كثرت المصطلحات المواكبة لتدبير أزمة كوفيد 19والتي تدل على ان الاختيار بين التعليم عن بعد أو التعليم الحضوري، هو اختيار صعب ، خصوصا في القطاع العام ،مما يقتضي الحديث عن توفر المغرب على استراتيجية تربوية قادرة على مواجهة هذا المشكل ،كما ان الاعداد المتوافدة من القطاع الخاص تعد اشكالا سيشكل عبئا على المؤسسات التعليمية واطرها ،مما يتعين الإجابة على سؤال واضح ومحدد، هل نحن قادرون ان نقدم تعليما ذو جودة في زمن كوورنا ؟ التعليم الخصوصي خاسر أم رابح؟ ظهر سؤال المواطنة في زمن كورونا مع سلوكات العديد من اراب مؤسسات التعليم الخصوصي ،فمنهم من اختار المواجهة والتضامن المواطناتي رغم ان هذا السلوك قلة قليلة من المؤسسات ،وحتى التي اختارت الاستفادة من التعويض الاجتماعي فهي سلكت مساطر اصطدامية مع الاسر وخاصة المتضررة من ازمة كورونا . فالتعليم الخصوصي هو مقاولة تربوية تهدف الى الربح مثلها مثل المقاولات التي تشتغل في القطاعات الأخرى ، لذلك فسلوك مساطر التهديد للأسر بالأداء تحت طائلة العقوبات الزجرية ،يؤكد ان زمن الازمات يظهر بنية المجتمع المغربي والقيم المتحكمة ،فيه، صحيح ان النقاش بين الاسر وارباب المؤسسات لم يحسم ،وان اضطرارا الاسر الى إعادة الكرة في التعليم الخصوصي رغم ان غياهب الزمة وما تحمله لا يعلم احد ،والتدابير تتغير بتغير ذروة الوباء في المناطق المتواجدة فيه. فالأسر بين مطرقة الأداء لمصاريف تعليم خاص وبين سندان الازمة وما تحمله من تحول الى التعليم عن بغد بما فيه من جهد زائد وجودة اقل من المطلوب . فالعلاقة التعاقدية التي تربط بين الاسر وارباب المؤسسات أساسها تقديم خدمة تربوية معينة بمواصفات محددة ، لكن إشكالية التحول من نمط الى نمط لا يتحكم فيها العقد الذي هو شريعة المتعاقدين ،بل تتحكم فيها التدابير التي يتم الإعلان عنها في كل لحظة من طرف السلطات العمومية . لذلك يبقى سلوك التضامن هو المحدد في تدبير هاته العلاقة وليس سلوك الانا التي تغيب فيها الضمير والانتماء والمواطنة ، وتظهر فيها عقلية الربح والفرص والاستغلال البشع للأسر . التعليم العمومي ،اذا عمت هانت ؟ امام مشاكل جشع ارباب المؤسسات الخاصة وتدهور الحالة الاجتماعية للعديد من الاسر بسبب ازمة كوفيد 19 ،فان التعليم العام سيشهد تحولا في البنية مما سيشكل عبئا ثقيلا على الإدارة التعليمية وما ينتج عنه من ارهاق للأطر التربوية ،كما ان تدبير الجائحة واشراك الجميع فيها ،يشكل عبئا مضافا للأطر التعليمية التي ستكون في مواجهة طوفان بشري ،فعوض ان يؤدي العمل التربوي سيكون لزاما عليه مراقبة احترام تدابير الحجر الصحي ،ليبقى السؤال مطروحا ،أولا نستطيع توفير فضاءات مفتوحة ووسائل تقنية للجميع لتعليم يرقى لمتطلبات العصر ،أو ليست هاته الازمة تمرين على فشل سياساتنا التعليمية منذ الاستقلال ،او ليس الوقت في صالحنا لنحسم مع قطيعة القطيع التربوي ،والتي تتعامل بنفس الحراسة التربوية وليس التعليمية ،مما يبقى الاطار التربوية في واد والطالب في واد آخر والأسر المغربية على حافة الانهيار الاجتماعي من يأسسها في منظومة تعليمية منهارة . فأزمة كورونا بينت أننا بحاجة الى إعادة النظر في بنياتنا الإدارية والتعليمية ، وطرحت سؤال أساسي حول جودة التعليم العمومي بالمغرب ،هل نتوفر على تعليم عام ينافس التعليم الخاص ،هل هذا النمط من تدبير مؤسساتنا التربوية يحتاج الى جلسات تأمل ومصارحة لنقاش سليم نطرح فيها عوائق التحول ومدى قدرة مواثيقنا التربوية وبرامجنا الاستعجالية على الخروج من ازمة اسمها التعليم العمومي بالمغرب . التعليم الحضوري وبمثابة حضوري تم اشراك الاسر في القرار المرتبط بنمط التعليم سواء كان حضوريا او بمثابة حضوري رغم ان هذا المصطلح يدخلنا في الحقل القانوني والقضائي الا انه اكثر دقة من مصطلح التعليم عن بعد ،وكلا المصطلحين يدلان على طريقة تواصلية بين مكونات الإدارة التربوية من إدارة واستاذ وطالب واسرة ،لتنزيل البرنامج التربوي التعليمي . فالاختيار هو مصير مرتبط بتحديد منهجية التدريس فالذين اختاروا التعليم الحضوري ،اما لطبيعة عمل الاسر او قلة الإمكانات التقنية لمواكبة هذا النمط من التعليم ،رغم انه فيه نوع من المغامرة مع تفشي الوباء والذي تطور بشكل كبير ،مما يطرح إمكانية العودة الى الصفر في مواجهة هذا الوباء . اما التعليم عن بعد فهو يعتمد على الهاتف النقال اما في شبكات التواصل أو في فضاءات رقمية خاصة بالوزارة ، كما ان هذا الامر ولد إشكالات كبيرة لفائدة الأطر التربوية التي تحتاج الى تكوين في التواصل الرقمي لانجاح هذا النمط . لذلك نحتاج الى يقظة عامة من الجميع لتدبير ماتبقى من ازمة كورونا التي مازالت تحصد معها أرواحا من الضحايا في لحظة وحين . * رئيس مؤسسة تراحم للدراسات والأبحاث الاسرية