ليس من الغرابة أن تدعو أعلى سلطة في البلاد خلال هذه الفترة بالذات ،إلى ضخ دماء جديدة في مناصب المسؤوليات الحكومية والهيئات السياسية والاقتصادية. ليس فقط كما ذهب عدد من “الأحزاب السياسية والمحللين” إلى جعل التوترات داخل الأغلبية الحكومية وضعف الانسجام بينها هي سبب هاته الدعوة، ومن ثم إعادة ضبط التوازنات، ولكن الأمر يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، فهو مرتبط برؤية بعيدة وشمولية، منطلقها الحالة التي وصلت إليها البلاد على كافة المستويات والأصعدة، هذا ما يبرره الحديث عن محدودية النموذج التنموي الحالي والدعوة الملكية إلى تجديده، إذن المسألة مرتبطة أساسا بالتأسيس لمرحلة جديدة، تتطلب كفاءات وخبرات في مستواها، لتنزيل كل مضامينها وكل الأهداف المعلنة في خطاب ملك البلاد الأخير. فما هي المعايير التي ينبغي أن تتوفر في هذه الكفاءات؟ للحديث عن معايير ونوع الكفاءات التي دعا إليها ملك البلاد، من خلال خطاب العرش بمناسبة الذكرى 20، يمكن التركيز على عشر نقط، يمكن اعتبارها معايير أساسية، من الأهمية بمكان أن تتوفر في كل كفاءة في المرحلة المقبلة الجديدة وهي: 1- التحلي بروح المواطنة الفاعلة، وقيم المسؤولية وتكافؤ الفرص والتخليق، وجعل مصالح الوطن فوق المصالح الشخصية. 2- إعطاء نفس جديد لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الرفع من الخدمات العمومية المقدمة. 3- الاجتهاد والابتكار والابداع في التدبير العمومي، وتحسين جودة ومردودية الخدمات والمرافق. 4- إرجاع الثقة للمواطنين في المؤسسات والإدارات وتقويتها. 5- الانفتاح على الخبرات والتجارب الدولية، والاستفادة من إيجابيتها، والتشجيع على الاستمثار. 6- تكون قادرة على إعداد جيل جديد من المشاريع والمخططات، قوامها التكامل والانسجام والالتقائية. 7- تقديم اقتراحات بجودة عالية وبديلة، للرفع من الخدمات المقدمة وضمان نجاعتها. 8- التوفر الكاف على معايير الخبرة والتجرد والنزاهة. 9- الفهم العميق لمشاكل وهموم وانتظارات المواطنين، والتعامل معها بحكمة ومسؤولية. 10- الجرأة على تحمل المسؤولية، ومحاربة الفساد والقضاء على كل مظاهره. باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية