في سابقة هي الأولى من نوعها، قضت المحكمة التجارية بالبيضاء بصرف شيك بنكي محرر باللغة الأمازيغية، بعد أن رفضت مؤسسة بنكية صرفه بعلة أنه مكتوب بلغة غير مفهومة. وتعود تفاصيل هذا الحكم إلى تاريخ 27-2-2020 حين تقدم مواطن بشكاية للمحكمة التجارية بالدار البيضاء، يعرض فيها رفض مؤسسة بنكية تابعة لمصرف المغرب صرف شيك لحامله من أجل استخلاص مبلغ مالي محرر بالأرقام، واللغة الأمازيغية، بعلة أن لغة التحرير مختلفة عن لغة الشيك. وأوضح المدعي في شكايته أن المؤسسة البنكي للمشتكي أنها مقاولة تجارية على المستوى الوطني، بل على المستوى الأوروبي، والأمريكي، وهي بذلك معنية بل مجبرة على احترام خصوصية كل بلد تستقر به، بما فيها خصوصيته اللغوية. المدعي أبرز أيضا أن مقتضيات الدستور غير قابلة للجدال، أو التفسير الضيق، أو التجاهل، ويتعلق الأمر بمقتضيات الفصل الخامس الذي يقر برسمية اللغة الأمازيغية، كما أن مقتيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية رقم 16-26 المنشور بالجريدة الرسمية، والذي دخل حيز التنفيذ، ويسري على جميع المؤسسات الوطنية، أو تلك التي استوطن بالمغرب، وأن سلوك المدعى عليها يعتبر خرقا سافرا لمقتضيات الفصل 5 من الدستور، ومقتضيات التزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، ومقتضيات القانون المحدد لمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والقانون المتعلق بحماية المستهلك. وأضاف أنه تضرر ماديا، ونفسيا من طرف المدعى عليها الرافض لصرف الشيك المسحوب عليها، وأن حق التواصل والتعامل مع المؤسسات باللغة الرسمية حق تقرر دستوريا، مطالبا بتعويضه عن الضرر والمعنوي، والمادي بمبلغ 5000.00 درهم، باعتبار ما أقدمت عليه تعسف مخل بالواجب القانوني. وفي تعليلها لهذا الحكم القضائي، أبرزت هيئة المحكمة التجارية بالدار البيضاء، أن الأمازيغية حسب الفصل 5 من الدستور المغربي لسنة 2011، لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ويحدد كيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. وحيث ينص مواد القانون التنظيمي رقم 26-16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وخصوصا المادة 2 من المرسوم أن الدولة تعمل بجميع الوسائل المتاحة على تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية، وتنمية استعمالها في مختلف مجالات الحياة العامة ذات الأولوية. وأبرزت أن الخدمات التي تقدمها البنوك لزبنائها تدخل ضمن المجالات الحيوية العامة ذات الأولوية، والتي تفرض عليها توفير وسائل التمويل، وكذا توفير أموال الزبناء المودعة لديها، وأن البنوك ملزمة بأن توفر آليات التواصل مع زبنائها مستعملة في ذلك اللغات الرسمية المعتمدة في المملكة والمنصوص عليها دستوريا. وحيث إنه لم ينص القانون التنظيمي على المؤسسات الخاصة في تفعيل الأمازيغية، فإن البنوك تخضع في تسيرها، وعملها لرقابة مؤسسة عمومية، وهي بنك المغرب من خلال دورياته، مما يجعل الدفع المثار غير مؤسس، ويتعين رده. وزادت الهيئة في تعليلها أن المدعى عليها باعتبارها مؤسسة بنكية خاصة لها من الأمكانات المادية، والبشرية، والتكنولوجية التي يمكن أن توفرها للعمل على ترجمة لغة الشيك المحررة بحروف تيفيناغ، وكذا التعامل مع الزبناء الناطقين باللغة الأمازيغية، مادام أن المؤسسة البنكية تستخلص عمولة الخدمات التي تقدمها للزبناء من حساباتهم البنكية على اعتبار أن الأجل المنصوص عليه في المادة 31 من المرسوم يخص المؤسسات العممية التي تحتاج إلى مخططات، ةومناهج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وآليات لتتبعه وأضاف أن المدعي، وفي إطار المسؤولية البنكية العقدية محق في الاستفادة من تعويض لجبر الضرر الحاصل من جراء حرمانه من استخلاص قيمة الشيك في إبانه، وكذا اعتبار البنك من خلال الشهادة البنكية أن اللغة الأمازيغية مخالفة للغة المتداولة في الشيك، وأن المحكمة تمنح في إطار سلطتها التقديرية التعويض المقابل للضرر المحقق، والمباشر وتقدره بكل اعتدال في مبلغ 1000 درهم. وهكذا قضت المحكمة على المدعى عليها بصرف قيمة الشيك، لفائدة المدعي، تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 300 درهم من تاريخ الامتناع عن التنفيذ، وبأداء المدعى عليها لفائدة المدعي 1.000.00 درهم كتعويض عن الضرر مع تحميلها الصائر.