لم تخيب قنوات القطب العمومي توقعات المشاهد المغربي، خلال شهر رمضان الكريم، حيث قدمت له وجبة من الأعمال الفنية التي استولت عليها الرداءة و الإسفاف، نال إعلامنا حيزا كبيرا من السخط من طرف جمهور السوشيال ميديا، حملوا مسؤولية ما يقع، للمشرفين على الشأنين الثقافي و الإعلامي بالبلد. إنها مهزلة إعلامية كاملة الأوصاف و جريمة مكتملة الأركان في حق الذوق العام، يراودك شعور بالنقمة و الحسرة على ما وصل إليه إعلامنا المغربي الذي يمول من جيوب الفقراء المثقوبة أصلا، و الذي يقدم لهم فنا لا يليق بهم. تتناسل و تنبث الإشهارات من كل حدب و صوب، وتتحول قواتنا المغربية العمومية، التي تتنافس على ضمان رمضان أحلى معها، بقدرة قادرٍ إلى ما يشبه البازارات، حيث تتم مداهمة المشاهد بخطاب التوسل و الترغيب بمختلف الطرق و ضروب الإقناع، إلى درجة التخمة، حتى الخطاب ألإشهاري لم يسلم من الرتابة أيضا، التي تطغى على مسلسلاتنا و أفلامنا. ما دون فترة الأذان التي تجلب الأنظار والأسماعَ، لا شيءَ يعجب جمهور المشاهدين و يثيره و يستفز شهيته، مواضيع تنهلُ من واقعٍ غير واقعنا المغربي، السخرية من البدوي، وتجسيد الصراع الأزلي و المتجاوز بين المرأة والرجل… و لغة تمتحُ من قاموس قريب من الانحطاط و بعيد عن السمو و الرقيّ. هل الساحة الفنية فاقدة لطاقات إبداعية، غير هذه التي نراها اليوم و رأيناها فيما مضى من الشهور والأعوام؟، وجوه راكمت الفشل عاما بعد عامٍ، كأنها "مكْتُوبة علينا"، نراها في السيتكومات، في الكاميرا الخفية، وفي أعمال سينمائية…حتى الملطقات الإشهارية التي تزين بها شوارعنا لم تسلم منهم. و نفس المنتجين والمخرجين نجدهم هنا و هناك، شيء مثير للريبة و الشك، و الصدفة بريئة من كل هذا. إن بعض الأعمال الفنية التي تبث طيلة شهر رمضان مسيئة لأرشيفنا الفني المغربي؛ في المسرح و السينما…، الذي صنعه جيل الرواد من المبدعين الذي كان إرضاء الجمهور قبل إرضاء الجيب هو مسعاهم، و يأسرك الحنين إلى تلك الفترات الزاهية، و ينتابكَ الأسى حين نشاهدُ هذا المسوخ الذي يداهم بيوتنا. غابت الجودة و حضر الابتذال، طريقة سخيفة في الإضحاك تتخذ من تشويه الملامح و " تِعواج الفم"، أعمال تنم عن خلل واضحٍ على مستوى الكتابة و الإخراج و التصويرِ، استخفاف صريح بذكاء وعقل المشاهد. إننا أمام منتج فني منافٍ لقيمنا و ثقافتنا المغربية الفريدة، يستشف المتتبع، أن هناك سعي مواصل للنزول بنا إلى القاعِ المزدحم، حيث التطبيع المباشر و الصريح مع الجريمة و التعايش مع العنف و تجميل الانحراف…فمن له المصلحة في السعي نحو "تكليخنا"؟. لنكن منصفين، حتى الرداءة الفنية التي تواجه بالشجب و الاستنكار من لدن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لها متابعوها و محبوها، الدليل هو نسبة المشاهدات التي تحققها على منصة اليوتوب و التي تعد بالآلاف وإن لم نقل بالملايين… أعيدوا لنا إعلامنا. *إطار تربوي