جرت العادة أن يعبر المتضرر من حيف أو ظلم عن سخطه بأساليب متعددة ومختلفة حسب مدى الضرر وانعكاساته عليه سواء كانت مادية أو معنوية. ولعل أدنى وسيلة للتعبيرعن الاستياء وعدم الرضى هي أن يسلم المرء أمره إلى الله مكتفيا بعبارات من قبيل "حسبي الله ونعم الوكيل" أو "عليه العوض ومنه العوض" أو "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" أو "الصبر مفتاح الفرج" وما الى ذلك من أقاويل وعبارات قد تنم إما عن مدى إيمان المرء بوجود عدالة إلهية وأن الله سينصفه عاجلا أو آجلا وإما عن الاستسلام والخضوع والرضوخ للأمر الواقع وهما أمران يتنافيان مع الديناميكية التي يتطلبها الدفاع عن الحق المشروع خصوصا في المجتمعات التي لا يعطى فيها الحق بل ينتزع انتزاعا تختلف درجة شراسته حسب الخصم والضرر اللاحق ونوعية المواجهة والوسائل المتاحة. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو ما الذي قد يحول دون لجوء المرء إلى الدفاع عن حقه ومكتسباته إذا طالتها يد السلب والظلم؟ ولو أنه من المرجح أن يكون الخوف أكبر معيق للمطالبة بالحق ورفع الضرر، فإن هناك عوائق أخرى لا تقل عنه وزرا لعل أبرزها التهاون واللامبالاة و التواكل والتخاذل. وتعد هذه الصفات أكبر الأعداء وألذ الخصوم وأكثرها خطورة بالنظر لعواقبها على شخصية المرء نفسه. ولعل ما يثير الاشمئزاز هو اجتماع وتوفر كل هذه الصفات في الشخص بالأخص حينما يتعلق الأمر بمسائل مصيرية أو تمس العرض والشرف أو مصدر مايعول به أسرته وفلذة كبده تستدعي التشمير على الساعدين و إظهار المخالب و التكشير عن الأنياب دفاعا وحفاظا عنها. وأسرة الإرشاد السياحي إذ تعاني الأمرين من تداعيات تعليق الرحلات من وإلى المغرب مع العديد من الدول الأوروبية التي يعول عليها لإنعاش القطاع السياحي المحتضر وما ترتب عن هذا القرار المفاجئ من إلغاء لتظاهرات مهمة -كانت لتسهم بشكل فعال في الترويج للمغرب كوجهة سياحية آمنة بامتياز ولتولد ديناميكية ولو عابرة نحن في أمس الحاجة إليها- و إلغاءات للحجوزات في الفنادق ودور الضيافة وبالتالي تمديد فترة بطالة المرشدين السياحيين المعتمدين ومعاناتهم، يحز في النفس اقتصار هؤلاء على "البكاء على الأطلال" و "انتظار كودو" عوض التفكير في الوسائل والأساليب التي قد تخرج مهنة الإرشاد السياحي من الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها ناهيك عن المشاكل التنظيمية والهيكلية مما يجعلها ربما الأضعف في سلسلة القيم السياحية وأكثرها عرضة للهشاشة. وبالنظر لحجم الأزمة الحالية المترتبة عن جائحة كوفيد-19 وما يواكبها من قرارات مفاجئة و اعتباطية في معظمها لا تخدم مصالح القطاع السياحي ووأدت بصيص الأمل الذي بدأ يلوح لوهلة في الأفق، بل ويتم استغلالها من طرف دول منافسة للمغرب لاستقطاب المزيد من السياح لتنطبق عليه بذلك المقولة الشهيرة "مصائب قوم عند قوم فوائد"، يجب على الجامعة الوطنية للمرشدين السياحيين المعتمدين بصفتها الناطق الرسمي باسم ممتهني الإرشاد السياحي اتخاذ تدبيرين أوليين استعجاليين وذلك بما يقتضيه واجب الدفاع عن هذه المهنة وتجنيبها موتا سريريا قد يصبح محتمًا إن لم تتدارك الأمر الجهات المسؤولة عن هذا القطاع الحيوي. تدبيران قد يرجحان كفة الميزان لصالح المرشدين السياحيين المعتمدين ويتمثلان في عقد مؤتمر صحفي لتنوير الرأي العام وكسب تعاطفه مع قضية الإرشاد السياحي ومراسلة وزيرة السياحة ورئيس الوزراء للمطالبة بإعادة فتح المطارات في وجه جميع الدول التي شملها قرار الإغلاق الأخير أو إعداد وتنزيل مخطط استعجالي لصرف مساعدات مادية لائقة ضمانًا وصيانة لهذه الفئة من مهنيي القطاع السياحي واعترافا لها بالجميل لما تسديه من خدمات جليلة للتعريف بالمغرب والإسهام في إنعاش اقتصاده والدفاع عن مكاسبه ومقدساته في إطار الديبلوماسية الموازية.