بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    التنويه بإقالة المدرب العامري من العارضة الفنية للمغرب التطواني    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمن كورونا.. زيارة لمتاحف العالم من خلال الرواية العربية
نشر في العمق المغربي يوم 28 - 04 - 2020

في الوقت الذي فرض فيه فيروس كورونا إغلاق أبواب متاحف العالم في وجه عشاق الفن، ومحبي التحف، نفتح لقرائنا نافذة صغيرة نتسلل من خلالها إلى تلك المتاحف عبر بوابة الرواية العربية، في رحلة قد تكون الأولى من نوعها عربيا…
فعلى قلة الروايات التي عالجت الفن التشكيلي، وموضوع المتاحف في الرواية العربية المعاصرة سنحاول استقصاء بعض التجارب والنبش فيها لنسافر بكم في هذه الرحلة الرمضانية إلى متاحف افتراضية كما تخيلها الروائيون العرب، ما كنا لنعرف ما بداخلها لولا هذا السفر الروائي مع مخيال الروائيين… فشدوا أحزمتكم وهيا ونسافر معا لنقف على تحف خالدة روائيا ونتجول في أروقة المتاحف العالمية محاولين الإيجاز والاقتصار على أمثلة بعينها:
من الروايات العربية التي عرجت على عدد هام من المتاحف نبدأ برواية “سوناتا لأشباح القدس” للروائي الجزائري واسيني الأعرج الذي تجول بقارئه في عدد من المتاحف والمعارض الأمريكية والعالمية التي عرضت أو اقتنت لوحات بطلة الرواية “مي”، نذكر منها متحف بروكلين للفنون الحديثة، متحف أليس أيلند بنيويورك، ومتحف سان فرانسيسكو للفنون الحديثة وقد تسلّلت الرواية إلى تلك المتاحف بطريقة سرديّة من خلال لوحات البطلة… كلوحة سباعية “حداد الذئاب” وهي سبع لوحات مائية لكل واحدة منها عنوان فرعي هي (سرير الموت/ العزاء/الأزواج والزوجات/ماجدة وسارة/كم نحبك لو تدرين/ مطعم شرق/ بيانو ليتل/مام) التي “اعتمدت فيها “مي” على فنّ الغروتسك التي تجرّبه للمرّة الأولى في لوحاتها، والسباعية اقتناها متحف سان فرانسيسكو للفنون الحديثة تحت رقم (SFMA.BR.WOL.MAYKON/70-45)” ، أما لوحتها “الأرض الميّتة” التي اعتمدت فيها على اللونين السود والرمادي فموجود روائيا “بمتحف طوكيو لفنّ القرن العشرين. في الرواق العاشر قسم الفنون المعاصرة رقمها في المتحف(MTCA-S/90654TOK)” ، في حين اللوحة الثلاثيّة “عدوى الأرض” وهي عبارة عن ثلاث لوحات ( تربية النور/ الأرض المغتصبة/ الأرض الأخرى) عناوينها باللغة الفرنسية وتتميز بتنويعات تنزاح ألوانها من الحار نحو البارد، بسلاسة كبيرة وهي “من مقتنيات متحف نيوجرسي للفنون البصرية رقم التصنيف
(NJ.RRL.6785RT-ER)” ، فيما لوحة “الأندلس جنتي الملتبسة” ف”اقتناها المركز الثقافي الإسباني بنيويورك” . وتصور فيها تهجير المسلمين من الأندلس “ألاف الوجوه مرمية على سواحل ألمارية تنتظر سفن القراصنة الإيطاليين لترميهم نحو العدوة الأخرى” وللقارئ متعة تخيل حجم هذه اللوحات ومحتواياتها، وموقعها في كل متحف…
