الهند بلدة ذات حضارة قديمة. يقول المؤرخون إن تاريخ حضارة الهند يمتد إلى ما قبل الميلاد بنحو أربعة آلاف سنة. وذلك بناء على المعلومات الحاصلة من حفريات هاربا وموهنجادارو (Harappa & Mohanjodaro). ومجاورة كيرالا من طريق البحر بالبلاد الخارجية – العربية والغربية – في جهتها الغربية أدت إلى تأثرات متتابعة، لذلك أن الأديان التي ظهرت في البلاد الخارجية من اليهودية والنصرانية والإسلام إنما دخلت كيرلا بواسطة هذه العلاقة البحرية التي كانت التجارة من أهم أغراض دخولها. إن تاريخ الروابط التجارية بين كيرلا والشرق يرجع إلى عهد سليمان عليه السلام (970 – 930 ق. م). إذ كان يجلب العاج والقرد والطاؤوس والصندل من ميناء أبوفير وترشيش المذكورتين في التورات. والمؤرخ الكبير الدكتور تاراتشند يرى أن أوفير هي ميناء بيفور القريبة من كاليكوت.[1] وصل الإسلام إلى كيرالا في عهد الرسالة النبوية وأنه بدأ نور الإسلام ينتشر في المناطق الساحلية في كيرالا في زمن النبي محمد صلى الله عيه وسلم ولو بصورة ضئيلة.[2] ومحور الخلاف هل كان انتشار الإسلام في كيرالا في ذلك العهد بواسطة وفود عربية جاءت إلى المنطقة أو بواسطة الجاليات العربية التي كانت قد استوطنت كيرالا منذ عهد قديم وسارعت إلى قبول الإسلام حينما علموا ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم أم كان انتشاره بسبب إسلام ملك من ملوك كيرالا الذي ذهب إلى مكة والتقى بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثم بعث جماعة عربية إلى كيرالا للدعوة الإسلامية.[3] إن تاريخ المدارس العربية في كيرالا قديم قدم تاريخ وصول الإسلام إليها. وهناك صلة وثيقة بين مجيئ المسلمين إلى هذه البقعة وتواجد المدارس الإسلامية فيها، لأنه كانت من عادة الفاتحين المسلمين أن يبنوا مساجد ومدارس حيثما وردوا ووصلوا. وكانت المساجد مدارس وجامعات ومكاتب إسلامية في أوّل الأمر لأنه تصدر منها الأوامر الإسلامية وترسل منها الوفود والجيوش وتعين منها العمال والولاة حتى الخلفاء. وإضافة إلى تلك المساجد، كان يتم بناء المدارس والتكايا والسرايا والخانقاهات أيضا في الأماكن المختلفة من المدن والقرى. هذه كلها مصادر للعلوم الإسلامية والعربية. جامعة كيرالا أسس الملك المشهور سري جترا ترونال بال راما ورما (Sri Chithira Thirunal Balarama Varma) بترووتانكور في عام 1937م (Travancore) جامعة ترووتانكور (University of Travancore) التي سميت بعد بجامعة كيرالا في ترووانتابورام (Thiruvananthapuram) عاصمة كيرالا. وهي أم الجامعات بكيرالا، هي مشهورة جدا ليس في الهند فحسب بل في العالم أجمع لمساهماتها ومجهوداتها القيمة في مجال العلم الفني والعلمي وغيرها من العلوم العصرية. ويندرج في هذه الجامعة عديد من الكليات الرسمية والخاصة. وأسست جامعة كاليكوت على منوال جامعة كيرالا. واهتمت هذه الجامعة بالعلوم القديمة والجديدة معا. قسم اللغة العربية أنشأ قسم اللغة العربية بجامعة كيرالا في 29/01/2001م في حرم جامعة كيرالا بكارياواتام. وبدأ التدريس في هذا القسم في العام الدراسي للجامعة 2001م، موفّرا لطلاب جامعة كيرالا في مرحلة الماجستير مجموعة من المقررات المتعلقة بالمناهج الحديثة وطرق التدريس الجديدة وتولى الدكتور عبيد الإشراف على القسم منذ التأسيس. ثم بدأ القسم في تقديم برامج الماجستير في الفلسفة في 2004م وذلك بمسارات المناهج وطرق التدريس العامة، ومناهج وطرق تدريس العلوم الأدبية واللغوية. كما تم اعتماد برامج دكتوراه الفلسفة في اللغة وآدابها (اللغة العربية) عام 2001م. وكان الرئيس الأوّل لهذا القسم هو الأستاذ الدكتور عبيد، الخريج من جامعة عليكراه. وفي سنة 2005م عينت الجامعة الدكتور نزار الدين كأستاذ مشارك. وهو الذي أبدع المناهج الجديدة والأعمال الأكادمية في هذا القسم. وبعد ذلك إنه تولى منصب الرئيس لهذا القسم. وذاع صيت هذا