مهما حاولت قيادة العدالة والتنمية المكابرة وتقديم الحجج على ان الحزب قوي وقادر على الحفاظ على مواقعه المتقدمة في الخريطة السياسية فهي واهمة ، حيث ان واقع الحال مختلف تماما على ارض الواقع. وليس هذا ناتج عن فشل الحزب في تدبير الشأن العام المحلي او الوطني، بقدرما هو مرتبط بالمزاج العام للمواطن الذي يبحث عن مشجب يعلق عليه خيبات الامل من الفاعلين السياسيين بالمغرب ومن ضعف عائد الاستفادة من ثمار الاصلاح المنشود. وعلى هذا لا يوجد فاعل سياسي بارز يمكن تحميله هذه المسؤلية غير حزب العدالة والتنمية والذي تحمل عبء تدبير الشأن العام دون غيره من الاحزاب المشاركة له في الحكومة. ففي الوقت الذي اتضح وانكشفت احزاب البلوكاج مند إعفاء بنكيران، تم غض الطرف عن الاختلالات الكبرى في العديد من القطاعات التي تدبرها هذه الاحزاب، ومنها (القطاع الفلاحي، قطاع الصيد البحري وقطاع الشبيبية والرياضة والسياحة والعدل والصحة والتعليم.. . الخ) هذه القطاعات سجلت العديد من الاختلالات وشكلت مصدرا للريع بامتياز،لكنها لا تدفع المواطن نحو النفور منها، وذلك على اعتبار كون هذه الاحزاب لا تدعي الصلاح مند نشأتها وصفة الفساد والريع هي مجالها. لكن يبقى السؤال اللغز لماذا يتجه المواطن لتحميل المسؤولية للعدالة والتنمية وحده دون غيره ممن شاركه في تدبير الشأن العام؟ أليس منطقيا معاقبة الجميع خاصة مع وجود ادلة كثيرة على المسؤولية المباشرة لهذه الاحزاب في ملفات بعينها (المحروقات، صفقات التأمين،… الخ) ؟ مند اعفاء بنكيران وقبول العدالة والتنمية بشروط تحالف البلوكاج والذي كان بداية العد التنازلي للتخلي عن اهمية وقيمة أصوات المواطنين. فحين تكون 37اكبر من 125فالمواطن البسيط لا يفهم في الاكراهات وتغليب مصلحة الوطن على مصلحة الحزب. بحيث 125لم تكن في الاصل ملك للحزب وانما هي ملك للمواطن، وعندما منحها فهي لم تكن شيكا على بياض يتصرف فيه الحزب كما يشاء، وإنما هي مقابل ما رفع من الشعارات التي أولها محاربة الفساد والاستبداد. اما الاحزاب الأخرى حتى ولو ظهر فسادها ولم تقدم شيئا للمواطن فليست موضوعا للمحاسبة والتصويت العقابي لكونها مجرد ارقام تابثة تزين المشهد السياسي لا غير. كما ان مصلحة الوطن ايضا ليست بالضرورة الخضوع لمنطق الغلبة بقدر ما هي التمسك بمبادئ الدستور والاختيار الديموقراطي ومخرجاته الممكنة والمتاحة دون ما عقدة خوف من المجهول تحت ذريعة السياق الدولي والاقليمي، وذلك لسبب بسبط هو كون المغرب يختلف عن باقي الدول، وذهاب الحكومة والبرلمان ليس ذي اهمية في ظل وجود مؤسسة ملكية ضامنة لسير المؤسسات ولسيادة البلاد ووحدتها وامنها. مما سبق يتبين الآن سبب وجود نوايا عقابية لدى بعض المواطنين حتى في المواقع التي نجح الحزب في تدبيرها بشكل جيد. وهنا يمكن طرح سؤال حول الإختلاف الكبير بين مرحلتي بنكيران والعثماني وإن تشابهت الظروف لكن هناك اختلاف في النتائج فما السبب؟ عند مقارنة انجازات حكومة بنكيران مع إنجازات حكومة العثماني نجد فروق كبيرة على جميع الاصعدة وقد تميل الكفة بشكل كبير لفائدة العثماني، لكن درجة الرضا العام عند المواطن تعتمد منطقا آخر وترجح كفة بنكيران. لذلك كانت نوايا التصويت في عهد بنكيران بعد نهاية الولاية الأولى تتجه بشكل جلي كلها نحو الاستمرارية في ولاية ثانية. بينما بعض المؤشرات الحالية غير واضحة ولا تبدو حظوظ الولاية الثالثة محسومة وقد تكون ضعيفة إلى حد كبير. الخلاصة ان العدالة والتنمية بحاجة كبيرة إلى بنكيران وذلك لعدة اسباب، منها ماهو تنظيمي وما هو سياسي وما هو مرتبط بالشخص في ذاته. و اهم من هذا وذاك فالعوامل الداخلية والتنظيمية للحزب والقطيعة مع بنكيران وحوارييه نتجت عنها قطيعة شعبية مع الحزب، واصعب شيء في هذه القطيعة هو اثرها السلبي على المستوى التنظيمي من خلال رجوع العديد من القيادات إلى الخلف في عز الحاجة إلى خدماتها. وليس هناك حل سوى استعادة الزخم الشعبي المرتبط بشخصية بنكيران ومن معه في اقرب وقت ممكن في انتظار محطة المؤتمر الوطني التي بإمكانها اختيار الامكانات التنظيمية المتاحة والمناسبة لمكانة بنكيران كزعيم وطني للحزب. يتيع…