انتهت، أمس الخميس، محادثات الأطراف الليبية بمدينة بوزنيقة، بإعلان طرفا الصراع توصلهما لاتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بليبيا، وهو اتفاق اعتبره متتبعون نجاحا كبيرا للدبلوماسية المغربية في رأب الصدع بين الطرفين. النجاح الذي حققه المغرب في لم شمل الأطراف الليبية، بحسب أستاذ العلوم السياسية، خالد يايموت، تنظر إليه روسيا بعين الريبة، لأنها تريد استدامة الصراع في ليبيا الذي يدخل في إطار مشروع كبير لها للتموقع العسكري في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. وأشار يايموت في تصريح لجريدة "العمق"، إلى أن فرنسا هي الأخرى لديها أطماع سياسية وعسكرية في البحر الأبيض المتوسط، وبذلك فإن أي تفاهمات بين الأطراف الليبية في المغرب لن تكون في صالحها. هذا النجاح الذي حققه المغرب، يضيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، جاء رغم صعوبات كبيرة لبعض الأطراف الدولية، فرنسا إلى حد ما، وأساسا روسيا، وبعض الأطراف العربية كالإمارات ومصر. واعتبر المحلل السياسي المذكور، أن نجاح المغرب، يمكن ربطه أيضا، بالسياق الداخلي في ليبيا، إذ أن المملكة لم تنقطع عن هذا السياق، ولديها علاقات قوية، مع أطراف النزاع حتى قبل "اتفاق الصخيرات"، بل تعود إلى بداية الأزمة واستفحال الصراع المسلح. ويرى كذلك، أن المغرب كانت له علاقات قوية مع أطراف نافذة في الشرق الليبي ولديه علاقة قوية مع الطرف الآخر الغربي في ليبيا، وعزز هذه العلاقات قبل "اتفاق الصخيرات" وبعد الاتفاق وسّع من علاقاته مع الأطراف القبلية والأعيان وشخصيات نافذة بعضها دبلوماسية وبعضها اقتصادية. هذا كله مكن المغرب، بحسب المتحدث ذاته، من قيادة حركية دبلوماسية خلال شهرين، مكنته من أن يتواصل مع الأطراف الليبية، أو على الأقل يطرح نفسه دائما كما في "اتفاق الصخيرات" كوسيط نزيه يقرب وجهات النظر بين الأطراف، وهو ما ساعد الدبلوماسية المغربية في الوصول إلى الحل خصوصا ما يتعلق بتقسيم السلطة وبناء المؤسسات السياسية. ولفت يايموت، إلى أن الاتفاق الحالي مبني على اتفاق الصخيرات ووسع كذلك منه، وهو ما أدى إلى تفاهمات أكبر على مستوى آليات السلطة وكيفيات تدبيرها بشكل سيؤدي إلى تفادي السقوط في المطبات التي وقعت فيها الأطراف الليبية أو الراعية لاتفاق الصخيرات. وشدد المحلل السياسي، على أن الغموض الكبير للموقف الروسي وتوجسات فرنسا، قد تفضي في المستقبل، وهذ احتمال وارد بشكل كبير، إلى رد فعل معين من طرف حفتر رغم مواجهته لصعوبات كبيرة خصوصا في الشرق الليبي. وفسر يايموت ذلك، بكون محادثات بوزنيقة مبنية على اتفاق الصخيرات ولا تشير بأي شكل من الأشكال إلى حفتر كجزء من السلطة السياسة أو البناء المؤسساتي للدولة سواء على المستوى العسكري والسياسي، وهو ما قد يدفع به إلى التحرك العسكري. وخلص أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الاتفاق الحالي الذي قد يؤدي إلى حلحلة الأزمة عبر مراحل قد يتعرض لصعوبات، خصوصا من طرف روسيا التي قد تتحرك عسكريا بدعم لوجيستكي من فرنسا.