أغلقت الحكومة الموريتانية مركز تكوين العلماء بعد ساعات من تطويق قوات الأمن لمقره المركزي في العاصمة نواكشوط، أمس الإثنين، فيما وصف العلامة محمد الحسن ولد الددو رئيس المركز، الإغلاق ب”القرار المفاجئ وغير المبرر”. ونقلت وسائل إعلام موريتانية عن مصادر في وزارة الشؤون الإسلامية، أن الأخيرة شرعت في تنفيذ إجراءات سحب ترخيص مركز تكوين العلماء الواقع في مقاطعة عرفات بولاية نواكشوط الجنوبية، فيما ندد عمدة البلدية بهذا القرار. وطوقت وحدة من الشرطة مقر المركز قبيل صلاة العصر وأغلقت الطرق المؤدية إليه، قبل أن تخرج حراس المركز وتمنع طلابه من دخوله، وفق ما ذكرته وكالة “الأخبار” الموريتانية”. الحسن ولد محمد، عمدة بلدية عرفات وزعيم المعارضة الموريتانية والقيادي بحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، اعتبر قرار إغلاق مركز تكوين العلماء بأنه “خطير وخاطئ وغير مبرر”. ودعا ولد محمد في تدوينة له، اطلعت عليها جريدة “العمق”، السلطات إلى التراجع عن هذا القرار والاعتذار للشعب الموريتاني وطلبة العلم الشرعي وللعلماء، وعلى رأسهم العلامة الشيخ محمد الحسن الددو. ويرأس مركز تكوين العلماء العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، وهو مؤسسة تعليمية شرعية أنشأها منذ 9 سنوات، وتعمل على تخريج العلماء عبر المزاوجة بين التعليم المحظري الموريتاني التقليدي واعتماد النصوص التي كان يدرسها، والتعليم النظامي الحديث. ولد الددو أوضح في تعليق له على الإغلاق، أن مركز تكوين العلماء بموريتانيا هو “مؤسسة علمية دعوية تعمل على نشر العلم الشرعي والعمل به، ولا علاقة لها بالخلافات السياسية”. واعتبر في تصريح لقناة الجزيرة مباشر، أن قرار إغلاق الشرطة للمركز “مفاجئ غير مبرر”، وأنهم “يكلون أمره إلى الله تعالى”، مشددا على انعدام أي مبرر أو أساس لمحاصرة المركز وسحب ترخيصه، وفق تعبيره. من جهتها، قالت إدارة مركز تكوين العلماء، إن المركز بعيد عن “أسباب تهديد الأمن العام أو خرق السكينة وإثارة الفوضى والبلبلة”، مؤكدة أن المركز “ساهم ويساهم في الأمن الحقيقي وفي تعزيز السلم المحلي والإقليمي والدولي”. ولفتت الإدارة إلى أنها “فوجئت بوصول وحدات من الشرطة لمقر المركز في وقت كان يستعد لاستقبال طلبة العلم بعد اكتمال مسابقة دخول العام الدراسي الجديد”، مطالبة بوقف الإجراءات المتخذة ضد المركز وإزالة أي أثر لها قد يشوش على بداية السنة الدراسية الجديدة. وأضاف المركز في بلاغ له، أن خريجيه لم تسجل على أي منهم “أي مخالفة شرعية أو خلقية أو انحراف أو تطرف”، مشيرا إلى أن ذلك “نتيجة طبيعية للمناهج العلمية التي يعتمدها المركز، ولجهود العلماء الربانيين الذي يتولون تقديم هذه المناهج”. وتابع البلاغ ذاته: “مؤسسة علمية أهلية، وعملها وهدفها علمي بحت، وليست طرفا في أي خلاف محلي أو دولي، ويعتمد منهج المحظرة الموريتانية بطبعتها الأصلية ويضفي عليها أبعادا عصرية، تضمن عدم اندراس المنهج المحظري، وعدم تقوقعه”. ويأتي قرار إغلاق المركز بعدما اتهم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في لقاء صحفي، يوم الخميس المنصرم، إسلاميي موريتانيا ب”احتكار الدين وتكفير الآخرين واعتماد دعاية دينية لكسب أصوات الناخبين”، وفق تعبيره. وهدد الرئيس الموريتاني باتخاذ إجراءات في حق “جماعات التيار الإسلامي”، كما هدد بحل حزب “تواصل” الذي حصل على المركز الثاني في الانتخابات الأخيرة.