مرة سأل صحفي فرنسي الملك الراحل الحسن الثاني عن أحد المعتقلين "السياسيين" المغاربة، الذي كان محكوما بتهم عديدة من بينها مساندة جبهة البوليساريو، وكان المغرب حينها لا يعترف بوجود معتقلين سياسيين، فرد عليه الملك الراحل "هل تقبل فرنسا أن يقوم أحد الانفصاليين الكورسيين بتمريغ العلم الفرنسي". فرد الصحفي لا. فعقب المغفور له قائلا: أنا أيضا لا، ومن يعبث بالراية الوطنية لا يمكن أن يكون معتقلا سياسيا. أي لا يوجد معتقل سياسي إلا في حدود التعبير عن الرأي أما غير ذلك فجرائم حق عام ينبغي التعامل معها بالحزم المطلوب وفق القوانين الجاري بها العمل. العلم المغربي ليس شيئا فاضلا عن اللزوم، ولكن إحدى أساسات الدولة والشعب. وفي هذا السياق يتم التعامل مع مقترح الحكم الذاتي. أي كل شيء قابل للتفاوض باستثناء الراية الوطنية. لأنها رمز وحدة المغرب. العلم الوطني يختزل تاريخا وماضيا وحاضرا ومستقبلا، وهذه الراحة الحمراء التي تعانقها النجمة الخضراء، هي الدماء التي سقطت عبر الأحقاب دفاعا عنه، دفاعا عن السلم والأمن والآمان، ووحدة الأمة ورموزها وثقافتها. من أجل هذه الراية قدم المغرب آلاف الشهداء، ومن أجله قاوم أجدادنا وآباؤنا الاحتلال كي تبقى الأرض حرة. وأولى الرموز التي تقوم حركة الخونة بتغييرها هي العلم الوطني، وهذا حدث في العديد من البلدان، وكل من يستهين بالعلم يعتبر خائنا لوطنه، اما إهانة العلم فهي إهانة للجميع، لا يمكن التسامح معها والتساهل مع مرتكبيها مهما كانت صفاتهم وأعمارهم، ولابد من أن ينالوا جزاءهم جراء ما اقترفوا من إثم في حق الوطن. التلاميذ ومن حرضهم الذين قاموا صباح اليوم بإهانة العلم الوطني ارتكبوا جريمة يعاقب عليها القانون، بل يعاقب عليها التاريخ وتعاقب عليها الجغرافية. فالحديث عن الوطن هو حديث عن أربع مكونات، هي الدولة والشعب والحدود والراية. فإهانة الراية لا يقل خطورة عن التخلي عن جزء من حدود البلد. الجريمة إذن كبيرة ولا ينبغي التساهل معها، وعلى السلطات أن تحرك الدعوى العمومية إنصافا للمغاربة، الذين مسوا في كرامتهم، وتم تمريغ جزء من الوطن في التراب، ومكونات الوطن جزء لا يتجزأ. فالمساس بالراية هو مساس بالوطن، الذي هو واحد من مقدسات المغرب الثلاث. وقد اختار المغاربة ثالوثا مقدسا لأن المس بواحد منه مس بالباقي. فإذا كانت فئة من التلاميذ تعلموا الرعونة ولم يتلقوا تربية حسنة من والديهم فالقانون كفيل بإعادة تربيتهم، عن طريق أحكام القضاء الزجرية، حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر ممن تخول لهم سرائر أنفسهم إهانة الوطن عبر إهانة علمه. نتفق جميعا على أن الاحتجاج مشروع وهو تعبير عن انفتاح المغرب على آفاق ديمقراطية كبيرة، لكن الاحتجاج يتم في حدود القانون وعدم الاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم، اما حركة التلاميذ هذا الصباح فقد عبرت عن رعونة يؤسف لها ولا يمكن تشبيه هؤلاء "المتناطحين" سوى بالأوباش.