مصادر تاريخية عديدة زعمت أن ستالين، خليفة لينين على رأس الإتحاد السوفيتي، كان مستبدا وطاغية. دبّر الحيل والمكائد، أطاح بالعديد من كوادر قيادة الحزب الحاكم آنذاك، نكّل بهم، وكان على رأسهم (تروتسكي، المفكر والمنظر)، من أجل أن يستفرد بالسلطة والحكم. اسمه الحقيقي، ليس هو ستالين، بل إن هذا الاسم اتخذه لنفسه كصفة دالة على القوة التي يجب أن يتمتع بها أي قيادي وأي حاكم. حسب اعتقاده. (لكن ليس للتجبر والطغيان). فستالين بالروسية، تعني الحديد أو الفولاذ. والحديد صلب قاسي، بالقدر الذي ينعت إلى القوة، بالقدر الذي يمكنه أن يحفر الأرض، فيخدمها ويعري عن دواخلها ليستخرج ما تمتاز به من ثروات. هكذا كان ستالين. لو تم النظر إلى محاسنه دون مثالبه، لظهر على أنه حافظ على الأرض شاسعة، ثم حفرها! واستخرج منها دررها، وشيد عليها الصروح، وجعلها أكبر قوة، تضارع في قوتها باقي القوى التي كانت موجودة آنذاك. كانت الأراضي الروسية قبل قيام الاتحاد السوفيتي أرضا فيحاء عقيمة، أغلبها غير صالح للزراعة. وكان أهلها يقضون جوعا وبردا. يعتمدون في معيشتهم فقط على الزراعة والصيد.. وكانت بلدا بدائيا، غير معروف عند الكثيرين حول العالم. لكن حينما أتى ستالين، أصبح هذا البلد قوة صناعية، وعسكرية.. يمتلك من القوة ما يمكنه من تحديد مصير العالم بأسره. إن معاني الحكم الحقة ليس التحكم في مصائر العباد، وتشريع القوانين الجائرة، وإظهار الجبروت الذي من شأنه إسكات الجميع، وتخويف الجميع حتى لا يحدث أي تنازع حول الحكم وحول السلطة. مبدئيا قد يكون هذا مجرد هلوسة. الحكم أو إظهار القوة في الحكم ينبغي أن يكون في أمور أخرى. في خدمة الأرض، في العدل، في النماء، في الرخاء، في التطلع إلى مضارعة الدول العظمى في عظمتها.. إن الاستبداد والحكم بقبضة من حديد نظاما باليا ولى زمانه. مهما استمر، مهما طال عهده، لابد أن ينتهي إلى زوال في يوم من الأيام. البقاء للأصلح، والصلاح له مقومات وله أسس. تختصر في العدل. في الديمقراطية. في حرية الرأي والتعبير. في المساواة. في التوزيع العادل للثروة. في التعليم. في الاستشفاء. وفي العدالة للجميع.. وكما قال الفيلسوف الأمريكي ويل ديورانت: "لا يمكن احتلال حضارة عظيمة من قبل قوة خارجية إذا لم تدمر نفسها من الداخل..".