عبيدي بيلي: لأول مرة في تاريخ كأس إفريقيا تحسم نتيجة مباراة نهائية بعد الإحتكام إلى الضربات الترجيحية وكان ذلك سنة 1982 بطرابلس. فقد اختتمت هذه الدورة التي بدأ فيها نجم عبيدي بيلي يلمع كما بدأت وانتهت بصراع ثنائي ليبي-غاني. فبعد تعادل المنتخبين سلبا في الدور الأول التقيا في المباراة النهائية، ولم يتمكن أي منهما من حسم المباراة لفائدته خلال الوقت الأصلي والشوطين الإضافيين 1-1. فكانت الضربات الترجيحية هي الفاصلة بين المنتخبين ورجحت كفة الغانيين 7-6 الذين تألق في صفوفهم مجموعة من اللاعبين الموهوبين من أمثال عبيدي بيلي وكوفي أبرى والحارس أوسو. -- دورة 1984 .. الأسود غير المروضة تزأر في أبيدجان: كانت دورة 1984 في أبيدجان بدون منازع دورة المنتخب الكاميروني، الذي خرج من مونديال 1982 بإسبانيا مرفوع الرأس بعد مشاركته المشرفة بتحقيقه لثلاثة تعادلات. وكانت المواجهة النهائية كاميرونية- نيجيرية بعد إزاحتهما في نصف النهاية على التوالي للمنتخبين الجزائري والمصري بالضربات الترجيحية 5-4 و 8-7. وكانت الغلبة للكاميرونيين الذين أحرزوا يوم 18 مارس 1984 أول كأس إفريقية بعد تفوقهم على النيجيريين بثلاثة أهداف لواحد. -- دورة 1986 : منتخب الفراعنة يرفع الكأس بعد 27 عاما: بعدما طال انتظار المصريين مدة 27 سنة لم يفوتوا هذه المرة الفرصة أمام جمهورهم وكانت البداية متعثرة بهزيمة غير متوقعة أمام منتخب السينغال 0-1. ولولا الفوز على منتخب الموزمبيق المتواضع 2-0 ثم على منتخب الكوت ديفوار بنفس الحصة لحدثت المأساة في أرض الكنانة. ولم يكن الطريق مفروشا بالورود من أجل الظفر باللقب ذلك أن المنتخب المصري واجه في نصف النهاية حصانه الأسود المنتخب المغربي ولم يكن الفوز ليتحقق في ذلك اللقاء القوي لولا خطأ التحكيم بحيث أن الحكم أقر مشروعية الهدف القاتل الذي سجله طاهر أبو زيد في مرمى الحارس الزاكي من ضربة خطأ غير مباشرة، غير أن اللاعب المصري سددها مباشرة واحتسب الهدف وأقصي أسود الأطلس وتنفس منتخب الفراعنة الصعداء. وفي اللقاء النهائي لم تحسم النتيجة إلا بلجوء المنتخبين الكاميروني والمصري للضربات الترجيحية مع تضييع هذا الأخير لضربة جزاء من طرف اللاعب كانا بييك (5-4). -- دورة 1988 : المنتخب الكاميروني ينتزع الكأس الثانية في الدارالبيضاء : بعد الفوز بدورة 1984 في أبيدجان وخوض المباراة النهائية في دورة القاهرة 1986، شارك المنتخب الكاميروني في دورة الدارالبيضاء التي كانت مقررة أصلا في زامبيا، وكله عزم على استرجاع لقبه. وبلغ الكاميرونيون هدفهم المنشود بتفوقهم في المباراة النهائية بفضل حنكتهم وخبرتهم على منتخب نيجيري كان في طور الترميم بهدف مقابل لاشىء وقعه قلب الدفاع إيمانويل كوندي من ضربة جزاء. وكانت دورة الدارالبيضاء مخيبة للآمال بالنسبة للفريق الوطني المغربي، الذي أثار إعجاب وتقدير عشاق كرة القدم في مونديال مكسيكو 1986. فقد أقصي أسود الأطلس في نصف النهاية من طرف منتخب الكاميرون بهدف مقابل لاشىء في مباراة كانت متواضعة المستوى من كلا الجانبين. -- دورة 1990: رابح مادجر يقود منتخب الجزائر إلى الفوز بأول وآخر لقب: سجل المنتخب الجزائري بنجومه رابح مادجر ولخضر بلومي وجمال مناد إسمه في سجل المنتخبات الفائزة بكأس الأمم الإفريقية في دورة 1990 التي أقيمت في الجزائر. ومزج المنتخب الجزائري بين النتيجة واللعب الفرجوي التي بدأت تفقده الملاعب الإفريقية وقتها. وبدأ فريق الخضر المشوار بفوز عريض على منتخب نيجيريا 5-1 وأعقبه بثلاثية ضد منتخب كوت ديفوار ثم بفوز 2-0 على منتخب مصر الرديف 2-0. وكانت