يتقاسم المتتبع للشأن المحلي بالخميسات وكذا زوراها، نفس الانطباع بأن المدينة تعيش حالة ركود لازمتها لسنوات طويلة،ولم تستطيع الانفكاك منها على غرار مجموعة من المدن المغربية، نظراً لغياب سياسات عمومية قادرة على انتشالها من وضعية غير مشرفة لمدينة تنتمي إلى جهة تضم عاصمة المغرب، وهو ما جعل المدينة تنعم بمختلف مظاهر الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والرياضية والثقافية والسياسية… إنها باختصار مدينة منسية إلى إشعار آخر. يصعب حصر مؤشرات غياب التنمية المحلية، وكذا تردي الخدمات العمومية المقدمة للساكنة؛ وكمثال على ذلك، تدبير قطاع النظافة من طرفة شركة SOSكان كارثياً، خاصةً خلال الشهور الأخيرة، حيث لاحظ الجميع كيف تحولت المدينة إلى مزبلة كبيرة. وقد تزامنت هذه الوضعية مع غياب الانارة العمومية في عدد من الأحياء بالمدينة بحجة نفاذ مخزون المصابيح، ولازالت هذه الوضعية مستمرة إلى اليوم. تعد الخدمات المقدمة بالمستشفى الاقليمي وبالمراكز الصحية مُهينة ولا ترقى إلى المستوى المنشود، كما أن المشاريع قيد الانجاز متعثرة (شارع ابن سينا، ساحة الحسن الأول…)، والمشاريع المنجزة تعرف عطالة غير مفهومة(أسواق الباعة الجائلين…)، امتناع تجار سوق الجملة عن أداء مستحقات المجلس الجماعي لمدة سنتين، ولا أحد استطاع من المسؤولين المحليين حل هذا المشكل، بدوره ملف احتلال الملك العمومي أصبح جزء من مكتسبات الفوضى الخلاقة التي تعرفها المدينة، غياب فضاءات خضراء، وكذا ملاعب القرب، بنيات طرقية مترهلة بجل أحياء المدينة …. إن الجواب عن غياب التنمية بالمدينة مسؤولية تتقاسمه بنسب مختلفة مجموعة من الفاعلين؛ المجلس الجماعي للخميسات، السلطتين الاقليمية والمحلية، مجلس الجهة، مكونات المجتمع المدني، المواطن، الاعلام المحلي والوطني، لكن مسؤولية المجلس الجماعي بحكم اختصاصاته التي أوكلها إياه القانون التنظيمي 113.14 تعد جد مهمة في النهوض بالتنمية المحلية، من أجل تيسير كل الشروط التي تخول الموطن أن ينعم بحياة كريمة . لقد مرت أربع سنوات من عمر تدبير المجلس الجماعي للخميسات، ولعل الحصيلة الميدانية تجعلنا نقر وبدون تردد رغم موقع الانتماء إلى ” أغلبية عددية ” بأن الحصيلة دون مستوى انتظارات الساكنة، بسبب مجموعة من العوامل يصعب حصرها، لكن يبقى عنوانها الأبرز أن المجلس الجماعي تدبره أغلبية عاجزة عن تقديم حلول ميدانية وناجعة ، في مقابل ذلك معارضة غائبة عن ممارسة أدوارها، وهو ما رهن المدينة لحالة من الانتظارية التي بدأت تشكل قناعة عند جزء كبير من الفاعلين أنها وضعية مقصودة . إن مكمن ضعف أداء المجلس الجماعي للخميسات، يعزى بالدرجة الأولى إلى فشل رئيسها في الترافع من أجل استقطاب موارد مالية كفيلة بتنزيل برنامج عمل الجماعة على غرار مجموعة من الجماعات التي تمكنت بفضل مجهودات رؤسائها من الاستفادة من مبالغ مالية مهمة وعقد شراكات قطاعية همت مختلف المجالات الحيوية، ولعل هذه النقطة هي التي يمكن أن تفسر لنا تباين حصيلة المجلسين الجماعيين لمدينتي الخميسات وتيفلت، يزداد الوضع سوء مع تواضع فاعلية المكتب المسير وعدم نجاحه على مستوى الرفع من قدرته الاقتراحية والمتابعة والتقييم، مع تسجيل مبادرات محدودة ومعزولة لبعض الأعضاء ( نموذج فتح مسبح المجلس الجماعي مبادرة حصرية للمستشارة ربيعة بوجة). وكذا بعض الملفات ذات الطابع الاجتماعي التي يثيرها المستشار مراد بوعلام من خلال شبكة التواصل الاجتماعي. إن جزء من أعطاب المجلس الجماعي للخميسات هو غياب التدبير التشاركي بين مكوناته أغلبية ومعارضة، فلا يعقل لمدة أربع سنوات لم تجتمع مكونات الأغلبية ولو مرة واحدة من أجل تقييم مسار التجربة، ويتم الاكتفاء باجتماعات للمكتب المسير ، والتي تحولت إلى جلسة للاخبارات وليس لصنع القرارات، هذه الأخيرة يتم تهريبها خارج المكتب، بدعوى