شُيع اليوم الأحد بمدينة الدارالبيضاء، جثمان المغربي عز الدين سفيان، الذي ضحى بحياته دفاعا عن المصلين في مسجد بكندا، بعدما اخترقت جسده رصاصات غادرة في هجوم إرهابي استهدف المركز الثقافي الإسلامي في منطقة كيبيكبكندا. وشارك أقارب وأصدقاء الراحل في جنازته التي طغى عليها الحزن والدموع، وذلك بعدما وصل جثمان "شهيد مسجد كندا" إلى مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء، صباح اليوم، ليتم نقله إلى منزل عائلته بحي "عين الشق". الجنازة التي عرفت حضورا أمنيا، أذرفت فيها النساء الدموع على فراق عز الدين الذي كان أباً لجميع المسلمين في منطقة "كيبيك" بكندا، حسب تعبير أقاربه. وتحول سفيان عز الدين إلى أيقونة المسلمين في كندا، بعد تصديه البطولي للقاتل الذي هاجم مسجد المركز الإسلامي في ضاحية سانت فوي بكيبيك، والذي كان من نتائجه أن دفع حياته في سبيل حماية المصلين. عز الدين (57 سنة) مغربي مقيم بكندا، أصبح أشهر ضحايا الاعتداء الإرهابي، بعد أن كان يعتبر صاحب أول متجر لحوم حلال في المقاطعة، كما أنه شخصية جد معروفة في كيبيك، بمساعداته للمهاجرين، وانخراطه في الحملات الاجتماعية والمساهمة في حملات التبرعات للدول الإسلامية المحتاجة. شهادات الناجين من الهجوم على المسجد، أجمعت على أن عز الدين كان الوحيد من بين المصلين الذي حاول السيطرة على القاتل بالتدخل لوقفه إلا أن صدره اخترقه الرصاص ليسقط ضحية للحادث الإرهابي. وأوردت شبكة "سي إن إن" الأمريكية قصة عز الدين نقلا عن قريبة منه، أنه "تناول وجبة العشاء مع أسرته، والتحق بالمسجد لأجل تأدية صلاة العشاء، وكان المسجد غاصا في تلك اللحظة بالكثير من المصلين بينهم نساء ورجال، إذ كان المركز ينظم حملة تبرعات لصالح سكان غزة، وبعد صلاة العشاء، تفرّق عدد من المصلين، وبقيت فقط نسبة قليلة تحرص على أداء الشفع والوتر...". وأكد مصدر الشبكة أن "منفذ العملية أتى خلال أداء صلاة الشفع والوتر، ولو أتى مبكرا لكانت حصيلة القتلى أكبر، وبعد سماع صوت إطلاق النار، تشجع عز الدين وأخبر المصلين بأنه سيخرج لإيقاف مطلق النار ومنعه من قتل من كانوا داخل المسجد، فكان عز الدين أول القتلى وأكثر من استقبل صدره رصاص الجاني". وتحول متجر "السلام" للشهيد عز الدين، إلى مزار للمعزين من مختلف الجاليات في مقاطعة كيبك، إذ إنه كان محبوبا من لدن الجميع، وكان يقدم مثالا قويا على قدرة المسلم على الاندماج في وسط غربي والتعايش مع الآخرين. سفيان عز الدين، له ثلاثة أبناء، حاصل على شهادة الدكتواره في البيولوجيا، وصل إلى كندا قبل ثلاثة عقود تقريبا، وكشفت "نزهة أنكيلا" جارة وصديقة أسرة عز الدين أنه "كان يحسّ في أيامه الأخيرة، بأنه قد يموت شهيدا خاصة بعد سفره برفقة زوجته إلى العمرة قبل أسابيع". وأجمع سكان مقاطعة كيبيك في شهادات لهم على شبكات التواصل الاجتماعي أن عز الدين نموذج للمسلم الطيب الاجتماعي، ونقلت شبكة "سي إن إن" شهادات لجيران عز الدين من بينها ما كتبه شخص يدعى عمار على "فيسبوك"، أنه "كان رجلا جد لطيف، دائم البسمة. أؤكد أنه كان إنسانا رائعا محبوبا، يحب الجميع.. لا أستطيع وصفه بكلمات معدودات.. فدموعنا تقول كل شيء". وكتبت سيدة أخرى: "عز الدين إنسان لا ينسى، كلما تذكرت وجهه الكريم بكيت بحرقة. ألف رحمة يا سيدي الكريم.. كنت كلما ذهبت للشراء عنده، أقول لزوجي إنني أحس أن النور ينبثق من وجه هذا الرجل الكريم. أقسم أن وجهه كان فيه نور وهو في الدنيا"، فيما كتب حكيم: "ساعدني كثيرا عندما كنت أعدّ لعشاء للشباب المسلم في الجامعةّ. ووجهت السلطات الكندية للطالب ألكسندر بيسونت (27 عاما) المتهم الوحيد في حادث إطلاق الرصاص (خلف ستة قتلى) بالمسجد مساء الأحد، ست تهم بالقتل من الدرجة الأولى وخمس تهم بالشروع في القتل. وقالت الشرطة إنه "تصرف بمفرده".