ناقش علماء وباحثون عرب موضوع "مركزية سيبويه في الثقافة العربية" في ندوة علمية دولية نظمتها شعبة اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان. وأشار رئيس شعبة اللغة العربية وآدابها بالكلية محمد الحافظ الروسي، في كلمته الافتتاحية إلى عدد من مناقب سيبويه ومكانته العلمية في الثقافة العربية، مع ذكر فضل كتابه وما لقيه من احتفاءِ العلماء به، وتفرغِ كثيرٍ من أهل العلم "لشرحه، وبيان ما فيه، وشرح مشكلاته، ونُكَته، وأبنيته، وشواهده، والاعتراض عليه، ورد تلك الاعتراضات حتى كان من ذلك نحوُ ستين كتابا"، مبينا أن ذلك كله مما جعل شعبة اللغة العربية وآدابها بالكلية تفكر في أن "تهدي لأهل العربية جملة أبحاث تتعلق بهذا الرجل الذي يعد من عباقرة البشرية". وأشاد رئيس اللجنة العلمية المنظمة للندوة عبد الرحمن بودرع، بكتاب سيبويه معددا مناقبه، قائلا إنه "كتاب انبثقت منه علومٌ كثيرة، وهو ما جعله "كتابا أَصْلاً يَسْتغني عن غيره من المصنَّفات ولا يُسْتغى عنه". وأشار إلى موضوعات ذات صلة بسيبويه ينبغي للباحثين أن يشتغلوا بها، وذكر منها بيان ما أخذه سيبويه ممن سَبَقه، وأثر سيبويه في اللاحقين، وسيبويه المفترى عليه. ونبَّه، في آخر كلمته، على أن من المقاصد الكبرى لهذه الندوة "إحياء ذكرى سيبويه والوفاء للغة العربية في هذا الظرف العصيب الذي تعاني فيه الأمّةُ مرارةَ محاولة إبادة هويتها". وناقش الباحثون محاور في مجموعة من الجلسات أهمها الشاهد القرائيّ في كتاب سيبويه قراءة في المنهج والتوظيف، ببيان اطلاع سيبويه على القراءات ومعرفته بها، فضلا عن العلوم الشرعية التي كان مشتغلا بها، فقد كان آخذا من كل علم بسبب. وتم تبيان منزلة القراءات في (الكتاب) وتنوعّها واحتواءَه على عدد من الشواهد القرآنية، وذكر أن منهج سيبويه في القراءات يأتي على صور منها: إبهام النسبة نحو: قرأ بعضهم، والنسبة إلى البلد نحو: أهل الحجاز، أهل المدينة، أو النسبة للقارئ مع تعيين اسمه، منبهّا إلى أمر مهمّ، كما تم التأكيد على أنه لا يرجع في ضبط مصطلحات سيبويه إلى المتأخرين، بل إلى ما اعتمده أهل عصره وقرّرُوه. وقد تم تصنيف مجالات استدلال سيبويه بالقراءات، وذكر منهجه في ذلك، مع الشرح والتمثيل، وكذلك حسر الخمار عن بعض مصطلحات سيبويه، والمراد من حكمه على آيات بنحو قوله: لغة جيدة، لغة قليلة، لغة رديئة، لغة ضعيفة، ونبه إلى أن سيبويه يقصد اللغة التي وردت عليها القراءةُ لا القراءة بعينها. وأصدرت الهيئة المنظمة للندوة الدولية توصيات في الجلسة الختامية، من أهمها العمل على إصدار البحوث التي قُدّمت للندوة في كتاب، وعقد ندوات أخرى حول سيبويه تتمحور كل ندوة منها حول جانب من الجوانب العلمية في الكتاب (الجانب الصوتي – القرائي – الدلالي – التداولي...، مع التفكير في وضع قاموس جديد للمصطلحات النحوية، يراعي فيه التعريف الاصطلاحي للمفاهيم الأساسية وبيان التطور التاريخي للمصطلح النحوي. بالإضافة إلى توجيه جهود الباحثين في كتاب سيبويه نحو تحقيق شروحه المخطوطة ونشرها، والتفكير في إنشاء مركز علمي دولي لخدمة كتاب سيبويه، يكون من مهامه: جمع كل ما كتب عن سيبويه شرحا له أو ترجمة أو دراسة عنه أو تحقيقا له، وضع دليل مفهرس لكل ما يتم تجميعُه عن سيبويه وكتابه، وترجمة ما كتب عن سيبويه باللغات الأجنبية.