من نافلة القول أن مصداقية الكاتب ركن مهم من أركان الكتابة الموضوعية، أما إن كانت الغاية من كتاباته تدليسية لتغليط الرأي العام و متحيزة لانتمائه السياسي، فهي مجرد كتابة تحت الطلب ووفق ما قد يملى عليه، من قبل الوسط الذي يحيط به، تفتقد حس الانتقاد الموضوعي ونبض الإبداع، بل إنها تفقد- في الوقت ذاته – أدق الصدقية التي يشكل العمود الفقري لأي إبداع نقدي. أطل علينا “الدكتور المفكر” بلال التليدي كما يحلو أن يلقب نفسه في مقالة ” المغرب وصراع السياسة ما بعد كورونا “عبر جريدة القدس العربي مذيل مقاله بكاتب وباحث مغربي، متسائلين أي نوع من الكتاب هو ؟ هل هو كاتب سياسي ؟ أم سياسي كاتب ؟ لأن الفرق بينهما كبير والبون شاسع فالكاتب السياسي أكثر جرأة وموضوعية من السياسي الكاتب، فالأول قادر على سبر أغوار أي معطى سياسي من منطلقات فكرية دون رقابة ذاتية أو تنظيمية، أما السياسي الكاتب فالرقابة التنظيمية تبقى سيفا قاطعا على رقبته، لا قدرة له على الخروج من جبة الحدود التي يسيجه تنظيمه بها، لأن التنظيم له مصالح يدافع عنها و يفرض الانضباط لقواعد الانصياع سواء تعلقت بأعضائه أو بحلفائه بل تفرض عليه التواطؤ في حالات إما عبر المساومة أو في إطار التقديرات الآنية لمصالح الفئات التي يدافع عنها….فأيهما أنت إن كنت كاتبا !!!! اسمح لي أيها “السياسي الكاتب ” كشاب أن أقوم بقراءة نقدية متواضعة لمقالتك المقارنة بين مقالة للسيد الرميد و وزير الفلاحة كما أسميتهما، مقدما في أدبيات مقالك لصديقك بالحزب ب “وزير الدولة السيد الرميد ” و في المقابل وزير الفلاحة ، هذا التسييد يظهر جليا الاصطفاف الحزبي و التحييز للانتماء السياسي، كما لفت انتباهي باعتبارك كما تدعي أنك كاتب وباحث مغربي ملم بالسياسة أقدمت على مقارنة بين وزيرين والرجل عندما قدم رؤيته لما بعد جائحة كورونا بصفته رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وليس كوزير للفلاحة أو “أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار” كما أسميته في الوقت الذي كان حريا بك باعتبارك “كاتب وباحث مغربي” التدقيق في المفاهيم. أما فيما يخص منهجيتك التحريفية و التغليطية لتمويه الرأي العام في قراءتك لمقترحات الرجل وتصويره في مشهد المدافع عن اللوبي الاقتصادي فقط، في حين أنك لو قرأت مقالة عزيز أخنوش بعين وعقل الكاتب السياسي لعلمت أن الرجل قدم تصورات ومقترحات في قطاعات مختلفة في الاقتصاد، الصحة، التعليم، الشغل، السياحة، و سياسة التخطيط الحضري، لكن هذا أسلوبكم التدليسي الذي تعودتم عليه للإساءة للرجل منذ أن تولى رئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار، في الوقت الذي كان يمدحه شيخكم وزعيمكم الأممي في العديد من المحطات، وفي أبهى مشهد من المشاهد المدح بقبة البرلمان عندما كان رئيسا للحكومة واصفا إياه أمام نواب الأمة والمغاربة بأنه أحسن وزير فلاحة في تاريخ المغرب كما سبق لعمدة مكناس الأسبق صاحب الضيعات والأراضي والمنتمي لحزبكم أن وصفه في ملتقى فلاحي بالجزائر، بأنه رجل المعقول وذو مصداقية ، ولكن تغير كل