تعاني جل المناطق باقليم ميدلت هذه الايام من الفيضانات الناتجة عن الامطار الرعدية، وهو ما أدى الى انقطاع الطرق، والمعابر، وسقوط القناطر، والسدود المائية . وهذه الامطار بقدر ما هي صالحة للسقي والري الا أن ارتفاع منسوبها وقوة صبيبها يسببان خسائر فادحة في البنيات والاغراس والمحاصيل . وهذه الامطار الرعدية الموسمية عكس ما يعتقد الكثيرون تكون متوقعة عند أهل الاختصاص (الهيدرولوجيون) فالمعطيات في المحطات الهيدرولوجية تسجل دائما أن أعلى التساقطات في المناطق الجافة، والشبه الجافة تحصل خلال شهور شتنبر وغشت من كل سنة ،ولكن مع الاسف الشديد تبقى هذه المعطيات المهمة حبيسة الرفوف ولا تتم الاستعانة بهذه لسن خطة استباقية قد تفيد في تجنب عدة مخاطر،،وتقليص الاضرار. وما زاد من خطورة هذه الظواهر الطبيعية في الاونة الاخيرة هو التغيرات المناخية، واندثار الغابة، وتراجع الغطاء النباتي والرعي الجائر خاصة بجنوب-شرق الاطلس الكبير و المتوسط اللذان يعتبران خزانان للمياه)… فالجماعات المحلية والسلطات الوصية عليها غير قادرة على حلحلة المشاكل المعقدة الناتجة عن هذه الفيضانات لقلة الامكانات المادية واللوجيستيكية ، وتتدخل لترقيع الامور واسكات الساكنة المتضررة ولو الى حين. أماالاحواض المائية المتواجدة بالاقليم – حوض ملوية – حوض غريس زيز كير – حوض ام الربيع باعالي املشيل) فلا توجد مثل هذه السياسات في أجندتها اليومية وحتى السنوية، وشغلها المعتاد هو زجر مخالفات الماء، واستخلاص مداخيل الرمال، ورخص الابار يعني وببساطة القيام بدور الدركي النجيب بهذه الاعالي لحماية مصالح الفلاحين الكبار بالسهول ،وضمان تزويدهم بالماء الكافي لملء السدود الكبيرة لضمان ضخ الحياة في شرايين فلاحتهم العصرية المعدة للتصدير . ولا تلتفت ادارة هذه الاحواض الى معاناة ساكنة الجبال، وساكنة سفوح وضفاف الوديان، ولا يهمها احتجاجاتهم ومطالبهم بالتعويض عن الاضرار، وتتكىء على السلطات الاقليمية لحلحلة كل المشاكل . وبعد بيان فشل ادارة هذه الاحواض في تدبير أزمات الفيضانات بهذه المناطق فالامر بات يستدعي خلق المؤسسة العمومية للاحواض المائية بديلة لوكالة الاحواض المائية الحالية.التي لاتخدم الا مصالح السهول وفلاحة الفلاحين الكبار .وتكون المهمة الاساسية للمؤسسة هي تهيئة الاحواض المائية (تشجير+مكافحة التصحر، و التعرية والفيضانات) وبناء السدود التلية و الكبرى في اطار تنمية مندمجة للحوض المائي على صعيد التراب الوطني. وينبغي أيضا ادماج قطاعات الغابة، والتجهيز، والفلاحة في اطار السياسة المائية ككل لا يتجزأ ،فلا يمكن الفصل بينها لارتباطها العضوي، ولان الحلول الحقيقية تكمن في تفاعلها والتنسيق بينها. ولاستراتيجية هذا القطاع ينبغي أيضا ربطه بالقطاعات الاسترايجية للدولة وسياساتها على المدى البعيد. والمؤكد وحسب العديد من الباحثين أن بناء السدود لا يكفي لمواجهة التغيرات المناخية التي ستستفحل نتائجها السلبية في القادم من السنوات ،وعليه فلا مناص من تكثيف الدراسات الميدانية للخبراء في مجالات ذات الصلة بالماء (الهيدرولوجيا، الهيدروجيولوجيا، الهييدروليك، البيئة، الغابات، الايكولوجيا، الهندسة…) للخروج بحلول علمية قابلة للتطبيق تهدف الى تنمية مندمجة لكل حوض مائي.. ثم ان تأطير الساكنة والتحسيس باهمية التشجير، والحفاظ على البيئة ،وتكوين اجيال قادرة على مواجهة التغيرات المناخية بافكار و ابتكارات علمية عملية لمن شأنه مقاومة التغيرات المناخية . وخلاصة القول أن تدبير الاحواض من طرف الوكالات الموجودة حاليا باقليم ميدلت أبان عن فشل ذريع، فتدخلاتها محدودة جدا ولاترقى بتاتا الى مستوى تطلعات الساكنة المتضررة من آثار الفيضانات ،ولا تملك خطط عملية اجرائية مندمجة للمساهمة في تنمية الاحواض تنمية شاملة،ولا تسعى الى الحفاظ على مصالح الساكنة بالمنطقة بدعم المتضررين . وتتراجع الى الوراء تاركة رؤساء الجماعات الترابية ، ورجال السلظة بالاقليم يواجهون احتجاجات الساكنة المتضررة ويبحثون عن الحلول المستعجلة لفك العزلة في انتظار احصاء الخسائر التي تبقى في الغالب بدون تعويض…