لا تستقيم الديموقراطية ولا تتحقق تنمية ولا يقدر الانتماء الى بلد بحرق علمه الوطني، بل يبقى هذا العمل غير دستوري وغير قانوني، فهو ضرب في الأحكام العامة التي يؤطرها الباب الأول من الدستور حيث ينص الفصل الرابع منه على ان علم المملكة هو اللواء الأحمر الذي تتوسطه نجمة خضراء خماسية الفروع .والقانون الجنائي أيضا يعاقب على الأفعال التي تمس برموز البلاد وثوابتها ، كما ان حرية التعبير في جميع الاتفاقيات الدولية لا تنص على احراق علم اي بلد وفي جميع الدول تحرص السلطات على الحفاظ على رمزية الوطن وعدم الاستعداد بالثوابت المشتركة ، بل من الرموز والثوابت تنطلق كل عمليات الاصلاح الممكنة . وجريمة حرق العلم في تشريعات كثير من الدول تقابلها عقوبة الإعدام نظرا لقيمة رمزية العلم عن الشعوب والأنظمة السياسية . وفي سياق بعض مظاهر الاحتجاجات التي من المفروض ان تكون مطابقة للقانون مادامت المطالب الاقتصادية والاجتماعية المشروعة لا يمكن تنزيلها الا طبقا للقانون وبظوابط ومساطر لا اعوجاج فيها، لكن حينما يتم دس نوع من التآمر على البلاد واستقرارها فان ذلك يظهر من خلال تخطي حدود التعبير من خلال التحرش بالرموز ، واللعب بثوابت البلاد دون وعي ودون الأخذ بعين الاعتبار العواقب، فالحياة لن تتوقف عند الثوار ولا عند من حمل السلاح ولا عند من استهدف الرموز ولا عند من قبل بجنسية بلد على حساب وطنه الاصلي ، مخطأ كل من يرى ان العالم مكان آمن فلا يمكن لعاقل ان يعاقب بلده ومعه شعب وتاريخ وحاضر ومستقبل من يرى ويسمع …. ان التعبير الذي يمكن ان يكون صائبا هو التعبير من أجل التصدي للتخلف والتهميش والمشاكل المستعصية وطنيا وترابيا بدلا من مخالفة الاعراف واقحام البلاد في دوامة العنف الذي قطع معه المغرب ، ولا يمكن البتة اعتبار احراق العلم الوطني او المساس برموز البلاد عملا شجاعا ولا يقدم حلولا لاي ملف كيفما كان . ان فرنسا اليوم وهي ترى ان حرق علم كامل السيادة في ساحتها العمومية. مؤشر على ان الاحترام القائم بين المغرب وفرنسا غير ذا قيمة وما كان لفرنسي ان يحرق علم بلده في المغرب الا ويرفضه فوق ترابه . وعلى السفراء المغاربة ان يهتموا بهذا الموضوع قبل ان يبدأ المغاربة حرق اعلم الفرنسي لكونهم يسمحون بالقيام بعمل يكرهون ان يؤتى في حقهم. ان فكرة الانفصال وحمل علم غير علم المغرب بل حرق العلم الوطني ليس فكر سياسي ولا هو مشروع وطني بل هو بلادة وخيال الطيش وثقافة الانتحار الميديائي الذي ترسخ نتيجة مجاهدة الاغبياء لايقاع جيل الابرياء في فخ قضايا لا تترك وراءها الا الأثر السيء وتوارث الحاقدين . ان عمل السلطات لا ينبغي ان يبقى عمل المتفرج. بل لابد من الاخذ بكل حزم الواجب على صعيد كل جهة، ولا يمكن للمغرب ان يبقى لعبة بيد الفاسدين كيفما كان شأنهم وعلى كل المسؤولين ان يتدبروا مهامهم بحكمة والعمل على ايقاف ميع انواع الفساد وعلى الدولة ان تواكب الاصلاحات التي تحملتها قانونيا ودستوريا. ومن جهة المساس بالثوابت والرموز فلا يصعب على الدولة اي اجراء لفرض الاحترام الواجب. لثوابت المملكة ومتابعة كل من يهدد استقرار البلاد ويقبل على افعال يستنكرها الجميع لانها تمس بحياة شعب. * أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان ومنسق ماستر التدبير الاستراتيجي للسياسات العمومية الأمنية