القسم في أنحاء العالم بمجهوداته القويمة. وهو الذي عقد المؤتمرين الكبيرين المشهورين الدوليين فضلا عن عدد كبير من المؤتمرات الصغيرة الدولية والوطنية. وعقد ندوة دولية مشهورة حول اللغة والتفسير وعلوم القرآن الكريم بتاريخ 29، 30 من أبريل و01 مايو عام 2010م، وعقد ندوة دولية أخرى مشهورة حول الحديث النبوي في 14 – 18 فبراير، 2012م. وعندئذ مثلت المواد الأدبية المقدمة فيه نواة أولية لمنظومة متكاملة قام بها قسم الأدب فيما بعد لأعمال هذا القسم. ثم عقد مؤتمرا دوليا سنويا بفضل الله سبحانه تعالى. وفي بعض الأوقات عقد القسم مؤتمرين في سنة واحدة. قد ناقش في هذه المؤتمرات موضوعات مهمة مختلفة متعلقة باللغة العربية وآدابها سيأتي بيانه فيما يلي. ولقد تحققت لهذا القسم الريادة في الدراسة الأدبية منذ البداية؛ حيث توفر له نخبة من أساتذة الأدب ومعلمي اللغة العربية والمترجمين داخل الهند وخارجها. وكثير من خريجي هذا القسم يعملون في المملكة العربية السعودية وفي الدول العربية الأخرى. وما زال يمارس دوره الريادي الذي تشهد له مخرجاته المتميزة في القطاع الأكاديمي، وفي مختلف المؤسسات الثقافية ذات العلاقة. نستطيع أن نقول إن قسم اللغة العربية ب 'جامعة كيرالا‘ في ولاية كيرالا بجنوب الهند، قد قام بنشر اللغة العربية وتقديمها للطلاب الناطقين بغيرها، ويعزز المعارف العميقة في المواضيع الإسلامية والثقافية عن طريق تطوير مهاراتهم اللغوية كتابة وخطابة. وعلى مدى عشر سنوات ماضية، قدّم هذا القسم خدماته الجليلة القيمة على مستوى عال وغير مسبوق لمثال، وبالتالي أثمر جيلا جديدا من العلماء الماهرين الخرّيجين. أسس القسم وبإمكانياته المتواضعة وبجهود استثنائية مكتبة خاصة به عام (2001م)، تضم الكثير من الكتب والمراجع والدوريات والرسائل الجامعية والعمل جاري حاليا لأرشفتها وتوثيقها ألكترونيا على الحاسوب. وقسم اللغة العربية من الأقسام الهامة في االجامعة، ويهدف إلى تعزيز مهارات التواصل والسلوك الأكاديمي لدى الطالبات، وذلك من خلال تحفيزهم على التفكير والتلقي. ويقوم القسم بتدريس جميع المقررات من خلال التركيز على المهارات الأكاديمية للغة العربية التي تقيس حاجات الطلاب على المستوى الجامعي فيكون التركيز على مهارات القراءة والكتابة ومهارات الاستماع والمحادثة بالاضافه إلى التركيز على تراكيب اللغة وقواعدها والتعبير الأكاديمي. وإنما نكتفي هنا بالإشارة إلى خاصية محددة تميزت بها الدراسة فى هذا القسم، وهي قيامها على نظام “الشهادات” بحيث تختص كل سنة من السنوات الأربع بدراسة مجموعة متكاملة من مواد التخصص والمواد المساعدة. والقصد الواضح هو أن تتكون لدى الطالب الذهنية التاريخية عن حقبة زمنية بعينها. فيلتحق الطالب بهذا القسم بعد أن يدرس دراسة بكالورية ثم ينتقل إلى دراسة الماجستير في الفسلفة ثم ينتهي بدراسة الدكتوراة. مجلة كيرالا قد بدأ القسم نشر هذه المجلة في 2010م ولكن توقفت لفترة بسبب الظروف الداخلية. وبفضل الله وكرمه استطاع القسم مواصلة إصدار مجلة محكمة أكادمية نصف سنوية (الرقم الدولي: 2277 – 2839) تحمل اسم 'مجلة كيرالا‘. وتقوم المجلة بنشر البحوث الأكادمية المحضة في شهر يناير – وشهر يوليو (كانون الثاني – تموز) باللغة العربية والإنجليزية. لقد حظيت المجلة برسائل الثناء والشكر والامتنان عن الأعال الهامة التي تبذلها المجلة من إثمار خطط الارتقاء. وأرجو أن أورد بعض السطور من إحدى الرسائل… وها هي: “لقد سررت بوجود مثل هذه المجلة في جامعة كيرالا بدولة الهند، وما كنت أظن أن للعربية مكاناً هناك، فأسأل الله تعالى أن يوفقكم لخدمة الإسلام والمسلمين من خلالها، وآمل منكم الاهتمام بالجانب الدعوي الموجه لغير المسلمين، فما أعظم الأجر لو أنشأتم لهذا الغرض مجلة أخرى متخصصة تنشر بحوثا ودراسات وتجارب قيمة لدعاة نجحوا في إسلام كثير من خلق الله! أذكركم فقط وأنتم على علم بلا شك بما خلفه الدكتور عبد الرحمن السميط من أثر في إفريقيا، فقد أسلم على يديه أكثر من 11 مليون شخص خلال 3 عقود من الزمن، قضاها داعياً إلى الله، يجوب الغابات والأدغال، ونعم الأثر والله. فقد رحل ولا زالت أعماله شاهدة عليه .