أسابيع على اتهام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2414 جبهة البوليساريو بخرق اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991، ومطالبتها بالانسحاب الفوري من المنطقة العازلة ، قامت جبهة البوليساريو يوم الأحد 20 ماي بمناورات عسكرية بمنطقة تفاريتي في تحد –جديد- للمنتظم الدولي وللمغرب تخليدا لما تسميه " الاحتفاء بالذكرى 45 اندلاع الكفاح المسلح". مناورات دفعت المغرب الاحتجاج – بقوة- لدى الأممالمتحدة على قيام البوليساريو تنظيم هاته التحركات العسكرية على منطقة عازلة رغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على اثر هذه التحركات الى التهدئة وضبط النفس،بل ان وقاحة البوليساريو ذهبت بعيدا باستقبال زعيم جبهة البوليساريو ابراهيم غالي إيدوين جورج ماندازا "سفير" زيمبابوي لدى جبهة البوليساريو على هامش هذه الاحتفالات في سياق إقليمي مضطرب ومتوتر. سياق تحركات البوليساريو بمنطقة تفاريتي: تزامنت التحركات العسكرية للبوليساريو مع قطع المغرب علاقاته مع ايران بعد تأكده من دعمها العسكري واللوجستيكي لميلشيات البوليساريو عن طريق حزب الله بواسطة جزائرية عبر المستشار الثقافي في سفارة إيران أمير موسوي المعروف بالإشراف على عملية تشييع بالعالم العربي وبشمال إفريقيا.وهو ما يعني ان التحركات العسكرية للبوليساريو بمنطقة تفاريتي في هذا الوقت بالذات ليست بالبريئة وتخدم اجندة خاجية معينة. الرد المغربي على تحركات البوليساريو: جاء الرد المغربي قويا في الرسالة التي وجهها للامين العام للأمم المتحدة مؤكدا فيها حرص المملكة الالتزام بقرارات هيئة الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ونهج الطرق الدبلوماسية اتجاه هاته التحركات العسكرية الاستفزازية، مع تحميل الجزائر المسؤولية الكاملة في ما يحدث مؤكدا ان المغرب سيرد على هذه التحركات بالقوة اللازمة وفي الوقت المناسب اذا ما استمرت ميليشيات البوليساريو – بدعم جزائري- ايراني- خرق مبادئ اتفاقية وقف إطلاق النار لسنة 1991 دون ان تتحمل القوى العظمى وهيئة الأممالمتحدة مسؤولياتها في ردع هاته الميلشيات . ونشير ان التحركات العسكرية لمليشيات البوليساريو تخدم أجندة جزائرية وتعيد كل شيئ الى الدرجة الصفر على المستوى الميداني شرق الجدار الأمني، بعد هدوء ساد المنطقة منذ القرار الأممي رقم 2414 الصادر يوم 27 أبريل الماضي. وقد كان المغرب واضحا وصارما في رسالته للامين العام للام المتحدة مؤكدا أن تحريك أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أيا كانت طبيعتها ، ل "البوليساريو" ، من مخيمات تندوف في الجزائر إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية تشكل "عملا مؤديا الى الحرب". الرد الاممي على التحركات العسكرية : مباشرة بعد تلقيه احتجاج المغرب حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مساء أمس السبت 19 ماي، من أي إجراء "من شأنه تغيير الوضع الراهن" بخصوص قضية الصحراء.وقال غوتيريس، حسب بيان للمتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، إنه "يتابع عن كثب تطورات الوضع في الصحراء".وأضاف البيان أن "الأمين العام، ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2414 المعتمد في 27 أبريل 2018، ومن أجل الحفاظ على مناخ ملائم لاستئناف الحوار تحت رعاية مبعوثه الشخصي، هورست كوهلر، يدعو إلى التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس" مع دعوته عدم المساس بأي إجراء من شأنه تغيير الوضع الراهن .لكن ما يؤخذ على الموقف الاممي هو عدم طرح البديل اذا ما استمرت ميلشيات البوليساريو في تحدي المجتمع الدولي والمس بسيادة المغرب ووحدته فهل ستتخذ الأممالمتحدة ومجلس الأمن في حق هاته الميلشيات إجراءات عملية للردع ام انها ستبقى في مستوى التنديد، خصوصا وان التحركات العسكرية هاته تمثل تطوراً خطيراً غير مسبوق يقتضي تدخلاً حازماً للأمم المتحدة، خصوصا أن القرار 2414 كان واضحاً في دعوة البوليساريو إلى عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها تغيير الوقع القائم في المنطقة أو زعزعة استقرارها. تداعيات التحركات العسكرية للميلشيات : برهنت الجزائر وتحركات البوليساريو بالمنطقة العازلة عجز البعثة الاممية المتواجدة بالمنطقة القيام بمهامها المنوطة بها وهي حفظ السلم والأمن بالمنطقة العازلة بعد خرق العناصر الانفصالية لاتفاقية وقف إطلاق النار المبرمة 1991 والتي كادت ان تدخل المنطقة في حرب مغربية – جزائرية من الأكيد انها ستكون لها تداعيات إقليمية ودولية على منطقية إستراتيجية للغرب، وهذا ما يفسر اليوم تقليص مدة البعثة الأممية لستة أشهر- لكن مع بعض المخاطر- بعد اقتناع مجلس الأمن والقوى العظمى بخطورة الوضع الأمني بمنطقة قابلة للانفجار في أي لحظة بسبب تهور عصابات تحميها الجزائر، وهو ما تضمنته الرسالة التي وجهها جلالة الملك الى السيد انطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، حول التطورات الخطيرة للغاية التي تشهدها المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية"شهر ابريل الماضي،والتي اكد فيها جلالته ، عن رفض المغرب الصارم والحازم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة".لكون هذه الأعمال "تشكل تهديدا لوقف إطلاق النار، وتنتهك القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة، وتقوض بشكل جدي العملية السياسية" محملا جلالته الجزائر كامل المسؤولية بكونها هي التي تمول، هي التي تحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي للبورليساريو". يتبين من تحركات ميليشيات البوليساريو بالمنطقة العازلة يوم الأحد 20 ماي 2018 انها خطوة خطيرة على مسلسل السلم والسلام بالمنطقة وتطلق آخر طلقة على مبادئء اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1991 وعلى عصابات البوليساريو والنظام الجزائري وأصدقاء المغرب وأعدائه ان يفهموا إن التزام المغرب بشروط وقف إطلاق النار -1991- لا يجب فهمه خوفا من احد او تنازلا عن حقوقه في كل أرجاء تلك المنطقة او تفريطا في أي شبر من أرضه المسترجعة ، بل ان المغرب كدولة مسؤولة يفضل الحكمة والتعقل والتريث قبل اتخاذ أي قرار للرد على هذه التحركات العسكرية، مفضلا ان تتحمل هيئة الأممالمتحدة مسؤوليتها في إرغام البوليساريو والجزائر احترام بنود الاتفاقية السابقة الذكر والانسحاب الفوري من المنطقة العازلة،والا فان المغرب يمكنه ان يلغي هذه الاتفاقية ويسترجع كل أراضيه الواقعة على الحدود الجزائرية المغربية بما فيها المنطقة العازلة بكل الوسائل لانه له قوة الشرعية وليس شرعية القوة. *أستاذ التعليم العالي جامعة محمد الخامس الرباط.