سجل تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم المخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية، أنه بالرغم من ارتفاع ميزانية المخطط ب230 في المائة، مقارنة مع الاعتمادات التي تم رصدها لهذا القطاع خلال الأربع سنوات التي سبقت هذه الفترة، غير أن الأداء يبقى ضعيفا سواء على مستوى الالتزام بالنفقات أو على مستوى معدل صرفها، مشيرا إلى أن ذلك يرجع بالخصوص إلى ضعف القدرات التدبيرية سواء من حيث تنفيذ المشاريع أو من حيث التدبير المالي والمحاسبي. وأوضح التقرير، أن” المخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية لم يحقق جميع أهدافه، كما أنه لم يكن له التأثير الإيجابي المتوقع على منظومة التربية باعتبار ان الوزارة المعنية، لم تعتمد بشكل كاف بعض المرتكزات اللازمة لإنجاح أي سياسة عمومية عند مراحل التخطيط والبرمجة والتنفيذ والحكامة”، لافتا إلى أن الأمر “يتعلق بضرورة القيام بتشخيص دقيق للوضعية الراهنة واتخاذ التدابير اللازمة قبل الشروع في تنفيذ أي برنامج، ثم تقييم المخاطر والتفكير في حلول بديلة، لاسيما فيما يتعلق بالقدرات التدبيرية لمختلف المتدخلين والشركاء في تنفيذه، وكذا وضع نظام معلوماتي مندمج للقيادة مع توفير الأدوات والأولويات التي من شأنها توضيح الرؤية حول تطور المنجزات مصحوبة بنظام ملائم للتقييم”. وأشار التقرير، إلى أن “التكلفة المالية الحقيقية للمخطط الاستعجالي تبقى تقريبية. حيث تم تقييمها من خلال اعتمادات الأداء المفتوحة في قوانين المالية وفي الميزانيات الخاصة بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين عن السنوات الممتدة من 2009 إلى2012 .وقد بلغ حجم الموارد المعبأة، بغض النظر عن كتلة الأجور، 43.12 مليار درهم تم الالتزام منها بمبلغ 35.05 مليار درهم، فيما وصلت الأداءات الفعلية إلى 25.15 مليار درهم أي بمعدل أداء قدره 58 .% وتبقى هذه النسبة أدنى من معدل تنفيذ الميزانيات القطاعية المسجلة على مستوى الميزانية العامة للدولة خلال نفس الفترة”.. وأضاف التقرير، أن ” النظام التعليمي لايزال يعاني من العديد من النقائص تهم على وجه الخصوص، نقص في الطاقة الاستعابية، حيث لاتزال الإنجازات المتعلقة بتوسيع العرض المدرسي غير كافية، فمن أصل 1164 مؤسسة المبرمجة ضمن أهداف المخطط الاستعجالي تم إنجاز 286 مؤسسة فقط، أي بمعدل انجاز لا يتجاوز 24.6 % أما فيما يتعلق بالهدف المتمثل في توسيع المؤسسات الموجودة، وذلك ببناء 7052حجرة درس جديدة، فإن الانجازات لم تتجاوز 4062 حجرة، أي بمعدل إنجاز في حدود 57.6 %”. وسجل قضاة جطو، عدم تغطية المخطط جميع الجماعات القروية بالإعداديات، حيث وضع الميثاق الوطني للتربية والتكوين من بين أهدافه توفير الإعداديات والداخليات بجميع الجماعات القروية وقد اعتمد المخطط الاستعجالي هذا التوجه ضمن اولوياته، لكن هذا الهدف لم يتحقق على أرض الواقع. فقد استقرت نسبة التغطية في في 66.5 في المائة، برسم 2016/2017، مقابل 52.8 في المائة في 2008/2009″. ولفت التقرير ذاته، أنه تم “استغلال مؤسسات تعليمية في وضعية متردية، إذ على الرغم من الوسائل المخصصة لإعادة تأهيل جميع المؤسسات التعليمية، يستمر النظام التعليمي، وإلى غاية الموسم الدراسي2016/2017 ،في استغلال 4376 مؤسسة لا تتوفر على شبكة للصرف الصحي، و3192 مؤسسة غير متصلة بشبكة المياه الصالحة للشرب، و681 مؤسسة غير مربوطة بشبكة الكهرباء، و9365 حجرة في وضعية متردية”. وفيما يتعلق بالرفع من جودة النظام التعليمي، سجل التقرير أنه “على الرغم من أهمية الميزانية المخصصة لذلك، تبرهن العديد من المؤشرات عن عدم تحقيق الأهداف المتوخاة، منها، تفاقم معدل الاكتظاظ حيث سجلت معدلاته، نسبا متفاوتة في السلك الابتدائي والسلك الإعدادي والسلك التأهيلي، وهي على التوالي 21.2 % و42 % و22.3% خلال الموسم الدراسي 2017/2016، مقابل 7.3 في المائة، و16.5 في المائة، و26.1 في المائة خلال السنة الدراسية 2008/2009 وتعتبر وضعية السلك الإعدادي مقلقة”. كما سجل مجلس جطو، “اللجوء إلى التوظيف بالتعاقد لتغطية الخصاص من المدرسين، فقد تجاوزت التوظيفات الفعلية التي تمت خلال فترة تنفيذ المخطط الايتعجالي الحاجيات الأصلية التي حددتها الوزارة، وبالتالي فإن الخصاص في هيأة التدريس يعد ظاهرة بنيوية في نظام التعليم. وقصد سد هذا الخصاص، تم توظيف 54927 مدرسا بالتعاقد خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2018 ،وإلحاقهم مباشرة بالأقسام الدراسية، دون الاستفادة من التكوين المطلوب مما قد يؤثر سلبا على جودة التعلمات”. وأورد التقرير ذاته، أن “جميع مشاريع القطب البيداغوجي، لم يتم تنفيذها حيث خصص المخطط الاستعجالي حوالي 12 مليار درهم لتنفيذ عشرة مشاريع ضمن القطب البيداغوجي. لكن وعلاوة على حجم النفقات الهامة التي صرفت، لم يتم استكمال جميع التدابير المرتبطة بمشاريع هذا القطب ويتعلق الأمر على الخصوص بالمناهج الدراسية، وإرساء نظام فعال للإعلام والتوجيه، ودعم التمكن من اللغات وتحسين النظام البيداغوجي. كما يلاحظ ان بعض المشاريع تم توقيفها بعد الشروع في تنفيذها وذلك بسبب غياب رؤية مندمجة الإصلاح المنشود” يقول التقرير. وخلص التقرير، أن “الهدر المدرسي، والذي يعزى لأسباب متعددة، لا يزال يشكل تحديا حقيقيا لنظامنا التعليمي لأجل تحسين مردوديته الداخلية، فرغم أن معدل الهدر سجل انخفاضا مهما ما بين 2008و2012 إلا أنه عاد ليسجل ارتفاعا خلال الموسم الدراسي 2016/2017 بعدد يناهز 279 ألف تلميذا”.