أوضح رشيد الطالبي العلمي، أنه سيظل حريصا على حقوق جميع النواب البرلمانيين، وخاصة المعارضة التي كفل لها الدستور عدة حقوق، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى إيمانه بأهمية الاختلاف وبضرورة المعارضة المؤسساتية. جاء ذلك في أول كلمة له بعد انتخابه رئيسا جديدا لمجلس النواب، بأغلبية أصوات البرلمانيين الجدد، خلال جلسة عمومية لانتخاب الرئيس الجديد للمجلس، جرت مساء اليوم السبت، بمقر الغرفة الأولى في البرلمان. وقال الطالبي مخاطبا البرلمانيين: "الزميلات والزملاء، أنا رئيس لجميع مكونات المجلس، معارضة وأغلبية، سواء من اختار ذلك أو من كان لهم رأي آخر"، معتبرا أن المعارضة هي مؤسسة من أحزاب تجمعها مع الأغلبية الشراكة في الوطن والإيمان بضرورة تقدمه. وأردف بالقول: "تفرض علينا المهام التي يجب إنجازها، وتحديات المرحلة، والآمال التي أطلقتها الدينامية السياسية التي نعيشها، وكذا التحديات التي تواجهها بلادنا في سياق الجائحة وما بعدها، التعبئة الجماعية والحضور المنتج والحوار المثمر والإسهام في جعل أشغال المجلس محطة تقدير الرأي العام". وأضاف: "علينا الإصغاء للمجتمع والتواصل مع مكوناته، خاصة المدنية، وفق ما يكفله الدستور في مجال الديمقراطية التشاركية، وذلك بما يرسخ الديمقراطية التشاريكة لمؤسسة البرلمان ويكفل تجديدها"، وفق تعبيره. وتابع: "أستشعر ثقل المسؤولية التي أتشرف بتحملها من جديد اليوم على رأس مجلس النواب"، مضيفا: "إني متيقن أن الحرص الملكي السامي على حسن سير المؤسسات الدستورية وصيانة الاحتيار الديمقراطي يظل ضمانة ومصدر تحفيز وقوة دفع لمواصلة التعبئة المرسساتية الجماعية خلف الملك من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي على بلادنا رفعها وكسب رهانات المرحلة الجديدة". ويرى الطالبي أن هناك مهاما جساما على عاتق مجلس النواب حملها الناخبات والناخبون في الانتخابات التي كانت محطة فاصلة فارقة وحاسمة في تاريخ المغرب السياسي والمؤسساتي، حسب قوله. وأوضح أن تنظيم 6 استحقاقات في عام واحد، منها 3 في يوم واحد في مثل هذا السياق، لا تنجزه إلا البلدان العريقة الراسخة مؤسساتها والدول الجديرة بهذا الاسم، معتبرا أن اقتراع 8 شتنبر أفرز أغلبية جديدة ومعارضة جديدة ويسر ولوج نخب جديدة إلى المؤسسات المنتخبة وفي مقدمتها مجلس النواب. كما أعطت هذه الاستحقاقات، يضيف المتحدث، درساً لمن أراد معرفة حقيقة المغرب وتفرد المغرب، خاصة إذا استحضرنا السياق العام الذي جرت فيه الانتخابات بكافة مستويات والمتميز بانتشار جائحة "الكوفيد 19″، حسب قوله. أولويات المرحلة وبخصوص أولويات مجلس النواب، قال الطالبي إنه سيتم الإشتغال على الأولويات التي حددها الملك، والمتمثلة في الحرص على ضمان الأمن الغذائي الاستراتيجي في سياق الجائحة وما بعدها، والتنافس العالمي الكبير على المواد الغذائية الأساسية، ومواكبة متطلبات اقتصاد ما بعد الجائحة، وما يقتضيه الانعاش الاقتصادي من تشريعات وتدابير وراقبة وتقييم وحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وأضاف: "سيكون عليناا ممارسة اختصاصاتنا الدستورية في التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية ووظائفنا في تمثيل المواطنين وفي مجال الدبلوماسية البرلمانية، على النحو الذي يرقى إلى طموحات المواطنين ويرسخ دولة المؤسسات". واعتبر أن ممارسة هذه الاختصاصات يجب أن تتم في السياق الوطني العام الذي يقع تحت عنوان مركزي هو إعمال النموذج التنموي الجديد الذي حدده الملك من بين الأولويات الوطنية في المرحلة الراهنة، على حد قوله. وأشار إلى أنه يقدر حجم الجهد التشريعي المطلوب من النواب لتأطير إعمال هذا النموذج ومتطلباته في مجال التتبع والتقييم الذي ورد مكوناً مركزيا في وثائق النموذج التنموي الجديد. كما لفت إلى أن إنجاز الأجندات التشريعية تتطلب دينامية المجتمع والاقتصاد والإصلاحات المؤسساتية التي يتطلبها النموذج التنموي، بما في ذلك إصلاح قطاع الصحة والمنظومة التعليمية والجبائية، لافتا إلى محطة أساسية تنتظر النواب ابتداءً من الأسبوع المقبل، متمثلة في تقديم البرنامج الحكومي ثم مشروع قانون المالية. يُشار إلى رشيد الطالبي العلمي حصل على ما مجموعه 258 صوتا، مقابل 4 أصوات لمنافسه رؤوف العبدلاوي عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، ليُنتخب بذلك الطالبي رئيسا جديدا للمجلس بالأغلبية المطلقة، خلفا للاتحادي الحبيب المالكي. وبلغ عدد المصوتين 313 برلمانيا، حيث بلغ عدد الأصوات المعبر عنها 279 صوتا، مقابل 34 صوتا ملغاة، بحسب النتائج التي أعلنها رئيس الجلسة، عبد الواحد الراضي، كرئيس مؤقت لمكتب مجلس النواب، باعتباره الأكبر سنا. وكانت الأغلبية الحكومية المكونة من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، قد اتفقت على ترشيح التجمعي رشيد الطالبي العلمي لرئاسة مجلس النواب، والاستقلالي النعم ميارة لرئاسة مجلس المستشارين.