هذا وتضمّنت الرواية إشارات إلى متاحف أخرى زارها البطل “يوبا” وأمّه “مي” الفنانة التشكيلية الفلسطينية، مُقارناً بينها ومقدّماً وصفاً دقيقاً لمعروضاتها؛ ومنها متحف سانتا كروث الذي قال فيه: “عندما دخلت متحف سانتا كروث ذهبت مباشرة نحو لوحة غريكو: المسيح يودّع أمَّه… بدت سماحة المسيح ملائكية، وكان واضحا أنه يتجه لا محالة نحو الموت الأكيد، لم تلتفت مريم نحوه، ولكنها كانت تنظر إلى أفق بعيد لا شيء فيه إلا الظلمة القاسية، هي نفس الظلمة التي خطَّ بها غريكو لوحته: منظر طليطلة التي رأيتها قبل سنة في متحف نيويورك ميتروبوليتان ميوزيم أوف آرت” ،…هكذا يمكن أن يتخيل القارئ محتوى اللوحة وحجمها ، وموقعها داخل المتحف، وزار البطل “يوبا” وأمه “متحف الفنون الحديثة” بنيويورك فقال :”عندما ذهبت أنا وأمّي إلى المتحف دخلتْ ثم جلستْ في صدر المتحف تتأمّل تفاصيل أناست أفينون لم تستطع أبداً أن تخبّئ دهشتها من التفاصيل الهامشيّة التي كانت تزخر بها اللّوحة” . ومن خلال الزيارة يتعرف القارئ العربي على هذه اللوحة الزيتية الكبيرة التي رسمها بيكاسو صور فيها خمس عاهرات عاريات في بيت للدعارة ببرشلونة، وتبرز الرواية سر تعلق “مي” بهذه اللوحة لما يجمعها وبيكاسا من أصول متوسطية وتضبف: ” ربما بيني وبينه رماد الحروب الأهلية” ص72
ولم تكتفِ بعض الروايات بعرض ما بداخل المتحف بل قد قدّمت معلوماتٍ عامَّةً، عن الفنانين التشكيليين، وتفاصيل حياتهم معارضهم، لوحاتهم ويكفي الرجوع لرواية “جيرترود” لحسن نجمي ليعرف القارئ تفاصيل حياة معظم عمالقة الفن التشكيلي الذين عاشوا في القرن التاسع عشر، والمعارض التي نظموها أو زاروها،… فالرواية تتضمن وصف دقيقا لمعظم أعمال بيكاسو، وتعريجا على لوحات سلفادور دالي وغيرهما، كما تسافر بالقارئ في عدد من المعارض وتقدم له لوحات خالدة وموقف النقاد وتفاعل الجمهور مع بعض اللوحات في رواية جمعت كما هائلا من التشكيلين يصعب جرد أسمائهم ولوحاتهم كلها وتكفي هذه الإشارة لعدد من المهتمين بالتشكيل الذين حضروا حفلة بمنزل جيرترود بعد اعتذار بيكاسو وزوجته يقول السارد: “الآخرون كلهم هنا. ماتيسْ وإيميلدا ماتيسْ، خوان غري، أندري غرين، أ. أ. كامينغ، روبير دولوني، ماريا لورانسان، جان كوكتو، بيير ريفيري، ماكس جاكوب، شيروود أندرسن، فرنسيس سكوت فيتزجرالد الذي جاء وحده هذه المرة بعد أن تخلّت عنه زيلدا مفضلة طيارا شابا (…) سيلفيا بيتش بشعرها الأسود الناعم (…) فورد مادوكس فورد، هينري- بيير روشي، أندري سالمون، رومان بروكس، جون دوس باسوس، سيسيل بيطون، مارسيل دوشان، مينا والو، فاليري لاربو، مان راي مثل ذئب في البراري حاملا مصورته اللاّيكا الخاطفة، دجونا برانس، إيريك ساتي، نتالي كليفورد- بارني، جيل سوبيرفيل، روني لالو، مابل دودج، الشاعر والمنجم كونراد موريكاند صديق بيكاسو (…) بول- أوجين أولمانُ الرسام الأمريكي المقيم بباريس وزوجته ألِيس وودز، الكاتبة والصحفية، كانفايلر، كولفيس شاغو. وجاء الموسيقي فيرجيل طومسون الدي عرفناه بنقدِه الموسيقى لحساب صحيفة “نيويورك هيرالد تريبيونا” وناقد التايمز كارل فان فيختن، كما جاء للمرة الأولى سيرج جاستربزوف (…) صاحب مجلة “لي سواري دو بَّاري” وأخته البارونة، واستجاب للدعوة هذه المرة الرسام الكاطالاني رامون بيشو وجيرمين زوجته (…) وكانت معها أختها مدام طورنورود أنطوانيت طورنورود وهي أيضا زوجة رسام، رودولف طورنورود (…)” وبعيد عن معارض أوربا يقتفي البطل أثر لوحة جيرترود لبيكاسو ليكتشف أنها معروضة بمتحف الميتروبوليتان بنيويورك ويزور هذا المتحف الذي قال فيه: “ذلك المتحف الكوني الهائل الذي يتوفر على أكثر من مليوني قطعة ولوحة(…) ويمتد على مساحة واسعة تصل إلى مائة وثلاثين ألف متر مربع(هل تتصور؟) ويزوره حوالي خمسة ملايين زائر سنويا ” .
