"عالم بلا معالم" عنوان كتاب لمؤلفه حسن أوريد، الصادر عن المركز الثقافي العربي، في طبعته الأولى لسنة 2021، الدارالبيضاء وبيروت. وقد استهل المؤلف كتابه بتوطئة، تم ركز على إحدى عشرة فصلا. والتي نلخصها فيما يلي: الانتصار الواهي، أمريكا وترامب، استيقاظ الصين، روسيا وبوتين، أوربا، الضعفاء، تعقيدات الشرق الأوسط، العالم العربي، الكساد الديمقراطي، الشعبوية والديمقراطية غير الليبيرالية، أزمة الاقتصاد، الديكتاتوريات الرقمية، الهجرة. من خلال القراءة الأولية لهذه العناوين، نستنبط أننا حقا نعيش في عالم بلا معالم. هذا العنوان يثير مجموعة من الأسئلة: هل نحن فعلا نعيش عالما بدون معالم؟ أم أن كل قطب من أقطاب الكون يصنع معالم تتناغم مع العالم الذي يحلم به؟ هل هذا يعني أن العيش المشترك تبخر وسط الأنانيات المنغلقة؟ إن هذه الأسئلة الحارقة التي تؤسس لبنية العنوان مرتبطة بعناوين الفصول المختارة في مؤخرة الكتاب. والتي تحمل عناوين كبرى نوجزها فيما يلي: مهما كان الانتصار فهو واه، لأن الأعمدة غير صلبة، فهو انتصار تضخم الذات والسبرمانية الزائفة. لذلك للولايات المتحدة أوجه متعددة تتلون مع طبيعة الرئيس وتوجهاته "ترامب نموذجا". أما الصين فهي تستيقظ منذ أكثر من ثلاثين سنة. لأنها حضارة مرتبطة باشتراكية صينية وثورة ثقافية، ولعبة القط والفأر مع العم سام. أما روسيا البوتينية فهي مرتبط بشخص يحمل إرثا مخابراتيا، يؤثر في اختياراته السياسية، يرفض طغيان قطب واحد على العالم. أما أوربا فهي "جبل سفحه من صلصال". و"الكآبة الوجودية". أما الضعفاء فانتقلوا من الغضب إلى العنف. أما الشرق الأوسط فيتداخل فيه مشروع التوسع الإيراني، والعثمانية الجديدة، والمشروع الإسرائيلي: فضاء شرق أوسطي في قمة التعقيد. أما العالم العربي فيعيش أسطورة سيزيف. كل هذا المستنبط من مضامين الفصول التي انتقاها المؤلف ستتوج ب «الكساد الديمقراطي". وملاحقه أن الديمقراطية دائما تحت القصف، وتراجعت منظومة حقوق الإنسان، موظفا مصطلح 'الردة' في زمن كورونا. والمتجلية في 'الشعبوية أو الديمقراطية غير الليبرالية'. مستنتجا أن هناك أزمة اقتصادية، داعيا إلى عقد اجتماعي جديد، والتحرر من الديكتاتورية الرقمية، والتقليص من حجم الهجرة التي نعتها بجهنم. والتي تحولت أحيان إلى 'كآبة وجودية'. استلهم المؤلف الخلدونية في التحليل 'خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث'. والشكسبيرية" حيث الشمس غارت والنهار أدبر بروما فلا حديث إلا على الغيوم والضباب والأخطار، أخلص من هذه القراءة المتواضعة للمؤلف" معالم بلا معالم" للمؤلف المتميز حسن أوريد إلى ما يلي: إن التاريخ مصدر مرجعي مهم في فهم ما يجري في العالم، لكن لنحذر عنصر المفاجأة الذي يقلب الأمر رأسا على عقب، وينتج عن ذلك ما لم يكن منتظرا. وبالتالي هناك مسالك متعددة لتحريك عجلة التاريخ. ومن المفاجآت الكبرى اليوم جائحة كورونا، حيث سيترتب عنها عالما آخر غير الذي كنا نعيشه. وبالتالي سيطرح سؤال التموقع العالمي والمعايير المعتمدة إن كانت. لقد كتب 'فوكو ياما' نهاية التاريخ واليم يكتب بداية التاريخ ولكن باي رؤية مع جائحة كورونا؟ إذن كيف نؤسس لقواعد جديدة ومؤسسات جديدة في ظل عالم بلا معالم؟ هل هذا يعني السعي نحو الهلاك أو نحو 'غور الحضارات' كما استلهم المؤلف من الكاتب امين معلوف. لقد تحدث المؤلف عن أقطاب متعددة: الولايات المتحد الامريكية، الصين، روسيا، الاتحاد الأوربي، إيران وتركيا وإسرائيل، الهند والبرازيل، إفريقيا وأمريكا اللاتينية، اليابان، طارحا سؤالا جوهريا هل ستعود السلطوية بشكل صارخ، أو مستتر، وتقديمها كنموذج بديل للديمقراطية؟ مستلها قولة Primo Levi "لكل عصر شكله الجديد للفاشية". صفوة القول كتاب عالم بلا معالم مساهمة مهمة جدا في فهم الواقع المعيش، خاصة على مستوى العلاقات الدولية. إنها لعبة لم تنته، وسؤال القواعد الناظمة للعلاقات العامة والدولية، لتتضح معالم الاصطفاف العالمي كذلك. وهذا سؤال وجودي، نظرا لدخول العالم مراحل جديدة في زمن قلق جائحة كورونا وسلالتها المتناسلة. لذلك استهل المؤلف الكتاب بتوطئة، ولم يختمه بخاتمة لأننا باختصار أمام عالم بلا معالم.