خلف بياض البحر ترقبت صوت العصافير فاض الموج فراشات وضجر الماء من الألوان لا مهرب للرمل المرتبك تعثرتُ بتقاطيع الضوء وجذبتني مراكب الغرباء من يقظة الحكاية إلى هاوية السبات سألوني عن زهرة الريح وعن الأسماء المبعثرة كانت طلاسم الصور تتناثر وتمتد خراباَ ووعداً قالوا كيف ننجو ليس لنا سوى مصيدة مبتورة والطيور نوافذ ضريرة معقودة على سور المدينة وحده مقام الصبح ينبئ باللوز الأبيض في أعمق عزلة سوداء خرجتْ عيناي من أنفي وانتفض جناح العشب الجاف فوق أوصال الصمت ما تعلمت الكتابة أقدام القلم توسّدت حجر لم أتعلم يوماً القراءة قد ترهل المطر الكئيب وأغلقت الغابة الوعود من جبِّ العتمة الراقدة صوتاً مسمارياً يصيح أكتبْ الشفق العابر لا تتعجل الرحيل يلتوي عنقي قبل شفتاي قلتُ ما أنا بخاط لست سوى غريباً عابر جئتُ من خلف الخزامى ولا أعلم موعد القيامة وصلتُ في شتاء أعمى كان السواد يقشّر الساقية والعجوز يصرخ قلت لك أكتب اللوح البالي تختمر الصور فوق الحطب وماء الوعد يهزّ الأوراق ياقومي لست بكاتبٍ ما أنا سوى غريباً عابر كنتُ صغيراً هزيلاً مبتسماً حين كبرتُ أصبحتُ تلاً من عشبٍ كثير يرقص فوقه التائهون صرخوا بضُغاء أكتبْ ترتيل الغيم وصفحاته الحبلى ركلتُ بقدمي وحل الغرباء علا صوتي مرتجفاً لا أعرف الكتابة قبل أن تدنو العربة من زحام الغبار قضموا أصابعي وفقؤوا عيناي قالوا أكتب ضحكتُ .. قالوا مجنون لايمكنك الكتابة ولن تستطيع لأنك غريب عابر أصبحتَ ميتاً *كاتب وباحث فلسطيني مقيم في الدانمارك