وبما أن رواية “اللون العاشق” للروائي المصري أحمد فضل شبلول أقرب إلى سيرة حياة الفنان المصري محمود سعيد فقد نقلت الرواية قراءها إلى عدد من المتاحف التي تردد عليها بطل الرواية منها المتحف البريطاني الذي زاره عدة مرات يقول في إحدى زياراته: “ظللت أقطع ردهات المتحف البريطاني(…) مررت على حجر رشيد الموجود بالجناح المصري بالمتحف منذ 1802 لكن لم أتوقف أمامه مثل كل زيارة” ، و متحفي ستوكهولم بالسويد و ومتحف هامبورغ بألمانيا حيث أعجب بلوحتين يقول فيهما: “الأولى لرسام من أصل إيطالي جوزيبي كاستليوني تحمل اسم ( ثلاث فتيات صينيات يلعبن الضاما )الدومينو) وقد شاهدتُها في متحف هامبورغ واقتنيت نسخة منها، وقد نال الفنان إعجاب أباطرة الصين، وغدا مصوّرا بالقصر الإمبراطوري في بكين” ، “أما اللوحة الثانية فقد شاهدتُها في متحف ستوكهولم القومي– للفنان ألكسندر روزلين وهو فنان سويدي عاش في فرنسا واكتسب شهرته من تصوير بورتريهات أفراد البلاط والطبقة الأرستقراطية والمجتمع الراقي، حتى أصبح مصور بلاط الملك لويس السادس عشر وعضوا بالأكاديمية الفرنسية عام1753″ ، إضافة إلى متحف تاريخ الفنون بفيينا حيث وقف على لوحة الحكماء الثلاثة للفنان الإيطالي جورجو بارباريللي يقول: وقد شاهدتُ تلك اللوحة أثناء زيارتي لمتحف تاريخ الفنون في فيينا، ويتّضح فيها سر الحركة في الضوء وتحوّلاته”.
هذا وقد حاولت روايات أخرى إبرازَ تفاعل الأبطال مع بعض المتاحف واللوحات وما خلفته في النفس من أثر تقول “مي” بطلة رواية “سوناتا لإشباح القدس” للروائي الجزائري واسيني الأعرج لابنها: “يوبا… يجب أن تعرف أن الفعل الذي خلّفته فيَّ تلك اللوحات كان كبيرا (…) أنظر مثلا الليلة المرصعة لفان غوخ، وقد ترك فيَّ شوقا كبيرا للنور(…) آنسات أفينون لبيكاسو شيئاً آخر بهندستها وشكلها وألوانها(…) وهي تبيّن إلى حد كبير بحث بيكاسو على الأشكال الحيّة ورغبته في التجديد، هذه الطريقة هي التي قادت الفنَّانين نحو التَّكعيبية، الإيقاع نفسه نجده في الرقصة لماتيس لوحة عملاقة أنجزها صاحبها في 1909(…) أحدثت زوبعة كبيرة عندما قدّمت في معرض الخريف بنيويورك” .
وتحمل رواية “سلالم النهار” لفوزية سالم الشويش القارئ لأحد المتاحف الموضوعاتية بفرنسا إذ تصف الساردة كيف أخذها زوجها إلى متحف اللوريتزم المتخصص في المعروضات الجنسية، تقول: “ليريني الحياة الجنسية منذ بدء خليقتها ومن اللحظة الأولى… المبنى الغريب خصصت كل طوابقه المثيرة للعرض الجنسي كل ما فيه مرصود لتثبيت العلاقة الجنسية منذ فجر البدائية” ، و”لكل شيء معنى للإيروتيكية: قبضة الملاكم، خرطوم الفيل، رأس الحية، كعب عالي، مقدمة سيارة قديمة، فتاحة علب، مسدس، يد التليفون القديم، الحبال، السلاسل صبابة البنزين(…) هل الحياة في حقيقتها ليس لها أي معنى خارج الفعل الجنسي؟ نظرية والدي أيضا تثبت هذا المعنى” .
ولعل من أكثر المتاحف حضورا في الرواية العربية المعاصرة متحفُ اللوفر بباريس الذي تردد اسمه في عدد هام من الروايات، منها رواية “اللون العاشق محمود سعيد” والتي ذكر فيها البطل زياراته لهذا المتحف منها قوله وهو يتحدث عن تكريم الانجليز للفنانين في شخص السير جوشوا راينولدز” ومن لوحاته الأخرى البديعة في فن البورتريه الموجودة في متحف اللوفر بباريس والتي شاهدتُها هناك، لوحة السيد هير الصغير )ابن ربّة البيت( Master Hare” .
