يجد حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة برئاسة سعد الدين العثماني، نفسه في موقف حرج بسبب القرار الذي اتخذته الحكومة السابقة برئاسة عبد الإله بنكيران، وهو القرار الذي يقضي برفع الدعم على المحروقات وتحرير القطاع دون اتخاذ إجراءات موازية تضمن للمستهلك استفادته من عملية التحرير عوض تضرره منها. وفي هذا السياق، أوضح مصدر أن البيجدي يتدارس على مستوى قيادته إيجاد صيغة ملائمة من أجل تجاوز تداعيات تحرير قطاع المحروقات، بما في ذلك إرجاع الدعم، "بعدما تبين أن الخطوة التي أقدم عليها الحزب في عهد حكومة بنكيران لم تتم وفق ضوابط تمكن من حماية المستهلك"، وفق تعبير المصدر ذاته. وأبرز المصدر ذاته أن حديث بلاغ الأمانة العامة الأخير لحزب العدالة والتنمية عن ضرورة تفاعل الحكومة السريع مع مخرجات تقرير اللجنة خصوصا فيما يتعلق بتسقيف مستوى ربح الشركات المتدخلة حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين؛ هو أمرٌ يعكس رغبة العدالة والتنمية في إيجاد صيغة تعيد الدعم للمحروقات. وشدد المصدر على أن القرار الذي اتخذه بنكيران جعل الحزب في ورطة بشأن التعامل مع ارتفاع الأسعار، وخاصة على مستوى المحروقات، حيث أضحى من الصعب الآن العودة إلى استعمال صندوق المقاصة الذي كان يكلّف خزينة الدولة ملايير الدراهم سنويا، وهو ما لا يمكن للدولة أن تقبل بعودة العمل به مجددا. واستبعد المصدر ذاته، لجوء الحكومة إلى صفقة تأمين تقلبات أسعار المحروقات (Hedging) نظرا لفشل الصفقة الأولى، بسبب عدم دراسة أسعار النفط بصورة دقيقة، مبرزا أن تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول أسعار المحروقات، كشف أن تحرير قطاع المحروقات تم دون استعداد فعلي، واتخاذ تدابير عملية من شأنها أن تقوي المراقبة على القطاع وتفعيل تنافسيته. إلى ذلك، قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إن الحكومة واعية بمشكل تداعيات تحرير أسعار المحروقات، وأنها عازمة على بلورة حلول عملية قريبا، بما يعزز ويأخذ بعين الاعتبار هموم المواطنات والمواطنين وقدرتهم الشرائية. وأكد العثماني، في كلمة له خلال افتتاحه الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي الذي انعقد اليوم الخميس بالرباط، أن الحكومة تتابع عن كثب عمل اللجنة الاستطلاعية حول تحرير المحروقات وإنها ستتخذ الإجراءات اللازمة والمناسبة بمجرد التوصل رسميا بالتقرير النهائي. وأضاف أن الحكومة تابعت الموضوع حتى قبل تشكيل اللجنة الاستطلاعية وتعكف على دراسة تطورات الملف، في أفق إيجاد حلول لمعالجة الإشكالات التي ترتبت عن تحرير القطاع. وذكر بأن الحكومة، التي أمدت اللجنة بالمعطيات اللازمة وتفاعلت مع أعضائها، ستتابع مجريات مصير التقرير إلى أن يمر بالجلسة العامة، مؤكدا التزام الحكومة بالتصدي للرفع في الأسعار أو احتكار المواد الاستهلاكية والتلاعب في جودتها، خلال شهر رمضان. وشدد في هذا الصدد، على أن "اهتمام الحكومة منصب على توفير المواد بطريقة سريعة وكافية وبجودة عالية وبأثمنة معقولة، وفق ما يسمح به منطق العرض والطلب، ولن يسمح بالتلاعب لا في الأسعار ولا في الكميات أو في جودتها". كما أكد العثماني حرص الحكومة على حماية القدرة الشرائية للمواطن، خلال شهر رمضان، مذكرا باعتماد آليات التتبع والتدخل مع إضافة آلية التبليغ عبر الرقم 5757، الذي يمنح الحق لأي مواطن وقف على اختلالات معينة، من غش أو احتكار أو غيرها أو ارتفاع غير منطقي للأسعار، أن يبلغ عن هذه التجاوزات. وأبرز رئيس الحكومة أن هذه الآلية الخاصة بالتفاعل المباشر والمستمر مع المواطن تمكن من رصد مختلف الخروقات، وإخبار السلطات الإقليمية ثم السلطات المحلية بشكل مباشر، ليتم تعيين لجن للتقصي في الأمر فورا، وفي عين المكان.