شيء عندما فكر الرجل في ممارسة حقوقه السياسية و المساهمة في تغيير المشهد السياسي بالبلاد خدمة لوطنه ولملكه، انطلاقا من غيرة وطنية تجلت بمواقف عملية خلال هذه الأزمة على خلاف صديقك السيد الرميد الذي يعد من أغنياء المغرب لما راكمه من ثروات، والذي لم يبادر بصفته الشخصية و ليس الوزارية بأن يساهم بدوره باعتباره من أثرياء هذا الوطن في الصندوق الذي أحدثه جلالة الملك محمد السادس نصره الله لتدبير جائحة كوفيد 19، فقط أطل علينا بمقاله ساردا التطورات التي عرفتها البلاد خلال هذه الأزمة لا أقل ولا أكثر، في حين أن عزيز أخنوش بادر بمبادرة نوعية كفاعل سياسي ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، بإطلاق منصة رقمية للنقاش العمومي للإسهام بالمقترحات التي يستوجب اتخاذها مستقبلا للتخفيف من حدة الأزمة كنظرة استشرافية لمستقبل مغرب ما بعد كورونا على غرار مجموعة من دول العالم، فأين يكمن العيب ؟ الرجل استهل مساهمته انطلاقا من إيمانه بالتفكير الجماعي بضرورة أخذ زمام الأمور بسرعة و استباقية باعتبار مرحلة الخروج من الوباء ستضعنا في مفترق طرق حيث لا مجال للخطأ. واستعرض نجاح المغرب بفعل التعليمات السامية لجلالة الملك في تأمين الاكتفاء الغذائي الذاتي من خلال المخطط المغرب الأخضر، الذي ما فتئت ماكينتكم الإعلامية تستهدفه والتسويق للمواطنين بفشله ولكن من محاسن كورونا التي جعلت المغاربة يدركون نجاعة السياسة الفلاحية ببلادنا خلال السنوات الماضية، في الوقت الذي لم تستطع فيه بعض الدول تأمين الأمن الغذائي لمواطنيها خلال هذا الوباء، مشيدا بالكفاءات المغربية في الصناعة التي أتبثت قدرتها على التفاعل السريع وضمان التصنيع المحلي لمجموعة من المنتجات والسلع الضرورية. كما أشاد أيضا برجال ونساء الصفوف الأمامية، خاصة منهم الأطباء، والممرضين، والصيادلة، ورجال ونساء السلطة المحلية، ورجال ونساء التعليم، والتجار، ومهنيي النقل، مطالبا بتعزيز ميزانية الصحة العمومية كمسألة إستراتيجية للدولة، كما هو الشأن بالنسبة للتدبير الجيد، والإنفاق الرشيد للموارد المتاحة. تطرق لدعم الطلب الداخلي وتقوية القدرة الشرائية للأسر وإعادة جدولة القروض الاستهلاكية والالتزامات المالية للشركات، كما حث الدولة على دعم المقاولة المغربية حتى و إن كان سيرفع من المديونية لمواكبة الفاعلين حتى يتمكنوا من تجاوز هذه المرحلة بالمقابل أيضا دعا المقاولات بإعادة إدماج موظفيها وصرف أجورهم، لتعزيز القدرة الشرائية لدى المواطنين و الحفاظ على الحد الأدنى من الطلب الداخلي، مع ضمان تأمين ظروف صحية آمنة لمزاولة عملهم منتقدا سياسة التقشف التي يتم الترويج لها، و بالتالي فدعم المقاولة هو الطريقة الوحيدة لضمان إقلاع النشاط الاقتصادي بعد هذه الجائحة في إطار تمتين روابط الثقة بين الدولة والمواطن والمقاول. وتناول قطاع التعليم حول إمكانية تسريع إصلاح نظامنا التعليمي، بالتحول إلى النظام الرقمي، ولما لا التفكير غدا في تطبيق نظام التعليم عن بعد، بالتناوب مع طرق التعليم العادي في العالم القروي خصوصا، مع ضرورة توسيع