المواجهة النهائية مع منتخب نيجيريا حامل اللقب، الذي أبدى هذه المرة مقاومة شرسة لكن هدف الشريف الوزاني في الربع ساعة الأخيرة كان كافيا لتخليص المنتخب وتحرير شعب بكامله وتحقيق حلم طالما ظل يراوده. - دورة 1992.. منتخب الفيلة يتوج بطلا لإفريقيا بفضل الحارس كواميني: لم يسبق في تاريخ كأس إفريقيا للأمم أن ساهم حارس مرمى في تتويج فريقه بالقدر الذي ساهم به حارس مرمى منتخب كوت ديفوار الآن كواميني، الذي كان يحرس أيضا مرمى فريق الرجاء البيضاوي. قليلون وقليلون جدا أولئك الذين كانوا يراهنون على فوز منتخب كوت ديفوار بالكأس القارية في دورة دكار عام 1992 رغم فوزه البين على حامل الكأس المنتخب الجزائري 3-0. فبعد ضمان التأهل لنصف النهاية على حساب منتخب زامبيا بقيادة كالوشا بواليا خاض الإيفواريون مباراة حاسمة أمام منتخب الكاميرون تميز خلالها وبشكل كبير حارسه العملاق ألان كواميني، الذي يرجع له الفضل في تأهل منتخب بلاده للمباراة النهائية. وكرر كواميني نفس الإنجاز في مباراة النهاية ضد منتخب غانا (النجوم السود) الذي عاد إلى الواجهة بعد غيبة لم تكن بالقصيرة. وكما كان الشأن في مباراته ضد الكاميرون كان قرار الحسم لفائدة الإيفواريين بفضل الضربات الترجيحية 11-10. - دورة 1994 .. النسور الخضر تحلق ثانية في سماء القارة: بعد فوزهم على أرضهم بالكأس الإفريقية عام 1980 لم يحقق النيجيريون نتائج باهرة ماعدا اكتفائهم بالمركز الثاني خلال دورتي الدارالبيضاء عام 1988 والجزائر عام 1990، لكنهم ظهروا بمظهر قوي في دورة تونس سنة 1994 لكون الفريق كان يضم في صفوفه لاعبين كبار من طينة أوكوشا وأموكاشي وكانو وأوليشي الذين نالوا الإعجاب والتقدير حتى من لدن المنتخبات الكبرى بلعبهم الذي يمزج بين القوة الإفريقية والصرامة الأوروبية والسحر البرازيلي. فخلال دورة تونس كان أصدقاء رشيدي يكيني واثقين من مؤهلاتهم في الفوز بالكأس الإفريقية وواجهوا في المباراة النهائية فريق زامبيا، الذي كان تحت تأثير صدمة فقدان الغالبية العظمى من لاعبيه في حادث تحطم طائرة شهورا قبل موعد تونس. ورغم صمود ومقاومة زملاء كالوشا بواليا كان أمونيكي رجل القرار الحاسم بتسجيله لهدفي المنتخب النيجيري 2-1. وكان اللقب الإفريقي بداية المسار الذهبي لمنتخب النسور الممتازة الذي رصعه بذهبية أولمبياد أطلانطا عام 1996 بعد تخطيه على الخصوص لمنتخبين كبيرين ويتعلق الأمر بالأرجنتين والبرازيل بثنائيه الخطير ببيطو-رونالدو. -- دورة 1996 .. مرحبا بالبفانا بفانا: بعد وضعها حدا لنظام الميز العنصري تصالحت جنوب إفريقيا مع القارة السمراء باستضافتها الدورة أل20 في حلة جديدة باعتماد نظام أربع مجموعات من أربعة منتخبات وهو النظام الذي مازال معمولا به إلى اليوم. وأبان منتخب "البفانا بفانا" الذي بقي عشرات السنين في الظل عن مؤهلات كبرى وكفاءات تقنية عالية. وكانت مجموعة كليف باركر الأب الروحي لمنتخب البفانا بفانا تحذوها عزيمة أكيدة في معانقة الكأس لأول مرة وفي أول مشاركة ومنح جنوب إفريقيا ثاني لقب وهذه المرة قاريا بعد ما سبق لمنتخب كرة الريكبي (سبيرينغبوك) أن فاز بكأس العالم. -- دورة 1998: كثيبة الجنرال الجوهري تظفر بالكأس في أدغال واغادوغو: على الرغم من الهزيمة الصغيرة التي مني بها المنتخب المصري في اللقاء الذي جمعه بأسود الأطلس 1-0 في الدور الأول تمكن الفراعنة من الفوز بلقب الدورة 21، التي أقيمت ببوركينا فاسو ليعادلوا الكفة مع المنتخب الغاني برصيد أربعة ألقاب. وجاء ترتيب أبناء النيل الذين فازوا بلقب كأس إفريقيا للأمم سنوات 1957 و1959 و1986 