تحول وسط العاصمة اللبنانيةبيروت إلى ساحة مواجهات بين قوى الأمن ومتظاهرين ناقمين على السلطة السياسية في البلاد، ومطالبين برحيلها، في حين قال رئيس الحكومة حسان دياب إنه سيقترح إجراء انتخابات نيابية مبكرة. وأدت المواجهات في ساحة الشهداء وفي محيط البرلمان إلى إصابة العشرات ومقتل أحد عناصر قوى الأمن، كما اقتحم المحتجون عددا من المقار الحكومية، من بينها وزارات الخارجية والاقتصاد والطاقة والبيئة، وكذلك مبنى جمعية المصارف اللبنانية. وقال متحدث باسم الشرطة لرويترز إن شرطيا لبنانيا لقي حتفه خلال اشتباكات مع المتظاهرين في وسط بيروت اليوم. وأبلغ مسؤولون في الصليب الأحمر اللبناني وسائل إعلام محلية بأن أكثر من 110 أشخاص أصيبوا خلال مظاهرات اليوم احتجاجا على الانفجار الضخم الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي، ونقل 32 شخصا للمستشفى. كما اقتحمت مجموعة من المتظاهرين -بينهم عسكريون متقاعدون- مقر وزارة الخارجية في محلة الأشرفية في شرق بيروت، معلنين اتخاذه "مقرا للثورة". انتخابات نيابية مبكرة وبينما تتواصل المظاهرات والمواجهات في الشارع قال رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب إنه مستعد لتحمل المسؤولية لمدة شهرين إلى حين اتفاق الأطراف السياسية على حل للأزمة الراهنة. ووعد دياب في خطاب له قبل قليل بأنه سيقترح يوم الاثنين المقبل على مجلس الوزراء إجراء انتخابات نيابية مبكرة للخروج من الأزمة السياسية الحالية. وقال "بواقعية، لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لإنتاج طبقة سياسية جديدة ومجلس نيابي جديد"، مؤكدا أنه لا يتحمل المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان. وأضاف دياب أن اللبنانيين لن يرحموا من يقف في وجه إصلاح البلد، على حد وصفه. وأكد أن لبنان يعيش كارثة كبرى، وهو بحاجة للدعم، ونشكر كل من قدم المساعدة، وأن إجراءات القضاء تعطي إشارة عن مصداقية التحقيق. وشدد على أن كل المسؤولين عن كارثة مرفأ بيروت يجب أن يخضعوا للتحقيق، وتعهد بأن كارثة انفجار المرفأ لن تمر دون محاسبة المسؤولين عنها. اقتحام مقار حكومية وفي تطور آخر، اقتحم عدد من المحتجين اللبنانيين اليوم السبت مبنيي وزارتي الاقتصاد والبيئة، وقد عمد المحتجون -وفق وكالة الأناضول- إلى رمي الأوراق والمستندات من الطوابق العليا في الوزارتين، فيما شهد مبنى جمعية المصارف عمليات تكسير وحرق. كما اقتحم متظاهرون غاضبون أيضا مقر جمعية المصارف في وسط بيروت وأضرموا النيران في الطابق الأرضي منه، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لصدهم. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن عناصر الجيش دخلوا من باب خلفي وبادروا إلى إخماد النيران ودفع المتظاهرين إلى الخارج، فيما كانوا يرددون هتاف "يسقط يسقط حكم المصرف". يوم الحساب وقد توافد آلاف المتظاهرين إلى وسط العاصمة اللبنانية اليوم تحت شعار "يوم الحساب" مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن التفجير الضخم في مرفأ بيروت الذي حوّل عاصمتهم إلى ساحة خراب. وتوافد المتظاهرون تباعا إلى وسط بيروت قادمين من مناطق عدة، وسط إجراءات أمنية مشددة. وانطلقت مسيرة حاشدة من شارع مار مخايل المتضرر بشدة إلى وسط بيروت، ورفع المشاركون في المسيرة لافتة كبيرة ضمت أسماء قتلى الانفجار. وسرعان ما سجلت مواجهات بين القوى الأمنية ومحتجين في طريق مؤد إلى مدخل البرلمان، وأطلق الشبان الحجارة على عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق القنابل المدمعة، في محاولة لتفريقهم. وندد المتظاهرون بما وصفوهما بالإهمال والفساد في مؤسسات الدولة، مطالبين باستقالة الحكومة. وردد المتظاهرون شعارات عدة، بينها "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"انتقام انتقام حتى يسقط النظام"، و"بالروح بالدم نفديك يا بيروت"، كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، وذلك دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير. وحاول المتظاهرون اختراق الحواجز والوصول إلى مبنى البرلمان في بيروت اليوم السبت مع تصاعد غضبهم على طريقة تعامل الحكومة مع الانفجار المدمر. موقف الجيش وقوى الأمن من جانبها، دعت قيادة الجيش اللبناني إلى ضبط النفس، والتعبير بشكل سلمي، وتجنب الاعتداء على الأملاك الخاصة والعامة. كما طالبت قوى الأمن الداخلي المتظاهرين بعدم التعرض لعناصرها الذين قالت إنهم يقومون بواجبهم للحفاظ على الأمن. يذكر أن حصيلة ضحايا الانفجار ارتفعت إلى 158 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح و21 مفقودا. ولليوم الرابع على التوالي تلملم بيروت جراحها، ويعمل متطوعون وسكان في أحيائها المتضررة على رفع الركام والزجاج المحطم وإصلاح ما يمكن إصلاحه جراء الانفجار الذي يعد من بين الأضخم في التاريخ الحديث. ويشعر بعض السكان -الذين يواجهون صعوبات لإعادة بيوتهم المدمرة إلى حالها- أن الدولة التي يعتبرونها فاسدة خذلتهم مرة أخرى. وخرجت احتجاجات لأشهر قبل كارثة الأسبوع الماضي اعتراضا على الطريقة التي تعالج بها الحكومة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.