يجري الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في الأسبوع القادم مشاورات مع وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التشغيل و التكوين المهني، من أجل إعادة النظر في القانون الذي يفرض عليه إيداع احتياطياته التقنية لدى صندوق الإيداع و التدبير، بما يسمح بأن يدبرها على طريقة الصناديق الأخرى المتدخلة في مجال الاحتياط الاجتماعي. ففي الوقت الذي يؤاخذ المجلس الأعلى للحسابات على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عدم امتثاله للقانون، حين عمد إلى توظيف جزء من احتياطياته خارج صندوق الإيداع والتدبير، يحتج مسؤولو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتقرير لجنة تقصي الحقائق في 2001، الذي كان أكد على ضعف مردودية الاحتياطيات المودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير، حيث قدر حجم العوائد التي لا يستفيد منها الصندوق بملايير الدراهم. وقد لاحظ المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره الأخير، أن احتياطيات الصندوق في سنة 2008، بلغت حوالي 30.02 مليار درهم، 18.73 مليارا منها مودعة لدى صندوق الإيداع و التدبير، فيما تم إيداع 11.209 مليار درهم في صناديق توظيف مشتركة و2.10 مليار درهم على شكل ودائع لأجل و 785.59 مليار درهم احتفظ بها كأموال متوفرة في البنوك، غير أن المجلس شدد على أن الودائع والتوظيفات، التي تتم خارج صندوق الإيداع والتدبير، تخالف المقتضيات القانونية التي يسترشد بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. بل إن المجلس نبه إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لم يلجأ إلى تحويل فائضه إلى احتياطيات قانونية مودعة لدى صندوق الإيداع و التدبير. وقد لجأ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في سياق سياسته المالية للاستثمار، إلى توظيف أمواله خارج صندوق الإيداع والتدبير، وهي توظيفات يشدد على أنها بعيدة عن المضاربة التي تنطوي على مخاطر، حيث تنصب على سندات، لمدة خمس سنوات، ويؤكد على أن تلك التوظيفات، تتجاوز من حيث المردودية مستوى السوق المالي، مشيرا في ذات الوقت إلى أن تدبير تلك التوظيفات يتم من قبل مهنيين، متفاوض معهم حول تكاليف التدبير وحقوق الدخول والخروج، بل إن تلك التوظيفات تنجز بخصوصها تقارير وتراقب من قبل لجان الاستثمار، ناهيك عن أن الصندوق يتمتع بحق التحكيم بين مختلف المدبرين عند عرض النتائج بحثا عن تحسين المردودية. ويبدو أن الصندوق يحرص أكثر في تعاطيه مع الاحتياطيات على تحقيق مردودية أكبر، فمنذ 2008، بلغ معدل المردودية السنوية للأموال الموظفة خارج صندوق الإيداع والتدبير 3.93 في المائة، فيما لا تتعدى مردودية الاحتياطيات التقنية المودعة لدى صندوق الإيداع والتدبير 2.79 في المائة، أي بفارق يصل إلى 1.14 في المائة، ويشير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى أن القيمة المضافة للأموال الموظفة خارج صندوق الإيداع والتدبير، وصلت إلى 692.38 مليون درهم، بينما كانت ستصل تلك القيمة المضافة إلى 503.75 ملايين لو تم إيداعها لدى صندوق الإيداع والتدبير، أي بفارق 188.63 مليون درهم. ويشتكي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي- الذي حول 500 مليون درهم برسم السنة الماضية و1.4 مليار درهم في أبريل الماضي إلى صندوق الإيداع والتدبير- من ثقل الإكراه القانوني الذي يفرض عليه إيداع احتياطياته التقنية لدى صندوق الإيداع والتدبير، علما أن معدل المردودية الذي تحدده وزارة الاقتصاد والمالية بمعية وزارة التشغيل والتكوين المهني، لاعلاقة لها بحقيقة السوق المالية، بحيث يشكل الصندوق حالة خاصة، مقارنة بالصناديق الأخرى، خاصة النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد، التي تتصرف في أصولها المالية بحرية مع الخضوع للقواعد الاحترازية.