عرى تقرير للمجلس الأعلى للحسابات عن الاختلالات والخروقات التي يعرفها صندوق الإيداع والتدبير، سواء على مستوى الوضعية المالية أو الاستثمارية أو الحكامة أو القانونية أو غيرها من القطاعات التي انخرط فيها الصندوق، الذي يجمع 143 من الشركات الفرعية والمساهمات سنة 2017. وكشف تقرير مجلس جطو حول “مراقبة تسيير مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير” عن ضعف وعدم انتظام الأرباح الناتجة عن المساهمات المالية على المستوى الدولي، علاوة على افتقار الصندوق لمجلس إدارة يحظى بكامل الاختصاصات ويعمل كهيئة فعلية تمتلك سلطات اتخاذ القرار والتدبير والمراقبة على مختلف المرافق التابعة له. ولاحظ التقرير وجود قصور في مواجهة نقط الضعف التي تطال الرقابة الداخلية للصندوق، وغياب منظومة تدبير المخاطر على مستوى المجموعة برمتها، علاوة على عدم إنجاز عملية الرصد المستمر للمخاطر والأنشطة على مستوى كافة مرافق المجموعة، و قصور على مستوى تدبير المخاطر المرتبطة بالأسواق المالية، لاسيما عدم تحيين دليل المساطر وغياب مساطر محددة لتقييم الوضعيات داخل السوق. تدهور مالي ومخاطر متصاعدة وسجل التقرير منحى تراجعيا لمردودية المساهمات المالية للصندوق منذ سنة 2008، قائلا “فقد انخفضت من 6,6 بالمائة سنة 2008 إلى 2,5 بالمائة سنة 2014 ثم إلى 5,6 بالمائة سنة 2015 وبصفة استثنائية، سجلت سنة 2011 عائدات تناهز 1,6 مليار درهم، مما أتاح إنجاز نسبة مردودية بلغت 5,8 بالمائة”. وأكد التقرير أن الصندوق يعرف تفاقما في وضع بعض المساهمات المالية، قائلا “فقد ارتفعت الاحتياطات المخصصة لتغطية الانخفاض في قيمة المساهمات المالية المباشرة لصندوق الإيداع والتدبير ما بين سنتي 2007 و2017 من 652 مليون درهم إلى 5.059 مليون درهم أي بنسبة زيادة بلغت 776 بالمائة”. وزاد “ويعزى هذا التدهور المستمر إلى تكلفة المخاطر التي بلغت سنة 2016 ما مجموعه 1,1 مليار درهم رغم الجهود المبذولة منذ سنة 2008 حيث كانت في مستوى 1,2 مليار درهم”. غياب رؤية إستراتيجية وأفاد التقرير أن الصندوق يعرف غياب رؤية إستراتيجية، قائلا “لا تنم القرارات المتعلقة بتنويع الأصول عبر شراء مساهمات مالية في الخارج عن رؤية إستراتيجية تأخذ بعين الاعتبار القيود التي تواجه الصندوق، خاصة في الشق المتعلق بتأمين أمواله، حيث لم يضع هذا الأخير بصورة مسبقة نموذجا ملائما لتدخلاته على مستوى السوق الدولية يقوم على أساس دراسات معمقة تراعي التوزيع الإجمالي لأصوله وقواعد احترازية للاستثمار”. ورصد التقرير تعرض كبير للمخاطر، مؤكدا أن الصندوق اتجه نحو الاستثمار في الأوراق المالية المدرجة بالبورصات العالمية على الرغم من افتقاره للخبرة في هذا المجال، حيث أقدم على تخصيص موارد مهمة لهذا الغرض دون الأخذ بالاحتياطات الضرورية لترشيد الاستثمارات ودون وضع للمبادئ الاحترازية المتعلقة بالتدبير المحكم لهذا الصنف من الاستثمارات”. ومن ضمن الاختلالات التي وقف عندها التقرير هي تفويت بعض المساهمات مع تسجيل خسائر، قائلا “تم تعويض الخسائر المتراكمة المسجلة من قبل شركتي “CMVT International” و”TCM” جزئيا عن طريق استرجاع بعض من الاحتياطات (reprises sur provisions) التي سجلت إثر تفويت بعض الأسهم والتي واكبتها في معظمها العديد من الخسائر”. مردودية منخفضة وخسائر مرتفعة ولاحظ التقرير أن “مجموع الخسائر المسجلة في عمليات التفويت على الصعيد الدولي بلغ عند نهاية سنة 2013، ما قدره 296,1 مليون درهم مقابل أرباح في الرأسمال قدرت ب 50,8 مليون درهم في يونيو 2010”. وأشار التقرير إلى أن العديد من الشركات سجلت عجزا في ناتجها الصافي، مما أدى إلى مراكمة خسائر مرتفعة، قائلا “بالتالي أثر سلبا على قدرة تمويلها الذاتي وعلى رأسمالها. كما أن عدم قدرة تغطية مواردها الثابتة لرساميلها المستثمرة دليل على عدم توازن وضعها المالي”. وفي ما يتعلق بالأداء السياحي للصندوق، قال التقرير إنه “في غياب آليات واضحة لتنزيل إستراتيجية وحكامة هذا النشاط، لوحظ انخفاض مردودية الاستثمارات المهمة التي تم رصدها، حيث مكن تحليل البيانات المالية لعينة من عشر شركات خلال الفترة الممتدة من سنة 2007 إلى سنة 2012 من تأكيد هذه الخلاصة. كما تعرف العديد من الشركات التابعة للصندوق، خاصة تلك التي تواجه صعوبات في خلق قيمة مضافة، مخاطر تهم استمرار نشاطها”. وأضاف “وبالنسبة للفنادق التي تم شراؤها من (أحد البنوك)، فإن الصندوق يواجه صعوبات في تقويم وضعيتها على الرغم من شروعه في تصفية وضعها العقاري وتسوية وضعيتها القانونية والمالية والاجتماعية، وكذا التدابير المنجرة لإعادة الهيكلة وتعبئة إمكانيات التمويل من خلال القروض التي حصلت عليها (19 قرضا بمبلغ إجمالي قدره 211 مليون درهم).