أذكى اقتراح فرنسي بحظر النقاب الجدل في أوروبا كما أثار ردود فعل قوية في شمال أفريقيا حيث جذور كثير من المسلمين في فرنسا. ولا تزال الجزائر والمغرب وتونس بصفتها مستعمرات فرنسية سابقة مرتبطة بفرنسا بالتاريخ واللغة والهجرة ومن ثم قد يكون لآراء الدول الثلاث في قضية النقاب تأثير مباشر على الطريقة التي سيتجاوب بها المسلمون في فرنسا مع الحظر. والناس في شمال أفريقيا منقسمون بين من يرون في الحظر المقترح في فرنسا والذي وافق مجلس النواب في بلجيكا على صيغة منه بالفعل هجوما على الإسلام وبين من أشادوا بأوروبا لدفاعها عن القيم العلمانية. ومع هذا يظل هناك شيء مشترك على الأقل بين بعض الناس على جانبي الجدل حول النقاب وهو القلق من أن الحديث عن حظر النقاب قد يستغل من قبل سياسيين عديمي الضمير ويزيد من حدة التوتر بين السلطات في أوروبا والطوائف الإسلامية هناك. قالت خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهي جماعة مستقلة بارزة في الدفاع عن حقوق الإنسان لرويترز " أعارض هذا الزي... ولكن ينبغي ألا نصدر قوانين ضده " . الجناح اليميني في فرنسا سيستفيد من هذا القانون أثناء الانتخابات عندما يتعين عليهم التعامل مع قضية وضع المسلمين في فرنسا ومحاولة الاستفادة منها لتجنب البطالة والفقر والعنصرية " . وأصبحت قضية النقاب في فرنسا وفي دول أخرى محور النقاش حول الإسلام والمجتمع الأوروبي . ووافق مجلس النواب البلجيكي في الشهر الماضي على مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه بالكامل في الأماكن العامة ولكن القانون لا يزال في حاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ. وتعتزم فرنسا التي تقطنها أكبر أقلية إسلامية في الاتحاد الأوروبي أن تطرح للنقاش مشروع قانون مماثل. ودافع سياسيون يتمتعون بنفوذ في النمسا وهولندا عن حظر ارتداء النقاب. ويرى البعض في شمال أفريقيا في هذه المناقشات دليلا على جهود عنصرية لطرد المسلمين من أوروبا. ووصف رجل الدين الجزائري عبد الفتاح زراوي المنتمي للتيار السلفي هذه الحملة بأنه حرب على "شعبنا" في أوروبا. وطالب صناع السياسة في الجزائر بمعاملة الأوروبيين بالمثل وفرض النقاب على الأوروبيات اللاتي يدخلن الجزائر. والنساء اللاتي يرتدين النقاب الذي يغطي وجه المرأة بالكامل في شمال أفريقيا أقلية صغيرة مثل أوروبا. ويرتدي كثير من النساء الحجاب الذي يغطي الرأس فقط وهناك أقلية كبيرة نسبيا سافرة. وترتدي فاطمة بوقطايا (32 عاما) التي تعيش في حي للعمال قريب من الرباط النقاب. وعند سؤالها عن الحظر الفرنسي المقترح قالت بأنه " قرار عنصري للقضاء على الإسلام " . وتساءلت " لماذا لم يصدروا قانونا ضد النساء اللاتي يعرضن أجسادهن في الأماكن العامة وأمام الكاميرات " . وتلعب دول شمال أفريقيا دورا في تشكيل الرأي العام لدى المسلمين في أوروبا لأن معظم المهاجرين الذين جاءوا أصلا من شمال أفريقيا يعودون عادة إلى المنطقة والمساجد التي يرتادونها في الخارج يديرها غالبا رجال دين تدربوا في الجزائر والمغرب وتونس . ويتعاطف كثير من العلمانيين في شمال أفريقيا مع التحركات الأوروبية لحظر النقاب إذ يرونها ترديدا لمخاوفهم من أن المتشددين الإسلاميين في بلادهم باتوا بالغي القوة والنفوذ . وقال عبد الغني منديب أستاذ الاجتماع وعلم السلالات البشرية بجامعة محمد الخامس في الرباط "من حق الغرب أن يحافظ على علمانيته " . وتابع قائلا " كمسلم مغربي أعارض النقاب ولا أرى أنه من الإسلام أو العفة في شيء " . ولا ترتدي راضية نصراوي محامية ونشطة في المعارضة في تونس الحجاب. وقالت " أعارض أي شيء ينتقص من الحرية الشخصية ولكن اعتقد أن التفسيرات الغربية في هذه الحالة (حظر النقاب) منطقية " . وتساءلت " كيف يمكن معرفة من الشخص الذي يرتدي النقاب " .