في أول مشاركة له في الانتخابات التشريعية سنة 1997 فاز حزب العدالة و التنمية بتسعة مقاعد، في قادم الاستحقاقات تزايد كسب الحزب حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم، رغم أنه لم يكن يغط كامل الدوائر الانتخابية، 2011 حملتهم للمرتبة الأولى بنتيجة مضاعفة دون تقييد يذكر، وإن كان فهو محدود و غير معلن. اليوم يبث البعض شائعات احتمال عودة التقييد لمنع الحزب من ولاية ثالثة، كذب المصباح الشائعة، فمن نصدق؟ يراهن حزب الأصالة على تبييض الصفحة، للخروج من رداء حزب الدولة و تخلصه من تركة اليساريين، و الظهور كما عنون ذاته، فهل يدرك حجم المسئولية الملقاة على عاتقه؟ بين الغريمين، يقف الحزب في الوسط، عينه على السلطة، كبديل لحزبين فشلا في تدبير ولايتين كانتا كارثيتين من منظوره ، غير أن ولاية ثالثة بقيادته قد تحتم عليه لا محالة التحالف مع أحد هذين الغريمين، فأيهما أقرب إلى قلبه؟ يغازل الوهبي أهل العدالة، خاصة شيخهم المتقاعد قسرا، و يراهن منتسبوه من برلمانيين أعيان و رجال أعمال و يساريين...على الوعاء الأزرق كجامع بطعم الحنين لما يسمى بكتلة الوفاق الإدارية، حيث اليمين و المخزن و العداء للظلاميين....خلطة تجتمع فتنضج حكومة بأغلبية طاردة للمصباح. تحديات كثيرة ألقاها وباء كورنا على عاتق الدولة و الحكومة و المجتمع عموما، بالتالي الأحزاب معنية باستخلاص نتائج هذه الجائحة، وإن كتب تنظيم الانتخابات في وقتها، فكلفة 2020 بما حملت من ظروف استثنائية ستضاف إلى كلفة الولايتين، أو ستقتلع من رصيدها، سيكون الأمر حسب ما نضج في الشارع المغربي و تبلور من أحكام ضد الحكومة أو مع الحكومة و قراراتها و أساليبها في تسيير الأزمة، مؤثرا في مصير نتائج هذه الأحزاب و في نسبة المشاركة عينها. فهل ستستطيع العدالة الفوز بالولاية الثالثة؟ من الصعب التكهن بذلك، لكن انطلاقا من استحقاقات سابقة، الحزب في كلتا الحالتين سيحافظ على دوره كلاعب أساسي، بتكرار سيناريو النهضة في تونس مثلا، وهنا سيبقى حجم ما تستطيع باقي الأحزاب كسبه، التي يبدو أن بعضها سيأكل من رصيد أحزاب تهالكت أو تقادمت، وهذا ما سيوفر لها مكاسب يجعلها في مستوى تكوين تحالف يضم الحمائم و الحديد و الزرع و ما شابه ذلك من أصناف الرموز...إن كتب لها ذلك؟ في ظل الأزمة الحالية، المتغيرات الدولية و الوضع السياسي بالشرق الأوسط و مناوشات المحاور في البحر الأبيض المتوسط، لا محالة ستؤثر نسبيا على الوضع الداخلي بالمغرب، خاصة مع بروز دول عربية تبحث عن دعم إقليمي و عربي لفرض أجندتها، مقابل مساعدات مالية قد تكون الحل لاقتصاديات أثر فيها الوباء، علاوة على أنها هذه الدول ترفع لواء معاداة الإخوان، و هي ترى في حكومة المصباح امتداد لهذا الجناح، فقد تتجه و لو خفية أو عن طريق أذرعها، للمساهمة في تقويض الحزب، و الدفع بمنافسيه، كما فعلت في تونس و قبلها مصر. لعلها بدأت بالفعل، فهل تقدر هذه الدول على رمي العدالة خارج حكومة الولاية الثالثة؟ الرهان الانتخابي قد يرفع بثلاث أحزاب إلى المقدمة، و قد يسقط الأصالة مقابل الأحرار، و سيكون الاستقلال أمام رهان فعلي، فإما العودة إلى مصاف الأحزاب الكبرى، منقذا نزار حزبه من التردي في مستنقع ما بعد عباس الفاسي، وهي مهمة صعبة، خاصة بالنظر إلى طبيعة التحالفات التي مكنت من تنصيبه أمينا عاما للحزب. يشفع للميزان أنه لم يهرول كما هرول صديقه الاشتراكي وراء كعكة الأغلبية ليصبح تابعا للأزرق، مسيرة تشكيل الحكومة و ما يسمى بالبلوكاج، أظهر كيف استغل هذا الحزب ليفرض عنوة و يوضع على رئاسة المجلس رغم قلة ما حصل عليه من أصوات، موقف مخجل لحزب بتاريخ سياسي عظيم مقارنة بمن دعمه للمشاركة في الحكومة، فهل يؤثر ذلك على حصة الحزب في الانتخابات القادمة، وهل ينجح الحزب في تسويق فكرة تحالف اليسار الكبير و هل سينجح في جمع فرقاء اليسار في كتلة تعيد البريق و يحوز بها على فريق برلماني سمين؟ سيناريوهات كسب الأحزاب، نسبة المشاركة، التكهن بها في ظروف عادية قد يكون نسبيا و بهامش مفاجأة، فكيف و هذه الانتخابات تلي عاما استثنائيا بكل المقاييس، الأمر في المحصلة موكول للناخب المغربي، وقد عودتنا الأحزاب المغربية أن لا تصنع تحالفاتها أو تصنع لها إلا بعد ظهور النتائج.