بعيدا عن خطاب "الانقلاب" الذي ينتجه "دكاترة قناة الجزيرة" وقادة اليسراوية الشعبوية.. وبعيدا عن استئصالية بني جلدتي وفكريا وسياسيا .. يمكنني ان ادلي بالملاحظات التالية والتي هي نتيجة عشر سنوات من تتبع الشأن التونسي بصفتي محللا معتمدا لدى إذاعة ميدي 1 الدولية: 1_ الديمقراطية التونسية ليست بالمثالية التي تقدم بها، كان واضحا منذ البداية انها ديمقراطية هشة وستنتهي مؤسساتيا الى النفق المسدود 2_ الوضع السياسي في تونس بلغ ومنذ سنوات درجة من التعفن لم يعد ممكنا معها ضمان استمرارية مؤسسات الدولة. 3_ الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين، وبين البرلمان ورئاسة الدولة في الثلاث سنوات الأخيرة اضعف الدولة التونسية. 4_ لم يتم تحويل البذخ الديمقراطي الى منتوج اقتصادي واجتماعي، ولذلك جاءت مرحلة الوباء لتفضح عجز الدولة والنخبة السياسية عن توفير الحماية للتونسيين. 5_ كان لابد لأحدهم أن يحسم النزاع حول السلطة، وان يتخذ موقف بشأن وضع سياسي متعفن، وقيس سعيد اخذ مبادرة في هذا الاتجاه. 6_ قرارات الرئيس تمت من داخل النص الدستوري القابل التأويل وإعادة التأويل خصوصا في غياب المحكمة الدستورية. 7_ يختلف راشد الغنوشي وقيس سعيد في كل شيء، لكنهما يتفقان معا على أن النظام الدستوري القائم لم يعد فعالا ولا ديمقراطيا ولذلك دعيا الى تعديله اما في اتجاه برلماني تام او رئاسي واضح. 8_ في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة عبر التونسيون عن ميل واضح نحو التوجه الرئاسي وذلك حين اعطوا الرئيس اصواتا تتجاوز بكثير عدد الأصوات التي حصل عليها مجموع البرلمان. 9_ التراجع المستمر في نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية في "مهد الربيع العربي" تعبير عن سخط شعبي عن الشكل الذي تدار به اللعبة البرلمانية. 10_ اظهر الدستور التونسي انه كان يفكر في لحظة توافق سياسي وليس في استقرار النظام السياسي، ولذلك تجاوز عدد الحكومات في تونس عشر حكومات في عشر سنوات بما يعادل حكومة كل سنة. 11_ لان النهضة امسكت بخيوط اللعبة طيلة عشر سنوات، تشكل رأي عام مناهض لها ومستعد لتقبل اي تحول سياسي يخلصه من الفشل الاسلامي. 12_ قد يكون قيس سعيد رئيس دولة مثير للجدل، لكنه واع بالظرفيه السياسية وحاجتها لحسم مستعجل. 13_ الدستور يوضع لتقدم الأمم وحين يؤدي الى عكس ذلك يصبح انقلابا على ارادتها وانتظاراتها، والدستور التونسي مصدر فوضى سياسية وليس رخاء ديمقراطي. 14_ الذي يهاجمون قيس سعيد اليوم كما بالأمس لا يفعلون ذلك دفاعا عن الديمقراطية، بل لإنقاذ آخر مختبر إسلامي للسيطرة على السلطة في زمن " الربيع العربي".