فهلا فتحتم باباً جديداً في مسيرة العلم للإطلالة على جانب أغفله المسلمون كثيرا، وهو الدعوة المتخصصة في نشر الإسلام لغير المسلمين؟ آمل أن يتحقق مثل هذا الحلم، فأسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم وأن يوفقكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين. (عزيز التمساني، مدونة الباشق الإسامي للتعريف بالإسام) الندوات والمؤتمرات عقد القسم مؤتمرات دولية ووطنية متتالية حول الموضوعات المختلفة. قد أثرت هذه الندوات والمؤتمرات تأثيرا عميقا في المجال الأكادمي والثقافي والحضاري والسياسي. أسس الكونسليت الإماراتي بترفاندرام في 2016م حيث لبّى نداء مؤتمرنا الدولي حول العلاقات بين الهندوالولايات العربية المتحدة في سنة 2011م، وشارك السفير من الولايات العربية المتحدة إلى الهند في هذا المؤتمر وناقش مع الوزير الأعظم بولاية كيرالا (Oommen Chandy) فأعلن عن بدء الكونسليت الإماراتي في ترفاندرام – عاصمة كيرالا. أسماء المؤتمرات الدولية التي قام بعقدها قسم اللغة العربية منذ بدايته: 1. المؤتمر الدولي الأول حول القرآن الكريم، أبريل / مايو 2010م 2. المؤتمر الدولي الثاني حول العلاقات الهندية بالإمارات العربية المتحدة، 2011م 3. المؤتمر الدولي الثالث حول الحديث النبوي الشريف، فبراير 2012م 4. المؤتمر الدولي الرابع حول الربيع العربي، 2013م 5. المؤتمر الدولي الخامس حول اللغة العربية وآدابها بعد 1970م ، فبراير 2015م 6. المؤتمر الدولي السادس حول القرآن الكريم، أبريل 2015م 7. المؤتمر الدولي السابع حول نشأة وتطور أدب الأطفال في اللغة العربية، يناير 2016م 8. المؤتمر الدولي الثامن حول التعليم والأخلاق في ضوء رسائل النور لسعيد النورسي، فبراير 2016م 9. المؤتمر الدولي التاسع حول تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها: توقعات وتحديات، فبراير 2017م 10. المؤتمر الدولي التاسع حول مناهج تعليم اللغة العربية، فبراير 2018م وعلاوة على ذلك قد قام قسم اللغة العربية بعدة ندوات وطنية منها: 1. الندوة الوطنية حول تعليم اللغة العربية وأثره في الهند، فبراير 2006م 2. الندوة الوطنية حول العربية في النص الحديث والمعاصر والسياق 1798 – 2007م، مارس 2008م 3. الندوة الوطنية حول كتاب الإمام أبي الحسن علي الندوي “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين”، نومبر 2016م 4. الندوة الوطنية حول مساهمة علماء كيرالا في الشعر العربي، أكتوبر 2017م 5. الندوة الوطنية حول مساهمة الهند في الأدب العربي، نومفبر 2017م (التي قام بعقدها باحثو اللغة العربية) وقد تم طبع كتاب المؤتمر لسائر المؤتمرات والندوات لكي يستفيد منها الباحثون والدراسون والقارئون في اللغة العربية. هذه الفعاليات تساعد جامعة كيرالا في مبادراتها القيمة لنشر هذه اللغة المباركة في العالم. وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم هذا السعي المبارك. وأريد أن أشكر كل من ساعد لنجاح هذه الفعاليات المباركة في نشر اللغة العربية. تقبل الله منا هذه الأعمال كعمل صالح وجعله الله لنا كنزا عظيما في ميزان حسناتنا. والله هو المستعان. * رئيس قسم اللغة العربية، جامعة كيرالا، الهند المصادر 1. الشعر العربي في كيرالا مبدأه وتطوره: الدكتور ويران محي الدين، مكتبة عربنت، كاليكوت، 2003م. 2. الدكتور سي .ك . كريم : المجتمع الإسلامي وثقافتهم ، ص 28 (مليالم) 3. السيد سليمان الندوي : الملاحة العربية ، ص 43 (أردو) 4. http://www.keralauniversity.ac.in/history 5. http://www.keralauniversity.ac.in/dept/deptHome.php?deptID=25&mID=2