مريم بوجيتو ذات 19 سنة، فتاة مسلمة محجبة أثارت الجدل في فرنسا، بعد تترؤسها الاتحاد الوطني للطلبة فرنسا جامعة السوربون بباريس، حيث وجدت نفسها فجأة وسط هالة من الجدال والنقاش في وسائل الإعلام المختلفة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولت قصتها إلى قضية سياسية وثقافية خاض فيها حتى السياسيون والوزراء. تفجرت قصة مريم قبل أكثر من أسبوع بعد ظهورها في مقابلة على القناة التلفزيونية الفرنسية "أم6″، حيث تسببت في ردود فعل كثيرة، فبعض الفرنسيين لم يرق له رؤية فتاة مسلمة ترتدي الحجاب وهي تتحدث باسم نقابة طلابية على شاشة تلفزيون فرنسي، في حين رأى البعض الآخر أن الأمر لا يحتاج إلى بلبلة لكون الفتاة مندمجة في المجتمع الفرنسي واستطاعت بكفاءتها أن تترأس النقابة الطلابية. وظهور مريم بوجيتو على قناة "إم 6" الفرنسية في 12 ماي الماضي كان للحديث عن إصلاح جامعي تعارضه نقابتها "الاتحاد للوطني لطلبة فرنسا" المقربة إيديولوجيا من اليسار الفرنسي. إلا أن الحجاب الذي كان ترتديه والذي كان يغطي بشكل كامل جبينها وأذنيها ورقبتها هو الذي أثار الاهتمام حولها وأشعل فتيل الانتقادات بخصوصها. بوجيتو التي فضلت في البداية التزام الصمت حيال هذا الضجة، أدلت الأحد 20 ماي بتصريح إلى موقع "بوزفيد" الإخباري حيث دافعت عن حقها في ارتداء هذا الزي الإسلامي. وردت على تصريح وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب الذي عبّر عن صدمته في حديث إلى قناة "بي إف إم" الفرنسية، حيث قال بأنه "من الظاهر أنه هنالك معركة ثقافية في نهاية المطاف لدى بعض الشباب المسلم، فمن الواضح أن هنالك عددا من الأشخاص الذين عبر هذه الرموز يبحثون عن الاستفزاز". فقالت الطالبة الفرنسية "من المقرف أن يوجه وزير الداخلية خطابا مماثلا يتضمن كل هذا القدر من العنف، خاصة أن ارتدائي للحجاب لا يتسم بأي بعد سياسي، فهذا إيماني… أجد نفسي اليوم مضطرة لتبرير اختياري رغم أنني لست مجبرة على ذلك". وتضيف مريم بأن "ارتداء الحجاب كان اختياريا وعن قناعة دينية لكن في ظل احترام القانون واحترام الآخرين، وبالتالي فإن الجدل الذي أثاره لم يكن يستوجب النقاش أصلا". وزيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين الرجال والنساء مارلين شيابا عبّرت هي أيضا عن استيائها من ظهور رئيسة هذه النقابة الطلابية بالحجاب الإسلامي، معتبرة أنه تعبير عن "إسلام سياسي"، مضيفة بأن "نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا من المفروض أن تكون نقابة تقدمية ومدافعة عن حقوق المرأة في حين أن الحجاب يعد دليلا على سيطرة الدين… وأنه يعد شكلا من أشكال الترويج للإسلام السياسي…" في ردها على الوزيرة، قالت مريم بوجيتو "إن الأمر لا يتعلق بذلك أبدا… إنهم يفسرون الأمور من منظور يختلف حتى عن رؤيتي الخاصة… لا بد من توضيح ذلك…"فمفهوم الإسلام السياسي قد يتضمن عدة أشياء حتى تلك التي تفتقد للمعنى… ومن المؤسف أن تفسر نواياي بشكل مغاير… لم يكن حجابي أبدا في خدمة التوظيف السياسي…". كما نددت الطالبة بعدم التوافق المفترض بين ارتداء الحجاب والعلمانية. حيث قالت "حين أدافع عن الطالبات والطلبة لا أتساءل عن لون بشرتهم أو ميولهم الجنسية أو فلسفتهم في الحياة. أدافع عن كل النساء اللواتي يرتدين الحجاب أو لا، المسلمات أو غيرهن". وتأمل بوجيتو بعد هذا الجدل أن يحدث تغيير في الذهنيات "فيصير الناس أكثر تقبلا بأن تكون هنالك امرأة، مواطنة فرنسية، مسلمة، متحجبة، طالبة، وناشطة في خدمة الآخرين". نقابة الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا، كانت قد أعلنت عن مساندتها لمريم بوجيتو، وهذه الأخيرة صرحت بأنها لا تفكر أبدا في مغادرة هذه النقابة رغم المضايقات التي تعرضت لها، وقالت إنها تعتزم الالتحاق بالعمل الإنساني إثر إنهاء دراستها.