بعد أن دخل القانون 00-01 المتعلق بالتعليم العالي حيز التنفيذ، وصدرت المراسيم والنصوص التنظيمية اللازمة لتطبيقه، سيما تلك المتعلقة بهياكل الجامعة (مجلس الجامعة ومجلس المؤسسة واللجنة العلمية)، انخرطت الجامعات المغربية في تنظيم انتخابات هياكلها في الآجال القانونية، مرة في كل ثلاث سنوات. إلاّ أنه في العُشرية الأخيرة، طفت إلى السطح مجموعة من المشاكل في هذه الانتخابات دفعت بالعديد من الجامعات، إن لم تكن جميعها، إلى طلب استشارة قانونية من الوزارة الوصية. بل هناك مؤسسات جامعية التجأ فيها أساتذة باحثون ترشحوا لانتخابات هياكل الجامعة إما إلى تقديم طعون، ترتب عنها إعادة الانتخابات (المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش سنة 2014، كلية الحقوق بالجديدة سنة 2017..)، وإما إلى المحكمة الإدارية (كلية الآداب بمكناس سنة 2020، كلية العلوم بالجديدة سنة 2017..). ويرجع كل هذا بالأساس إلى هفوات ونواقص في هذه النصوص التنظيمية وسوء تأويل مضامينها. ليس هذا موضوعنا اليوم (سنعود إليه لاحقاً بالتفصيل)، ما يهمنا في هذا المقال هو السؤال التالي: هل الجامعات المغربية تخضع لنفس القانون 00-01 ونفس النصوص التنظيمية بعلاتها أم لا؟ نطرح هذا السؤال في سياق النقاش الدائر هذه الأيام في الساحة الجامعية وفي وسائل التواصل الاجتماعي بمناسبة انتخابات هياكل الجامعة برسم الولاية 2021-2023، والمتعلق أساسا بأحقية العميد ونوابه والكاتب العام من المشاركة في هذه الانتخابات من عدمها، حيث يُلاحظ للأسف الشديد أن في بعض الجامعات يشارك العميد ونوابه في انتخابات الهياكل (جامعة الحسن الثاني نموذجاً)، بينما في جامعات أخرى لا يشارك أي مسؤول في الانتخابات (جامعة شعيب الدكالي نموذجاً).. بالنسبة لجامعة الحسن الثاني يمكن القول أن انتخابات هياكل الجامعة برسم ولاية 2021-2023، والتي جرت أطوارها يوم الخميس 5 نونبر 2020، أظهرت جليّا أن هذه الجامعة حالة شاذة بكل المقاييس، وأن كل مؤسسة من مؤسساتها "تْلْغي بْلغاها" على حد تعبير المثل الشعبي: فهذه مؤسسة يشارك في انتخاباتها العميد ونوابه والملحقين بمؤسسات أخرى (كلية العلوم بن مسيك)، وأخرى لا يشارك فيها العميد، ولكن يشارك نوابه (كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين السبع)، وثالثة لا يشارك فيها أي مسؤول إداري (كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية) وهلمّا جرًّا. وهنا لابد من الإشارة إلى أن رئيسة جامعة الحسن الثاني توصلت هذه الأيام، حسب وثيقة تروج في وسائل التواصل الاجتماعي، بجواب من مديرية الشؤون القانونية والمعادلات والمنازعات بوزارة التعليم العالي، حول استشارة قانونية طالب بها مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا في شأن مشاركة المدير ونواب المدير المساعدين والكاتب العام في انتخابات هياكل الجامعة، والتي جرت أطوارها يوم الخميس 5 نونبر 2020. وقد كان جواب مدير الشؤون القانونية والمعادلات والمنازعات واضحا، حيث جاء فيه بالحرف أنه لا يمكن للمدير والمدراء المساعدين والكاتب العام المشاركة في مختلف الانتخابات الجامعية، وذلك حتى لا تتعرض قرارات واقتراحات الهياكل الجامعية للطعن بالبطلان. لهذا فإن الرئيسة مطالبة، بل ملزمة بإعادة الانتخابات في كل مؤسسة شارك فيها مسؤول إداري، حتى وإن لم يكن هناك طعون. جدير بالذكر كذلك أن رئاسة جامعة الحسن الثاني سبق لها أن توصلت بتاريخ 8 نونبر 2017 بنفس الجواب من مديرية الشؤون القانونية والمعادلات والمنازعات بوزارة التعليم العالي، تحت رقم 96/4467، بخصوص استشارة قانونية طالب بهاالمكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية الحقوق عين السبع حول مشاركة المسؤولين الجامعيين في انتخابات هياكل الجامعة برسم ولاية 2018-2020. في الأخير، وفِي انتظار تعديل النصوص التنظيمية المتعلقة بانتخابات هياكل الجامعة، أعتقد أن الوزارة الوصية مطالبة باستصدار قرار في هذا الشأن لوضع حد لهذا المشكل، وعلى رؤساء الجامعات أن يتحملوا مسؤوليتهم في إعادة الانتخابات التي شارك فيها المسؤولون الإداريون حتى في غياب طعون، وذلك حتى لا تتعرض قرارات واقتراحات الهياكل الجامعية للطعن بالبطلان، وكذلك لأن الإدارة (العميد/المدير والنواب والكاتب العام) هي من تنظم انتخابات هياكل الجامعة وتسهر على سلامة سيرها وبالتالي فإن مشاركتها في الانتخابات يضرب في العمق مبدأ حياد الإدارة وتعتبر سُبّة في حق الجامعة والجامعيين. * عبد الحق غريب، عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي