لقد كانت الأعراف السائدة لدى الجماعات السلالية تؤدي إلى حرمان الإناث من التمتع بالحقوق التي يخولها لهن الانتماء إلى جماعتهن كما هو الشأن بالنسبة للذكور، الشيء الذي أدى إلى ظهور مطالبات بوضع حد لهذه الوضعية. واستجابة لهذه المطالبات، وانسجاما مع التوجه الدستوري الرامي إلى إلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء، فقد تدخل المشرع المغربي بموجب قوانين ومراسيم ذات صلة بأراضي الجماعات السلالية، وبالاطلاع على هذه القوانين والمراسيم يتأكد أنه قد تم إنصاف المرأة تشريعيا من خلال ما يلي: أولا: تأكيد المشرع سمو القانون على الأعراف السائدة: لقد نتج سابقا عن سكوت المشرع على تحديد معايير صفة ذي الحق في الأراضي السلالية وترك الصلاحية في ذلك إلى الأعراف والعادات التي تتبعها كل جماعة سلالية على حدة تباين واضح في التعامل مع الأراضي الجماعية مما أدى إلى كثير من الظلم والشطط كان من ضمنه حرمان المرأة من حقها في الاستفادة من الأراضي السلالية، وقد تدخل المشرع المغربي بموجب المادة 4 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها ناصا أنه يمكن للجماعات السلالية أن تتصرف في أملاكها حسب الأعراف السائدة فيها والتي لا تتعارض مع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال، وذلك تحت وصاية الدولة وحسب الشروط المقررة في هذا القانون. ثانيا: الاعتراف بعضوية المرأة في الجماعة السلالية: بخصوص تحديد أعضاء الجماعات السلالية الذي يتم من طرف جماعة النواب، فقد أكدت المادة الأولى من المرسوم رقم 2.19.973 القاضي بتطبيق أحكام القانون رقم 62.17 أنه يتم إعداد وتحيين لوائح أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا وإناثا، داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ الدعوة التي يوجهها كتابيا عامل العمالة أو الإقليم المعني إلى جماعات النواب، تحت إشراف السلطة المحلية، وذلك استنادا على معايير أولاها الانتساب للجماعة السلالية المعنية وثانيها بلوغ سن الرشد القانونية وثالثها الإقامة بالجماعة السلالية. ولا يخفى على ذي بصيرة، أن المشرع بموجب المادة أعلاه وضع حدا للمعايير التي تقصي المرأة من صفة العضو بالجماعة السلالية كمعيار الجنس، أو كالمعيار المعمول به في المناطق الجنوبية والشرقية والذي بمقتضاه تستفيد النساء المعيلات لأسر ابتداء من سن 48 سنة كما هو الشأن في جماعة أسول بإقليم الرشيدية، أو كمعيار منح المرأة الأرملة الحق في الاستفادة شرط أن يكون لها ولد ذكر على الأقل من الأب المتوفى الذي كان له الحق في الانتفاع. ثالثا: الإقرار بحق المرأة في الانتفاع من أراضي الجماعات السلالية: وقد جاء في المادة 6 من القانون 62.17 ما يلي: يتمتع أعضاء الجماعات السلالية، ذكورا وإناثا، بالانتفاع بأملاك الجماعة التي ينتمون إليها، وفق التوزيع الذي تقوم به جماعة النواب المشار إليها في المادة 2 من هذا القانون. ولا يخول لهم هذا الانتفاع إلا الاستغلال الشخصي والمباشر للأملاك المذكورة. وقد زاد المشرع من التأكيد على حق المرأة من الاستفادة من الانتفاع من أراضي الجماعات السلالية فنص في المادة 16 من القانون 62.17 على ما يلي: يتم توزيع الانتفاع بأراضي الجماعة السلالية، من طرف جماعة النواب، بين أعضاء الجماعة، ذكورا وإناثا، وفق الشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي. رابعا: إعطاء المرأة الحق في حمل صفة نائب الجماعة السلالية: ورد في المادة 09 من القانون 62.17 ما يلي: تختار الجماعة السلالية من بين أعضائها المتمتعين بحقوقهم المدنية، ذكورا وإناثا، نوابا عنها يكونون جماعة النواب من أجل تمثيل الجماعة السلالية أمام المحاكم والإدارات والأغيار والقيام بالتصرفات القانونية التي تهم الجماعة، مع مراعاة أحكام الباب الخامس من هذا القانون. وقد تلت المادة أعلاه المادة 07 من المرسوم رقم 2.19.973 لتزيد من البيان بشأن شروط الترشح لشغل مهام نائب الجماعة السلالية، فأعطت الحق في الترشح للذكر والأنثى بشروط وهي أن يكون المترشح متمتعا بحقوقه المدنية وألا يقل سنه عن ثلاثين سنة، وألا يكون في نزاع مع الجماعة السلالية المعنية، وأخيرا ألا يكون منتخبا في جماعة ترابية. وفي الأخير لا بد من التحسيس بهذا الموضوع وإيلائه العناية الكافية من طرف كل الفاعلين والمهتمين بإعمال قوانين الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، ونذكرهم بالخطاب الملكي السامي الذي جاء من ضمنه: ومهما تكن أهمية هذا الإصلاح، وما عبأنا له من نصوص تنظيمية، وآليات فعالة، فسيظل "الضمير المسؤول" للفاعلين فيه، هو المحك الحقيقي لإصلاحه، بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته. * نورالدين مصلوحي، عدل بخنيفرة وخريج ماستر القانون والممارسة القضائية بالرباط