مجال تغطية شبكة الإنترنيت، لأنه في العالم كما المغرب يعد الولوج إلى الإنترنيت حقا، والاتصال الرقمي شريان الحياة لمجتمع الغد. كما لم يفوته التطرق لمختلف المجالات لكيفية الحفاظ على مناصب الشغل خاصة في السياحة باعتباره أهم المساهمين في النمو الاقتصادي كجزء من الاقتصاد وهو الذي يعد أحد القطاعات الأكثر تأثرا بهذه الأزمة، مع إلزامية الدولة الاستماع بتمعن لمقترحات الفاعلين و إيلاء أهمية أكبر لهذا القطاع حتى يتمكن من استعادة حيويته، و في الأخير اقترح سياسة للتخطيط الحضري من خلال التوفر على تجمعات عمرانية مجهزة بجميع المعدات وتحقق القرب من جميع الخدمات الأساسية للحياة. فأين يكمن أيها السياسي الكاتب دفاع عزيز أخنوش عن لوبيات المال ومصالح رجال الأعمال في الوقت الذي تطرق فيه الرجل لجل القطاعات مقدما تصوراته الكبرى لمرحلة ما بعد جائحة كوفيد 19 و استباقية لمغرب قادر على الحد من تداعيات هذه الأزمة، فماذا قدم حزبكم ووزرائكم خلال هذه الجائحة التي إنزويتم فيها للخلف لولا تبصر وحكمة جلالة الملك حفظه الله ونصره في اتخاذ إجراءات استباقية مقدما مصلحة مواطنيه على الاقتصاد. ما دفعني اليوم للرد عليك أيها السياسي الكاتب ليس دفاعا عن عزيز أخنوش لأنه قادر للدفاع عن نفسه و قناعاته و إنما غلوك في تحريف الحقائق و المعطيات و تغليط المواطنين، ولكن هيهات فالمغاربة أدركوا الأكاذيب في زمن كورونا، التي ما فتئت الماكينة الإعلامية لتنظيمكم تعمل ليلا ونهارا في تشويه سمعة الرجل و الطعن في وطنيته خوفا على المناصب….. لقد تكشفت الحقيقة، فالمريدين و التبع للتنظيم لا يهمهم سوى تولي المناصب و اعتلاء كراسي السلطة……و الاغتناء بما تدره من الامتيازات و الريع بكل أشكالها، و استنزاف ميزانية الدولة و إنهاك جيوب المواطنين من خلال رفع دعم صندوق المقاصة عن فقراء المسلمين نعم إنه فكر “الانتهازية” الذي بات يهيمن على تفكير قادة التنظيم الجدد… الذين سيكتب لهم التاريخ في صفحات مزابله فهم الحزب الذي بدأ بإقحام الدين بالسياسة، و ألبس السياسي جلباب القدسية و أجنحة الملائكة، متوعدين المواطنين باسم “الجلالة الأعظم ” و يقسم بالواحد الأحد على تحقيق مطالب المواطنين، حتى يتم التصويت عليهم…… ولكن في زمن كورونا سقط زيف الادعاء. نصيحتي المتواضعة لك أيها السياسي الكاتب بلال التليدي ،الكتابة فعل جاد وحقيقي، فلا تستخفن بها، هي إن استرزقت منها عرتك وأظهرت سوءاتك الفكرية، وإن احترمت مقاصدها النبيلة ألبستك أبهى حلة وأخرجتك بأجمل منظر، فاحذر! الكتابة فعل طاهر، وليس لأي امرئ أن يزاولها هكذا كيفما اتفق، دونما ارتقاء في فكره وتنزيه لنفسه عن سفاسف الأمور، فالكتابة فعل عميق المعنى بعيد المرمى، سبر غورها ليس من السهولة بمكان، هي عملية خلق في الحقيقة……ربما غلبت النبرة الحدية بعض الشيء في حديثي أصدقائي الأعزاء وهذا ليس من عادتي ، ولكن هذا لأن الأمر بلغ حدا لا يمكن السكوت والتغاضي معه، إذ لا بد من أن تفهم هذه الفكرة وتصل هذه الصورة بشكل جلي واضح لدعاة الثقافة والكتابة هؤلاء، فيحجموا ويستحيوا مما هم فاعلون !