بقيادة المدرب محمود الجوهري الملقب ب "الجنرال" الذي كان قد ساهم كلاعب في فوز منتخب بلاده بدورة 1959 في المركز الثاني وراء المغرب، عقب إجراء الدور الأول واجتازوا بصعوبة مرحلة ربع النهاية بفضل الضربات الترجيحية أمام الكوت ديفوار 5-4 وتغلبوا على منتخب البلد المضيف ليواجهوا في النهاية منتخب جنوب إفريقيا حامل اللقب ويفوز عليه بنتيجة 2-0 . -- دورة 2000: منتخب الكاميرون يكسر أجنحة النسور الممتازة : أصاب الفوز الذي حققه منتخب (الأسود غير المروضة) على منتخب نيجيريا أزيد من 60 ألف متفرج بالذهول وحول صخب مدرجات الملعب الوطني سوريلير بلاغوس إلى صمت رهيب وحرمهم من نشوة الفوز وبدد أمل الملايين من محبي المنتخب النيجيري الذي خاض المباراة النهائية وخسر ثالث نهاية أمام منتخب الكاميرون بعد نهايتي 1984 في أبيدجان و1988 في الدارالبيضاء. وكانت مباراة النهاية التي انتهت بفوز الكاميرون 4-3 بالضربات الترجيحية بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2-2 قمة في الإثارة واللعب الفرجوي اعتبارا للمؤهلات الكروية والبدنية والتقنية العالية التي يتوفر عليها لاعبو الفريقين. وفاز المنتخب الكاميروني، في الدورة التي أقيمت في كل من غانا ونيجيريا، بلقبه الثالث ودائما على حساب المنتخب النيجيري واحتفظ بذلك بالكأس بصفة نهائية. -- دورة 2002 .. رابع تاج قاري لمنتخب الكاميرون: كانت دورة باماكو (مالي) قمة في الإثارة وتألقت فيها العديد من الأسماء وكرست نجومية لاعبي منتخبي الكاميرون والسينغال، مفخرة إفريقيا في مونديال كوريا واليابان. واستأسد الكاميرونيون في باماكو فتصدروا ترتيب مجموعتهم بثلاثة انتصارات على كل من الكونغو الديمقراطية 1-0 والكوت ديفوار 1-0 والطوغو 3-0 ليزيحوا منتخب مصر في ربع النهاية 1-0 ثم منتخب البلد المضيف 3-0 في نصف النهاية قبل خوض غمار النهاية، التي لم يكن الحسم في نتيجتها إلا عن طريق الضربات الترجيحية التي رجحت في الأخير كفة الكاميرونيين الذي فازوا 3-2. وإذا كانت هناك منتخبات أقنعت وأمتعت فهناك منتخبات خيبت آمال جماهيرها ومن بينها المنتخب المغربي الذي حزم حقائبه مبكرا كما في الدورة الماضية بعد تعادله مع منتخب غانا بدون أهداف وفوزه على منتخب بوركينا فاسو 2-1 وخسارته أمام منتخب جنوب إفريقيا 3-1. -- دورة 2004 : أول نهاية عربية- مغاربية بين نسور قرطاج وأسود الأطلس: شكل الإنجاز الرائع لأسود الأطلس في كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم بتونس أبرز الأحداث التي طبعت مسار الرياضة المغربية في سنة 2004. ففي تونس حقق الأسود إنجازا كبيرا ببلوغهم المباراة النهائية لكأس إفريقيا للأمم التي خسروها أمام منتخب البلد المضيف 2-1. وإذا كانت نسور قرطاج قد توشحت بالتاج بعد خسارتها لنهايتي 1965 بتونس أمام غانا و1996 في جوهانسبورغ أمام منتخب جنوب إفريقيا، فإن أسود الأطلس قد انتزعوا الإحترام والتقدير والتنويه وخرجوا مرفوعي الرأس في بطولة لم يكن أشد المغاربة تفاؤلا يتوقع أن يحقق فيها أصدقاء العميد نور الدين النيبت هذا الإنجاز. -- دورة 2006: مصر تكسب رهان التنظيم وترفع الكأس للمرة الخامسة. ضرب المصريون أكثر من عصفور بحجر واحد بكسبهم رهان تنظيم الدورة الخامسة والعشرين لكأس إفريقيا للأمم في كرة القدم، التي كانت ناجحة بكل المقاييس، واعتبرت أقوى وأفضل الدورات على الإطلاق من جهة، وتتويج منتخب الفراعنة بطلا لإفريقيا للمرة الخامسة، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ هذه المسابقة الكروية الإفريقية منذ انطلاقتها عام 1957 في السودان من