في حين تحاول العائلات الصحراوية أن تستقبل الشهر الفضيل عبر استحضار مجموعة من العادات التي ترسخ قيم التسامح و التضامن والتآزر في ما بين أفراد المجتمع، وتتجلى في تبادل التهاني والزيارات وصلة الرحم، واجتماع أفراد الاسر والعائلات…، تصر قناة العيون الجهوية كما العادة على تعكير صفو مشاهديها عبر التحضير لمجموعة من الاعمال الرمضانية الرديئة التي تصفها عبثا بالدرامية أو الكوميدية أو حتى الثقافية، والتي في حقيقة الامر ليست سوى أعمال تنكيدية، تبطل الصيام وتحبط الاجر ولربما تسبب الانهيارات العصبية لمن يحرصون على قيم مجتمعهم ويتمسكون بها. محتوى بعيد كل البعد عن الثقافة المحلية، وتفاصيل تضرب صميم قيم المجتمع الحساني المتمثلة في ما يعرف محليا ب"السحوة" أو الحشمة، والتي تفرض احترام أفراد الاسر لبعضهم البعض وتوقير الاكبر سنا، والابتعاد عن كل ما من شأنه المس من الذوق العام وطباع وعادات المجتمع. سيناريوهات تعيسة بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع الصحراوي ولغة هجينة لا هي بالحسانية ولا هي بالدارجة، ولكنة غريبة ومتصنعة لا علاقة لها بالمنطقة…، زيادة على برامج ثقافية ضعيفة المحتوى وركيكة اللغة، تسيء الى الثقافة الحسانية أكثر مما تضيف إليها… أما تقنيا فالارتجال هو سيد الموقف، بدأ من صفقات الاعمال التي تطبعها المحسوبية والزبونية، والتي تمرر للمقربين بدون إعلانات عروض أو حتى أبسط الشروط الضامنة لمبدأ التنافسية، ومرورا بمدة الاشتغال الوجيزة التي لا تسمح بإنتاج عمل يفترض أنه إبداعي بالاساس، وليس انتهاء عند الجانب التقني والفني الهزيل… ورغم المبالغ المالية الضخمة والتي تصل الى مئات الملايين في بعض الاعمال بحسب مجموعة من التسريبات، ففي كل مرة تطل علينا فضيحة أبطالها مجموعة ضيقة من مسئولي الشركة ومسئولي شركة إنتاج معروفة، حيث يتم التلاعب بالأرقام والمعطيات، كما يتم تبخيس عمل المبدعين المشاركين في تلك الاعمال، من ممثلين وتقنيين وحتى كتاب سيناريو…، عبر التفاهم معهم على رواتب ومستحقات مالية أقل بكثير مما هو مسجل في دفتر التحملات وفي الفواتير المسلمة لإدارة الشركة… واقع تعيس تهدر بسببه إمكانيات مالية ضخمة كان بالإمكان ان تصنع الكثير للنهوض بواقع صناعة محتوى التلفزيون الحساني، كما تضيع معه مواهب فنية معتبرة، حيث يضطر الكثير منها الى الاشتغال في مجالات أخرى لأجل ضمان مدخول مادي قار، كما يضطر بعضها الى الاعتزال بعد اكتشافه لتلاعب جهات معينة بحقوقه المالية، في حين يضطر أغلبية العاملين في هذا المجال الى مسايرة رداءة المحتوى المقدم من شركات الانتاج، ووعدم تضييع فرصة الاشتغال في أعمال موسمية ستغيب فرصها طيلة فصول السنة في انتظار موسم رمضاني آخر… ويبقى المشاهد الصحراوي حبيس خيارات محدودة، ما بين مادة سياسية تغلب عليها البروباغاندا والتعبئة (سواء في تلفزة العيون او في تلفزة البوليساريو)، وما بين مادة ثقافية رديئة تسد الشهية وتبطل الاجر…، لتبقى فقرة أذان المغرب بتوقيت مدينة العيون، وفقرة الوفايات في نهاية النشرات الاخبارية هما ما يشفع للقناة لدى ساكنة المدينة…