منه ما ورد في إحدى رسائل طلال لغادة برواية “لم أعد أبكي” حين يذكِّر حبيبته بزيارتهما لمتحف اللوفر بباريس: “أتذكرين يوم سافرنا معاً إلى باريس، فقد حرصنا على زيارة متحف اللوفر ووقفنا من بعيد نطالع لوحة الموناليزا، من كثرة الناس المحتشدين حولها. ليتني كنت رسّاماً لأرسم صفحة وجهك وأنت بين ذراعي، وألقي نفسي أتأمّل مشدوهاً هذه اللوحة الفنيّة الرائعة بكلّ تعابيرها العفوية” ، هذا وقد تعوّد بعض الفنانين العرب التردّد على “اللوفر” في كل زيارة لباريس يقول محمود سعيد سارد “اللون العاشق” ” اقترب وقت عطلتي الصيفية التي لا أقضيها غالبا في الإسكندرية، وقد قرّرت هذا العام أن أقضي العطلة في أوروبا وأبدأها – كالعادة –من فرنسا، حيث أزور اللوفر وأطّلع على أحدث اللوحات التي ينتقيها المتحف للعرض أمام الجمهور، ثم أتجوّل على بقيّة المتاحف والمسارح والأوبرا والسينما” .
ونعود لمتحف نيو جيرسي ونقف أمام لوحة “ثلاثة أجساد في الدوامة” وهي ” لوحة صغيرة، في شكلها مرقمة Free.col/067/Mak وضعت تحت إنارة صفراء داكنة، في معرض نيوجيرسي فزادت من عزلتها، وأغوت كثيرا من الزوار للذهاب نحوها كانت بحجم الجوكندا فقط”
ولم تكتف الرواية العربية المعاصرة بتصوير المتاحف الموجودة بل انفتحت على المستقبل مبشِّرةً بمتاحف موضوعاتية ستفتح مستقبلا منها التبشير بمتحف خاص بالمآثم، سيضمّ لوحات “مي” كلوحة “مأتم عائلي” التي ” اشتراها رجل أعمال مكلّف بشراء كل ما له علاقة بالمآتم، لمصلحة أحد الأغنياء الذي يؤسّس للمتحف الأسود. الذي يجمع كل اللوحات التي تجسّد المآتم، إلى اليوم لا أحد يعرف متى يفتح هذا المتحف على الرغم من أنّ الصحافة لا تتوقّف عن الحديث عن قرب افتتاحه، صاحبه الذي يشتغل في بورصة النفط اشترى أكثر من ثلاثمائة لوحة من هذا النوع. رقم الشراء PRIN.COLL.FAM.FUN/MAK/123&0067″ .
مقابل هذا الحضور للمتاحف العالمية، فإن الرواية العربية المعاصرة تشير بحياء إلى المتاحف العربية، وربما السبب يكمن في حداثة ثقافة المتاحف في العالم العربي، التي لا زالت تعيش على الهِبات والهدايا، والنظر إليها كوجهات مخصصة للأجانب والسياح، ومن الإشارات التي وقفنا عليها، هذه الإشارة لمتحف الفنون الجميلة بالجزائر في سياق حديث رواية سوناتا لأرواح القدس عن “لوحة أمي” لبطلة الرواية وهي لوحة “موجودة في متحف الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة ضمن مجموعة الفن العالمي المعاصر في الرواق الرئيسي من المتحف(MBAA.Mother.face.MAYISK/56-65) هديّة من الفنان محمد إسياخيم إلى المتحف، قدمّها في عام 1987 قبل وفاته بمرض عضال بسنة واحدة” ، بل إن عددا من المناطق العربية لا زالت تعيش على أمل افتتاح متاحف كمتحف رام الله:” الذي ورد ذكره مع لوحة “ذئب في هيئة حمل” اشترتها سيّدة ثريّة من أصل فلسطيني(…) تملك غاليري خاصّاً بالمقتنيات الشرقية العتيقة، وعدتْ أن تهديها لمتحف رام الله الجديد الذي هو الآن في طور الإنشاء” . ولمّا باعت “مي” لوحة “شرفات أرشليم” “اشتراها فلسطينيّ ثريّ من جنسية نيوزيلندية. قدّمها لمتحف القدس الخاص الذي يتم إنشاؤه في الجهة الشرقية من المدينة مرقّمة تحت (PC.BALCONY.JERUS/MK/067CC)” ، ومع الإشارة إلى نشوء بعض المتاحف الخاصّة، ورد ذكرها في سياق الحديث عن لوحة “ثلاثة أجساد في الدوامة” وهي ” اشترتها سيدة لصالح ثريّ خليجيّ أنشأ متحفا خاصّا رقم الشراء المزادي.
