شدد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي، على أن عدالة الأحداث ليست عدالة زجرية ترمي إلى إلى العقاب والزجر، بقدر ما هي عدالة تربوية، مضيفا أن “قاضي الأحداث مربِّي ومعلم”. وأوصى عبد النبوي قضاة النيابة العامة المجتمعين في مراكش، في كلمته الافتتاحية للأيام الدراسية حول موضوع “تفعيل دور النيابة العامة في الحماية المدنية للطفل”، اليوم الاثنين، بممارسة عدالة الأحداث كمربين ينشدون المصالح الفضلى للمتعلمين، وتأطير عملهم القانوني بأحدث الطرق التربوية وأنجح النظريات البيداغوجية. وأكد على أن الأطفال الذين بين يديهم هم بمثابة أكبادهم، داعيا إلى الحفاظ عليها “إنها سريعة التلف”، على حد قوله. وقال عبد النبوي “تقول العرب: أطفالنا، أكبادنا تمشي على الأرض، إذا أكلوا شبعنا، وإذا شربوا روينا ظمأنا، إذا مرضوا اشتد سهرنا وأرقنا”، مضيفا “ومن منطلق هذه المقولة، أدعوكم لاستلهام دوركم كقضاة مكلفين بقضايا الطفولة، لِأُذَكِّرَكُم أن عدالة الأحداث ليست عدالة زجرية ترمي إلى العقاب والزجر وأن قاضي الأحداث ليس ميزاناً يَزِنُ الأخطاء والعثرات، ليستخلص الثَّمَن لصندوق مداخيل الدولة”. وأردف رئيس النيابة العامة “وأنتم تعلمون ذلك حق العلم، وتعونه حق الوعي، فقاضي الأحداث مربِّي ومعلم، لا يختلف دوره عن دور الأم والأب، ينشدان من معاملتهما لأبنائهما كل ما يقوي تربيتهم ويُقَوِّم اعوجاجهم ويصلح أحوالهم، ويعملان بصبر وثبات لإبلاغهم لبر الأمان في أحسن حلة من التربية وحسن الأخلاق، وتزويدهم بأفضل سبل العلم وأحسن قواعد التربية”. وأضاف “حتى إذا قسا الأب أو الأم على أبنائه، فإنما من أجل الحفاظ على مصالحهم وليس لعقابهم. وتكون قسوته لينة في حدود الإصلاح، لا محطمة لآمال الطفولة”. وأشار المتحدث إلى أن الأيام الدراسية المذكورة تنظم في ظرفية يعرف فيها المغرب إصلاحات جوهرية وهيكلية في مختلف الميادين، وسيما في مجال العدالة التي شهدت ميلاد سلطة قضائية مستقلة لأول مرة في تاريخ البلاد، مبرزا أن المرحلة تستدعي من قضاة النيابة العامة، التعبئة الشاملة للمساهمة في برامج إصلاح العدالة المختلفة. وشدد على أن القضاء مدعو لأن يكون في مستوى هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، عن طريق الارتقاء بخدماته إلى المستوى الذي يستجيب لانتظارات المواطنين. وأضاف أن الرهان معقود على قضاة النيابة العامة ليقوموا إلى جانب قضاة الأحكام بأدوار طلائعية، تجسد المغزى الحقيقي من وجود هذه المؤسسة، وتبلور تصوراً جديداً لمهامها، وذلك باستثمار جميع الصلاحيات التي يمنحها لها القانون، من أجل حماية الحقوق والحريات والذود عن مصالح المواطنين، لاسيما الفئات الهشة وعلى رأسها فئة الأطفال.