ها أنت قد حزمت الحقائب لشد الرحال صوب عالم جديد، قد سمعت عنه، وارتسمت في مخيلتك الكثير من الصور عنه. دع/ي تلك الصور والأفكار تتساقط، كما تتساقط الأعمدة الكهربائية خلفك، وأنت على متن الحافلة أو السيارة. إن رحلتك نحو الأفق، تحتاج بوصلة للخروج من مفازة التيه، ودونك بوصلات: البوصلة الأولى: لا تدع/ي جذوة الحماس تخبو لا تدع/ي جذوة الحماس والطموح تخبو، مهما عتت الرياح، كن أكيدا أن النجاح قائم على السقوط والنهوض، كذلك كنا جميعا قبل أن تشتد سواعدنا وسيقاننا، سقطنا كثيرا في سبيل أن نتعلم المشي، ويعضد ما سبق قول الشاعر: تريدين إدراك المعالي رخيصة ولابد دون الشهد من إبر النحل وقول آخر: إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام ضع/ي في حساباتك أن نظام التقويم في التعليم العالي له خصوصياته، لا تقلق/ي إن وجدت خلاف توقعك، وراهن/ي على أعلى المعدلات. وتوقع/ي أيضا الضائقة المالية، لذا أحسن/ي التدبير. البوصلة الثانية: لكل امرئ ما نوى يحمل الكثير منا صورا نمطية عن المدن الجامعية، خصوصا ما يتصل منها بملذات الحياة الجسدية والروحية، وهي صورة لا أساس لها إلا في مخيال من يروجونها، فأنت من يحدد موقعك، إن شئت الملذات انسقت وراءها، وإن شئت العلم ركبت صهوته، ولم تلتفت/ي لغيره، وقديما قال الشاعر: والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم كن سيد هواك، ولا تتبعه فيكون أمرك فرطا. البوصلة الثالثة: رفاق الأعالي اِختر لرحلتك ذوي الهمم، تشحذهم ويشحذونك، واعلم/ي أن اختيار “العشرة” لإحدى ركائز النجاح، فاختر من ذوي الهمم من لا يضيق صدره، لأن التواصل اليومي، والاحتكاك المباشر، غير اللقاء في المؤسسة أو الشارع، لذا أحسن/ ي اختيار صحبتك، واعلم أن الخلافات جزء من “العشرة” ينبغي تدبيرها ليسود فضاء التحصيل، تذكروا معي قول الشاعر: من استنام إلى الأشرار نام وفي قميصه منهم صل وثعبان البوصلة الرابعة: التكوين الذاتي إن سر النجاح في التعليم العالي يكمن في التكوين الذاتي، اِنسلخ من ذاك الشخص الذي كنته في الثانوي، غادره وشمر عن ساعد الجد، لن يعاتبك الأستاذ لأنك لم تكتب الدرس أو لأنك لم تأت، ولن تجد ذاك الأستاذ دائما رهن إشارتك… أنت أستاذ نفسك، لا بد لك من الاطلاع على المراجع، التي يضعها الدكاترة نصب عينيك من أول حصة، وهي فرصة لتكون ذاتك معرفيا ومنهجيا، زيادة على هذا اغتنمها فرصة لبناء مكتبة خاصة بك. البوصلة الخامسة: مشروعك الشخصي لا شك أنك ستبذل/ين جهدا عظيما لبلوغ مسعاك، حتى لا يذهب المجهود هباء، ضع مشروعا أمامك تشتغل به، فعلى سبيل المثال بعد أن تستأنس بعالمك الجديد، وتتضح لك زاوية النظر، كثف/ي مجهوداتك في مجال تجد/ين به ذاتك، ليكون قاعدة تبني/ن عليه بحث الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه. وقد لا يرتبط بالدراسة، فالأنترنت، على سبيل المثال، يتيح اليوم فرصا كبيرة لبناء المشروع الشخصي