(PC/T.Bd.WIND/Mk/65-543-&23)” .
وبع اروايات عرجت على بعض المتاحف بسرعة في تطور أحداثها كزيارة بطل رواية “أوراق” لعبد الله العروي لأحد متاحف باريس : “ذهب إلى متحف السينما زنقة أولم ورأى مُنشئه (هنري لانجلو) ببذلته السوداء المهلهلة الدسمة وأظفاره الطويلة الزرقاء، وشعره المدهن المتدلّي على كتفيه”
وفي رواية ” الهدية الأخيرة” للروائي المغربي محمود عبد الغني، عرض لعدد كبير من المعارض المرتبطة بالتصوير الفوتوغرافي غير أنّ بعض الروايات وهي تقارن بين المتاحف في الغرب والمتاحف العربية ترى أن المتاحف الغربية غنية ب “ما سرقوه من كنوز ثقافية في مستعمراتهم” وأن ” كل الأوروبيين لصوص آثار؛ الإنجليز مثلا سرقوا محتويات المدافن المصرية ونقلوها إلى متاحفهم في لندن. والفرنسيون سرقوا ذاكرة المغاربة، والنمساويون سرقوا الأزتيك(…)” .
وعلى الرغم من وجود متاحف كبرى خاصّة في مصر والعراق، فإن الرواية العربية تلامس هذه المتاحف باحتشام، وقلما حاول الروائيون العرب نقل أحداث رواياتهم إلى أروقتها، ونظر للدور الذي أضحت تحتله الرواية اليوم باعتبارها ديوان العرب المعاصر، فيستحسن انفتاحها على المتاحف لما لها من دور في تنمية الذوق، وتهذيب النفس إضافة إلى دورها في صيانة والحفاظ على التحف ، لهذا لما أنهى بطل رواية قيامة البتول تمثاله وخاف عليه من الضياع لم يجد وسيلة للحفاظ عيه أحسن من تقديمه للمتحف وأن اقتضى ذلك أن يضحي بنفسه فحمل تمثاله في نعش وانتهت الرواية به وقد “سقط على الأرض، مضرّجا بوطنه، نازفا، مشيرا بإصبعه إلى النعش، لحظتها، اقتربوا منه، نظر بعضهم إليه، وكأنّه يقرأ كتابا، أو يشاهد لوحة غريبة، وقبل أن يغمض عينيه، سمع صرخة مدوّية من أحد الحرَّاس:
– سيّدي! سيّدي! في الصندوق تمثال!”
وحتى وإن حاولت بعض الدول إنشاء متاحف لها علاقة بالرواية كافتتاح متحف نجيب محفوظ الذي يضم كل رواياته ومقتنياته، فلازالت ثقافة المتاحف عندنا دون المأمول، ولا زلنا أبعد على إنشاء متحف خاص بالرواية، وأكثر بعدا عن إنشاء متحف خاص برواية واحدة، كما فعل الروائي التركي أورخان باموق الحاصل على جائزة نوبل للآداب سنة 2006 لما افتتح معرضاً يضمّ كل الأشياء والأشكال الهندسية المذكورة في روايته (متحف البراءة) الصادرة سنة 2008 والذي يتردد عليه عدد كبير من الزوار سنويا.
الرويات المعتمدة في هذا المقال:
أحمد فضل شبلول: اللون العاشق، الآن ناشرون وموزعون، عمان، 2019.
حسن نجمي: جيرترود، المركز الثقافي العربي، بيروت، 2011.
زينب حنفي: لم أعد ابكي، دار الساقي، بيروت، دون سنة الطبع.
طارق الطيب: أطوف عاريا. دار العين للنشر، القاهرة، 2018.
عبد الله العروي: أوراق، ط2 المركز الثقافي العربي،الدر البيضاء، 1996.
فاتحة مورشيد: الملهمات، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،2011.
فوزية سالم شويش: سلالم النهار، دار العين للنشر، القاهرة، 2012.
محمود عبد الغني: الهدية الأخيرة، المركز الثقافي العربي، بيروت/ البيضاء 2012.
واسيني الأعرج: سوناتا لأشباح القدس، دار الآداب، بيروت، 2009.
واسيني الأعرج: شرفات بحر الشمال، دار الآداب بيروت، 2001.
زياد كمال حمامي: قيامة البتول الأخيرة: الأناشيد السرية،ط1 نون 4 للنشر والتوزيع، حلب 2018


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.