أن ذلك من صلاحية الرئيس “الحصرية”، مثال انتقالات موظفين الجماعة يتم تدبيرها بمنطق مزاجي ويحضر فيها منطق الولاءات بدل منطق الكفاءات، كذلك تعيين الأعوان المياومين، والتي تتم دون استشارة أعضاء المكتب، في ظل غياب معايير دقيقة للتعيين، ولا يتم استثمارها في المجالات التي تعاني خصاصاً كالبستنة…، بل يتم تكديس مكاتب الجماعة بتلك التعينات من صنف (الفتيات حصرياً ?! ). علماً أن ملف الأعوان يكلف الجماعة 146 مليون سنوياً. أبان ملف تردي وضع النظافة خلال الشهور الأخيرة بالمدينة، على حالة تواضع قدرات الرئيس وأعضاء مكتبه على مباشرة حل المشكل، واكتفاء الرئيس بالجواب خلال الدورة الاستثنائية الأخيرة بأن الشركة تتحمل مسؤولية ذلك، إنه منطق الهروب من ابداع حلول مستعجلة تنم عن تقدير جسامة المسؤولية والاحساس بمعاناة المواطنين، ولعل مبادرة السلطة الاقليمية في شهر يوليوز الأخير المتمثلة في الاستعانة بعمال الإنعاش بتنظيم حملة واسعة للنظافة شملت جل أحياء المدينة خفف من بشاعة المشهد وإن لم تعالج الإشكال في شموليته. لعل جزء من أسباب استدامة الأزمة بمدينة الخميسات، غياب نخب محلية قادرة على مباشرة ملف التنمية المحلية بكل مسؤولية وفاعلية واقتدار، والتي تجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ولعل النقاشات التي تشهدها دورات المجلس الجماعي خير مؤشر على ذلك، مثلا الدورة الاستثنائية الأخيرة عرفت تدخل وحيد من مستشاري المعارضة (المستشار بمعجون)، مقابل ستتدخلات للأغلبية. ب خصوص نقطة جد مهمة في جدول أعمال المجلس وهي المصادقة على اتفاقية بين المجلس الجماعي والشركة النائلة لتدبير قطاع النظافة ozone،ولعل المتتبع لمسار العمل الجماعي بالخميسات لسنوات عديدة، يمكنه أن يقف على حقيقة مؤسفة وتتمثل في أن العمل الجماعي تحول إلى ساحة لصراع لوبيات العقار .. إن هذه الوضعية تقتضي وبشكل استعجالي من المؤسسة الحزبية بالمدينة، أن تقوم بضخ نخب جديدة خلال مستقبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة تتصف بحس مواطناتي عال، غير ذلك، فأبشركم باستمرار الوضع الحالي وقد يسوء إلى أن يشاء الله، وعلى المواطن من جهته أنيتحملكامل المسؤولية في اختيار المنتخبين على أسس الكفاءة والأمانة بعيداً عن منطق الزبونية والرشوة والولاءات العصبية والقبلية، وأي سلبية من طرفه سوف يتحمل تكلفتها باهظة. الاعلام المحلي بدوره معني بالانخراط الايجابي المتحرر من الاصطفافات السياسوية الضيقة، في دعم مختلف المبادرات الايجابية من أجل اشاعة ثقافة الأمل لانتشال المدينة من حالة الاحتباس التنموي . إن الوضع العام بالمدينة على مختلف المستويات لم يعد يغري أحداً بالاستقرار بالمدينة، لكن ينبغي الانتباه إلى أن هذه الأخيرة تنتمي إلى جهة الرباطسلاالقنيطرة، مما يجعلها تستحق كامل العناية والاهتمام في التوزيع العادل للإمكانات المادية والبشرية الكفيلة بالنهوض بأوضاعها التنموية، ولعل تعيين الوالي الجديد السيد محمد اليعقوبي المؤهل بحكم خبرته وكفاءته التي أبان عنها في تدبيره لجهة طنجة سابقاً، وحاليا لجهة الرباط كفيلة أن تنال المدينة حقها من التنمية في سياق تحقيق عدالة مجالية. إن الدافع لكتابة هذه المقالة، هو من أجل فتح نقاش عمومي بين مختلف الفاعلين في مجال التنمية المحلية بالمدينة، من أجل تقديم أجوبة جماعية قادرة على فك جزء من أعطاب التدبير المجلس الجماعي للخميسات، بعيداً عن منطق النيل من سمعة الأشخاص التي تستوجب منا كل التقدير والاحترام والايمان بالاختلاف، الأمر الذي لا يمنعنا تقييم أداء مسؤولية الأفراد على المهام التي أنيطت بهم، والتي تقتضي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وجعل الانتداب المحلي جزء من استحقاقات المواطنة الصادقة، وليس بوابة لتحقيق المصالح الشخصية المنفلتة من رقابة دولة الحق والقانون.