جهة أخرى. فبعد مخاض عسير ومن رحم معاناة الشوطين الإضافيين والضربات الترجيحية توج الفريق المصري بطلا لإفريقيا للمرة الخامسة مسجلا بذلك رقما قياسيا في تاريخ الكأس الإفريقية للأمم إثر فوزه في مباراة النهاية على منتخب كوت ديفوار بالضربات الترجيحية 4-2 (0-0). وعرفت دورة القاهرة تواضع المنتخب المغربي وخروجه من الدور الأول لسادس مرة في تاريخ مشاركته في نهائيات كأس إفريقيا للأمم بعد دورات 1972 في الكاميرون و1978 في غانا و1992 في السنغال و2000 في غانا ونيجيريا و2002. -- دورة 2008: المنتخب المصري الأكثر تتويجا على الإطلاق: احتفظ المنتخب المصري بلقبه القاري في دورة غانا 2008 عقب فوزه في المباراة النهائية 1-0 على المنتخب الكاميروني بقيادة نجمه صامويل إيطو هداف الدورة برصيد 5 أهداف والذي بات أفضل هداف على الإطلاق في تاريخ الكأس الإفريقية بمجموع 16 هدفا. وكان الفريقان قد التقيا في الدور الأول ضمن المجموعة الثالثة وحسم الفريق المصري نتيجة المباراة لصالحه 4-2 ليتصدر المصريون المجموعة بينما اكتفى الكاميرونيون بالمركز الثاني. وفي طريقهما للمباراة النهائية فاز المنتخب المصري في دوري ربع ونصف النهاية على منتخبي أنغولا (2-1) وكوت ديفوار الذي واجهه في نهاية الدورة السابقة (4-1)، في حين أقصى المنتخب الكاميروني منتخبي تونس (3-2) وغانا (1-0). وفي مباراة نهائية مثيرة كرس الفريق المصري تفوقه القاري بفوزه على المنتخب المصري بفضل هدف محمد أبو تريكة الذي لم يترك أي حظ للحارس كاميني (د 78) بعد خطأ فادح للمدافع الصلب ريغوبير سونغ. وهكذا يتوج منتخب "الفراعنة" بطلا لإفريقيا للمرة السادسة، وهو إنجاز غير مسبوق، بعد إحرازه اللقب سنوات 1957 و1959 و1986 و1998 و2006، وحرم بذلك المنتخب الكاميروني من معادلة رقمه القياسي بعد تتويجه في دورات 1984 و 1988 و 2000 و2002. وسجلت دورة 2008 رقما قياسيا في عدد الأهداف الذي بلغ 99 هدفا أي بمعدل 09ر3 أهداف في المباراة الواحدة. -- دورة 2010 : أنغولا تكسب رهان التنظيم ومنتخب الفراعنة يرفع الكأس للمرة السابعة: انضمت أنغولا إلى سجل البلدان المستضيفة لكأس إفريقيا للأمم باحتضانها نهائيات الدورة السابعة والعشرين مطلع سنة 2010 وحاول منتخبها المنافسة بقوة على اللقب بقيادة البرتغالي مانويل جوزي ، الذي حقق قبلها العديد من الإنجازات التاريخية مع الأهلي المصري. ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن حيث خرج المنتخب الأنغولي من الباب الخلفي للدورة وغادر المنافسات في دور الربع بالهزيمة أمام نظيره الغاني الذي شق بعد ذلك طريقه بنجاح إلى النهاية. وفي المقابل، نجح المنتخب المصري مجددا في تعويض إخفاقهم في تصفيات كأس العالم 2010 وتوج بطلا مثلما فعل في دورة 2006 بعد الإخفاق في بلوغ نهائيات المونديال. وبدأ المنتخب المصري رحلة الدفاع عن لقبه بفوز ثمين على نظيره النيجيري 3 -1 في لقاء قمة مبكر قبل الفوز على موزمبيق 2 -0 وعلى بنين بالنتيجة ذاتها. وواصل أبناء النيل تألقهم في الأدوار التالية ففازوا على أسود الكاميرون 3-1 في الوقت الإضافي لمباراتهما في دور الربع والتي انتهى وقتها الأصلي بالتعادل 1-1 ثم على الجزائر 4 -0 في مباراة ثأرية بعد الخروج أمام الجزائر من تصفيات مونديال 2010 . واستغل المصريون خبرتهم الكبيرة في التغلب على المنتخب الغاني الشاب في المباراة النهائية بهدف نظيف سجله محمد ناجي جدو الذي لقب بالبديل السوبر كما انفرد بصدارة قائمة هدافي البطولة برصيد خمسة أهداف بينما فاز زميله المخضرم أحمد حسن عميد الفريق بلقب أفضل لاعب في الدورة.